إستقبل الرئيس نجيب ميقاتي سفير جمهورية مصر العربية في لبنان نزيه النجاري قبل ظهر اليوم في مكتبه، وعرض معه العلاقات الثنائية بين البلدين والوضع في المنطقة.
من جهة أخرى، تحدث ميقاتي عن مناقشات جلسة مجلس النواب، خلال رعايته حفل افتتاح “المؤتمر الدولي حول البحث العملي ودوره في التنمية المستدامة للمجتمعات”، في طرابلس، فقال: “ليس سرا على أحد أن الدولة في حاجة إلى موارد مالية إضافية، ليس فقط من أجل دفع سلسلة الرتب والرواتب بل لسد العجز المتنامي في الميزانية العامة وهذا أمر طبيعي. ولكنني تحفظت على الضرائب والرسوم التي تم فرضها لأنني أعتبر أن ما تقوم به الدولة والحكومة بشكل خاص، هو أعمال ارتجالية، بعيدا عن نظرة شاملة ورؤية واضحة للمستقبل”.
أضاف: “لقد تقدمت، كما عدد من الزملاء النواب، بعدة اقتراحات قوانين لتعديل بعض البنود في قانون سلسلة الرتب والرواتب، خاصة في ما يتعلق بأساتذة الجامعة اللبنانية والقضاة والعسكريين، وتحقيق المساواة بين الاسلاك العسكرية والتربوية والإدارية. كما طالبت بتقديم صورة شاملة ومتكاملة بكل الاحتياجات والمبالغ المطلوب تأمينها، ولكن حتى الآن لم نسمع جوابا واضحا حول كلفة هذه السلسلة، بينما نرى اقرار المزيد من الضرائب، من دون أن نعلم الأثر الضريبي على الموازنة، او الموارد الضرورية لها. نحن نطالب بأن تكون الضرائب أكثر عدالة، وتكون محفزة لتنمية الاقتصاد، لا ان تكون عائقا أمام نموه وتطوره”.
وتطرق الرئيس ميقاتي الى موضوع المؤتمر، فقال: “منذ دخولي العمل العام، ايقنت ان المدماك الأول للبناء هو العلم. فكان اتفاقنا الأول مع الجامعة اللبنانية من أجل إنشاء مركز العزم لأبحاث البيوتكنولوجيا. وقد أثبت هذا المركز خلال السنوات الماضية، وجوده في المدينة، وأصبح مرجعا على صعيد كل الجامعات، وحضوره فاعلا في كل أبحاثها. كما تضمن اتفاقنا مع الجامعة اللبنانية إرسال بعثة كل سنة إلى الخارج للتخصص ونيل شهادة الدكتوراه، وقد أرسلنا خلال السنوات العشر الماضية أكثر من مئة وخمسين طالبا حازوا شهادة الدكتوراه. أقول هذا الكلام ليكون عبرة للمستقبل”.
أضاف: “ثم كانت المدرسة ومجمع العزم التربوي التي نالت كل الشهادات اللازمة للجودة، وهي تفتخر أيضا، بطاقمها التعليمي وطلابها. ونحن في هذا المساء أردنا أن يكون معنا طالب نفتخر به، عنيت به الطالب محمد المير الذي أتمنى أن تشاركوني التهنئة القلبية له، لما حققه على الصعيد العالمي. كما اننا أكملنا المسيرة بمعهد العزم الفني، والذي حاز ايضا على شهادات تقدير في التعليم المهني. ثم انتقلنا إلى جامعة العزم التي نبنيها خطوة خطوة. وإنني على يقين بأن هذا الصرح التربوي سيكون مرجعا، خصوصا أننا أضفنا اليه ثلاثة اختصاصات علمية لكي ننطلق منها إلى مركز أبحاث للتنمية المستدامة. وسأعرض ذلك على الجامعة اللبنانية لكي نكون شركاء معها ومع اية جامعة اخرى ترغب في التعاون معنا”.
وقال: “يجب ان نعطي قيمة أكبر للبحث العلمي وهذا ليس صعبا، فنحن نرى ما حصل في ماليزيا وأندونيسيا وتركيا، حيث تقدمت الأبحاث في هذه البلدان خلال فترة قصيرة. المهم أن توجد النية، وأن نبدأ العمل الجدي، خاصة أن لدينا اكبر الإمكانات والطاقات على صعيد الجامعات والمعاهد والطاقات البشرية من الأساتذة المتخصصين”.
أضاف: “أمر آخر اردت التحدث عنه وهو يتعلق باللغة العربية، إذ نرى ان كل الأبحاث تقدم اليوم باللغات الأجنبية، علما أن من يتخلى عن لغته يتخلى عن أصوله وتقاليده وتراثه وتاريخه. من هنا، فإننا في مراكزنا العلمية سنخصص حيزا مهما لمن سيقدم أبحاثه باللغة العربية، وفي مرحلة أولية ربما يكتفى بترجمة هذه الأبحاث الأجنبية إلى اللغة العربية”.
وكان “المؤتمر الدولي حول البحث العملي ودوره في التنمية المستدامة للمجتمعات” الذي ينظمه قطاع العزم للأساتذة الجامعيين، بالتعاون مع جامعة العزم، وواحة العلوم والتكنولوجيا في لبنان، عقد في فندق “كواليتي إن” بطرابلس، في حضور مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار، الدكتور مصطفى الحلوة ممثلا النائب محمد الصفدي، الوزير السابق عمر مسقاوي، سعد الدين فاخوري ممثلا الوزير السابق أشرف ريفي، أمين الفتوى في طرابلس والشمال الشيخ محمد إمام، رئيس اتحاد بلديات الفيحاء أحمد قمر الدين، رئيس بلدية الميناء عبد القادر علم الدين، رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس والشمال توفيق دبوسي، نقيب أطباء طرابلس عمر عياش، نقيب مهندسي طرابلس بسام زيادة، وحشد من رؤساء الجامعات وعمداء الكليات والأساتذة ورؤساء الجمعيات، والفاعليات الدينية والثقافية.
بداية، تحدث منسق المؤتمر الدكتور علي هرموش، فأشار إلى أنه “تم تنظيم هذا الحدث ليكون فضاء عربيا ودوليا يبتعد في طبيعته عن المؤتمرات واللقاءات التقليدية، حيث يعنى بجمع المسؤولين والشخصيات المعنية بالتعليم والبحث والصناعة والزراعة والتخطيط والاقتصاد والجامعات والمؤسسات التدريبية والبحثية والشركات والمؤسسات الإنتاجية والخدمية في دول شرق المتوسط والشرق الأدنى في محفل علمي- اقتصادي، يوفر مناخا مناسبا للتقارب والتعاون والتكامل، ويمكن من خلق آليات مناسبة لربط برامج الدراسات العليا ومشاريع البحث العلمي التي تجرى في الجامعات ومراكز البحوث العربية بحاجات المجتمعات العربية وبخططها التنموية”.
وألقى رئيس أمناء جامعة العزم، رئيس المؤتمر الدكتور عبد الإله ميقاتي كلمة أكد خلالها أن “المحور الأساس في التنمية المستدامة هو التعليم، وتحديدا، الأبحاث العلمية النافعة القابلة للتطبيق العملي من خلال شركات ناشئة تسهم في رفد الاقتصاد الوطني بمنتج جديد نافع، وفسح المجال بفتح فرص عمل جديدة”.
وقال: “هذا يشكل اليوم عصب النهوض الاقتصادي المستدام في الغرب. وهنا يمكننا القول بأنه مع تراجع فرص العمل الذي تسبب به التطور التكنولوجي في بعض المجالات بسبب أتمتة نظم التحكم، وإدخال الرجل الآلي في بعض الصناعات وما إلى ذلك، فإن النهضة العلمية فتحت الآفاق أمام الشركات الناشئة القائمة على الاقتصاد الرقمي والبرمجيات والتطبيقات الرقمية المستحدثة وغيرها. وهذه النهضة العلمية تفتح الباب أيضا أمام فرص عمل جديدة ينبغي أن يتماشى معها نظامنا التعليمي الجديد”.
وألقى رئيس اتحاد الجامعات العربية سلطان أبو عرابي كلمة، لفت فيها إلى أهمية التعليم في التاريخ العربي والى دور الجامعات العربية منذ فجر التاريخ حتى اليوم، مشيرا إلى أنه “منذ بداية التسعينات بدأت خصخصة الجامعات في الدول العربية”.
وأشار أبوعرابي إلى أن “ما تصرفه الدول العربية على البحث العلمي لا تتجاوز نسبته صفر فاصلة خمسة في المئة من الدخل القومي، وأن الباحثين في الدول العربي لا يتجاوز الـ500 باحث في كل الوطن العربي”.
وشدد عضو البرلمان التركي البروفسور ياسين أقطاي في كلمته على ان “اكثر الدول المتقدمة في العالم المعاصر هي التي تولي اهتماما للبحث العلمي”، مشيرا إلى أن “حجم الإنفاق على البحث العلمي في بلادنا لا زال متواضعا”، مقارنا في هذا المجال بين الدول العربية ونظيراتها الغربية. ونوه “بالتجربة التركية في عهد حزب العدالة والتنمية على صعيد تشجيع البحث العلمي”، معلنا عن “الاستعداد لمد يد العون للبنان والدول العربية والإسلامية الراغبة بالسير في ركب البحث العلمي”.
إشارة إلى أن المؤتمر يتضمن خمس جلسات تمتد على ثلاثة أيام، وتتناول تحديات التنمية في عدد من دول الشرق الأوسط والعالم، ودور الجامعات فيها.