شارك رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في القداس الذي أقامه “التيار الوطني الحر” لمناسبة ذكرى 13 تشرين في كنيسة السيدة في سيدني – استراليا.
ولبى رئيس القوات والنائب ستريدا جعجع دعوة راعي الابرشية المارونية في اوستراليا المطران انطوان شربل طربيه على الغداء التكريمي الذي أقامه على شرفهما بحيث استهل جعجع كلمته بشكر طربيه، قائلا: “أنا احب أن أنادي سيادتكم دوما “بونا طوني” كما عرفتكم منذ عشرات السنوات، واشكر كل شخص من الموجودين معنا اليوم وبالأخص الذين أتوا من أماكن بعيدة ليشاركونا اللقاء”.
وتطرق جعجع الى مصير المسيحيين المشرقيين، وقال: “نحن كمسيحيين مشرقيين من نحدد مصيرنا بانفسنا، فإذا تصرفنا جيدا يكون مصيرنا جيدا، والعكس صحيح، ان المعادلة بسيطة جدا، طبعا هناك أوضاع لبعض المسيحيين أصعب من أوضاع أخرى إنما لا شيء مستحيل”.
وانتقد “تلك النغمة المنتشرة في الشرق وحتى في لبنان عن أن لا علاقة للمسيحيين بما يحصل في الشرق فيرددون “فلنبق خارج الصراع السني-الشيعي في المنطقة”، وقال: “هذا غير صحيح، ربما هناك بعد سني-شيعي لما يحصل في الشرق، ولكن هذا الصراع له ابعاد كثيرة يجب ان نأخذها بعين الاعتبار، ونحن كمسيحيين في الشرق عندما نستسلم ولا نقوم بدور معين نفقد كل وجودنا”.
واعتبر ان “نظرية حلف الأقليات هي نظرية خاطئة”، مناشدا المسيحيين المشرقيين “اتخاذ موقف مع او ضد الأحداث التي تجرى في منطقتهم من منطلق أخلاقي ومبدئي منها we have to stand for something ، فمن الخطايا الكبيرة التي نرتكبها في الشرق أننا نعتقد انه بانسحابنا وتقوقعنا داخل الصدفة الخاصة بنا سنكون بمأمن عما يجري ولكن هذا تفكير خاطىء، ربما قد نتعذب اذا اتخذنا مواقف داعمة لاتجاهات معينة ولكن هذه الطريقة الوحيدة للحفاظ على وجودنا، باعتبار ان الانسان الذي لا فائدة له في المجتمعات التي يعيش فيها ليس مقيدا له الاستمرار”.
ودعا المسيحيين المشرقيين الى “الوقوف مع شيء محدد”، متوجها إليهم: “نحن لا نريد حماية من أحد، فلا فلان ولا علان يحمينا. لا ننتظر ديكتاتورا أو نظاما جائرا لحمايتنا، وإلا لماذا نعيش اذا لم يكن لحياتنا معنى ندعم فيها الحرية والديموقراطية وقضية حقوق الانسان وتطوره في مجتمع يراعي وجوده؟ صلب وجودنا في هذا الشرق هو لكي نحمل رسالة معينة ليست الانكفاء على الاطلاق كما حاول البعض تصويرها بأنه يجب أن ننكفىء عن هذا الصراع الدائر، بل يجب ان نكون في صلبه بأبعاده الانسانية، فإما أن نكون مع نظام ديموقراطي أو لا. لا يمكننا ان نكون مع الديموقراطية في الغرب ومع الديكتاتورية في الشرق، فحين نلتم ونتوحد حول موقفنا يصبح لدينا الحضور والوجود، وبالطبع صاحب الموقف سيكون عليه تكلفة كبيرة ولكنها ستكون بهدف الوجود والاستمرارية”.
ولفت الى ان “المسيحيين في لبنان كانوا يملكون دوما موقفا من كل شيء، لذا استمروا موجودين، وديكارت كان يقول: “انا افكر اذا انا موجود”، وفي ما يتعلق بالمجتمعات التي ما زالت موجودة في التاريخ تصبح هذه المقولة: “أنا أملك موقفا اذا أنا موجودة”.
وفي موضوع النازحين السوريين، قال: “منذ بداية الأزمة السورية، لامونا كثيرا على موقفنا الانساني الذي اتخذناه، والذي سنتخذه مجددا لو أعاد التاريخ نفسه، لم يكن بوسعنا إلا استقبال الناس الهاربين من العراق او من سوريا، فهذه المبادىء الانسانية يجب ألا نسمح لأحد بالتلاعب بها، ولكن الآن الوضع تغير، فقد ازداد الحمل على لبنان بعد سبع سنوات من استقباله ثلث عدد سكانه تقريبا من النازحين، وعدا عن العبء الاقتصادي وتدهور البنى التحتية بدأت تظهر عوامل أمنية واجتماعية ديموغرافية وسواها، وبدأ التشنج يزداد بين الشعب اللبناني ككل من مسيحيين ومسلمين وبين النازحين، بغض النظر عما اذا كانوا معارضة أو موالاة، مع الاشارة الى انه بات هناك في سوريا مناطق آمنة ومن الضرورة ان يعود النازحون اليها لأنها ستكون بالنسبة لهم اقرب الى قراهم، وهي في الأساس أرضهم، فماذا سيستفيد النازحون من بلد كلبنان اذا انهار تحت عبء النزوح ووطأة هذه الأزمة؟ حان للحكومة ان تتخذ قرارا في شأن عودة النازحين لأنه قرار سيادي قبل أي شيء آخر، ويجب ان تقوم بالترتيبات المطلوبة لاعادتهم الى بلدهم”.
وتابع: “يمكننا ان نتغنى بالديموقراطية والتعايش المسيحي-الاسلامي في لبنان بقدر ما نشاء ولكن إن لم يكن هناك وجود فعلي للدولة، كل هذا الكلام لن يكون له ترجمة فعلية على ارض الواقع، فقيام الدولة له منطق معين لا يحتمل التأويل ولا الإشراك، لا يوجد نصف دولة، إما دولة موجودة او لا دولة، وأولى مقومات قيام الدولة هو ان يكون القرار الاستراتيجي في يدها بالإضافة الى حصرية استعمال السلاح، وهذان الشرطان غير متوفرين في لبنان للأسف، فالبعض يعتقد اننا نطرح هذه الأمور انطلاقا من “ضيقة عين”، ولكن الامر ليس كذلك فالقصة هي قصة منطق، إذا اردنا دولة في لبنان يجب ان نذهب في هذا الاتجاه وإلا لن تقوم الدولة”.
واشار الى ان “لبنان موجود في عين العاصفة بسبب قرارات واعمال قام بها فريق معين دون موافقة أكثرية الشعب، ومنطق الدولة يقوم بوجود قانون واحد ينطبق على الجميع ولكن للأسف حتى الآن هذا القانون غير موجود في لبنان، لذا يجب ان نضع ايدينا مع بعضنا البعض ليس ضد أحد بل انتصارا لمنطق قيام الدولة، فإما نريد دولة او لا نريد”.
وفي موضوع الانتخابات النيابية المقبلة، لفت الى ان “لبنان يتمتع بديموقراطية فعلية، فاذا قرر 51% من الشعب تغيير الطبقة السياسية حكما سوف تتغير، والأمور قابلة للتغيير جديا ولكن يجب على الناس ممارسة حقوقها في هذا التغيير. كثر يشتكون من بعض الأمور وعن حق ولكن هذا وحده لا يكفي، فالمفتاح بيد الناخبين من خلال التوجه الى صناديق الاقتراع والتصويت لمن يرونه مناسبا. لا يمكن للناخبين الاشتكاء من الفساد والمشاكل التي يعانون منها لمدة اربع سنوات ليعودوا وينتخبوا الأشخاص الذين هم سبب كل هذا الفساد، فهذا امر غير منطقي، وبالتالي يجب ان نحث كل اللبنانيين المغتربين ولا سيما هنا في استراليا، على التسجيل اذ بات بإمكانهم التصويت من هنا من دون تكبد عناء السفر”.
وختم جعجع: “لبنان بلد عظيم، وشعبه عظيم، لديه طاقة بشرية لا احد يعرف قيمتها، نحن قادرون على التغيير عبر عملية انتخابية بسيطة، لننقل بلدنا الى مكان أفضل كما نحلم ونرغب ان يكون”.
وكان جعجع التقى رؤساء الطوائف والكنائس المشرقية في استراليا ضمن لقاء جامع يحصل للمرة الأولى مع شخصية سياسية لبنانية.