أجرى رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري محادثات مع رئيس الوزراء الفرنسي بيرنار كازنوف تناولت المستجدات في لبنان والمنطقة وتداعيات أزمة النازحين السوريين وسبل تقوية العلاقات وتطويرها بين البلدين.
وكان الحريري وصل الى مقر رئاسة الوزراء الفرنسية – قصر ماتينيون ظهر اليوم حيث أدت له التحية الرسمية ثلة من حرس الشرف، وكان في استقباله في الباحة الخارجية نظيره الفرنسي، وعلى الفور عقد اجتماع حضره السيد نادر الحريري والقائم بالاعمال اللبناني في باريس غدي خوري والمستشارة الاولى في السفارة رلى نورالدين ومستشار الرئيس الحريري للشؤون الأوروبية المحامي بازيل يارد، وعن الجانب الفرنسي مدير دائرة الشرق الاوسط في الخارجية الفرنسية جيروم بونافون والمستشار الديبلوماسي لرئيس الحكومة غوتييه لوكنس وعدد من كبار المسؤولين والمستشارين في رئاسة الحكومة.
بعد اللقاء صرح الحريري للصحافيين: “أردت أن أزور الرئيس كازنوف وأن أشكره على كل ما تقوم به فرنسا، واليوم أتشرف بأن يقلدني رئيس الجمهورية الفرنسي فرنسوا هولاند وساما. وقد شرحت لرئيس الوزراء الوضع القائم في لبنان وأبلغته أننا سنحضر مؤتمر بروكسيل، ونتمنى أن يكون لفرنسا دور كبير تلعبه، فالعلاقة بيننا وبين فرنسا أخوية وصادقة، وهي ساعدت لبنان في مراحل عدة على كل الصعد، ونحن نحث كل الدول على أن مساعدة لبنان، خصوصا في ما يتعلق بأزمة النازحين الذين نتفهم وجودهم في لبنان ووضعهم الإنساني، ولكن يجب على المجتمع الدولي أن ينظر إلى الموضوع بشكل مختلف. لبنان لا يمكنه أن يتحمل بدلا من المجتمع الدولي مليونا ونصف مليون نازح سوري، وعلى المجتمع الدولي أن يستثمر في لبنان ويعطيه كل الإمكانات لكي يتمكن من استكمال هذا المشوار، خصوصا أن ما يحصل في سوريا لم ينته”.
سئل: إلى أي مدى تتفاءلون خيرا بمؤتمر بروكسيل، خصوصا أن مؤتمر لندن قبله لم يف بالوعود التي خرجت عنه تجاه لبنان؟
أجاب: “أنا أرى اليوم أن هناك حكومة ورئيس جمهورية، وفي استطاعتنا أن نعمل أكثر وأسرع. قد يكون في السابق لم يكن هناك توافق داخل الحكومة بالنسبة الى هذا الملف، اليوم هناك توافق كبير حوله، ونحن اللبنانيين سنعمل عليه”.
سئل: ما هي المخاطر الحقيقية التي يجب أن يعرفها اللبنانيون في حال لم تعالج أزمة النازحين؟
أجاب: “نحن في لبنان كنا نعمل دوما على اقتصاد لعدد سكان يبلغ 4.5 ملايين نسمة، اليوم نعمل على اقتصاد لأكثر بقليل من ستة ملايين. والوضع الاقتصادي في البلد حين يكون النمو 1% أو أقل أو أكثر بقليل، لا يكفي لتوفير فرص عمل للبنانيين ومن ثم للسوريين. هذا الوضع كان يفترض أن يكون موقتا، وسيبقى موقتا بالنسبة إلينا، لأنه يجب على السوريين في نهاية المطاف حين ينتهي الصراع في سوريا أن يعودوا إلى بلدهم، ونحن علينا أن نكون واعين. أنتم تعرفون أنني دائما أفكر في المستقبل، وخصوصا في موضوع الفراغ الرئاسي الذي حصل، وكم كنت متخوفا من هذا الموضوع. فالترهل الذي حصل بسبب هذا الفراغ نلملمه بأسرع وقت ممكن مع فخامة الرئيس. ولكن اليوم، بسبب وجود مليون ونصف مليون نازح سوري، الجهد الذي نبذله يجب أن يكون أكبر بكثير. لذلك ما يدعوني للخوف هو أن المجتمع الدولي لا يعي بالشكل الذي نعيه نحن، مدى تأثير ذلك على لبنان. من هنا نطلب من المجتمع الدولي أن يستثمر بكل ما لديه لمصلحة لبنان”.
سئل: كيف كانت زيارتكم للرياض؟ وهل تحدثتم عن المساعدات التي كانت ستقدمها المملكة للجيش والقوى الأمنية؟
أجاب: “تحدثنا عن كل شيء واتفقنا على إنشاء لجنة عليا بين الرياض وبيروت خلال مدة شهر، ومن ثم نعود إلى المملكة بوجود خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ونوقع اتفاقيات. وكما كل اللجان المشتركة، كمصر مثلا، ستكون هناك لجان اقتصادية وصناعية وأمنية وعسكرية ورحلات متبادلة بين الدولتين، وهو أمر لم يحصل في السابق، ونحن نريد أن نجسد هذه العلاقة ضمن إطار المؤسسات في لبنان والسعودية”.
وردا على سؤال بالانكليزية عن لقائه مع رئيس الوزراء الفرنسي وما يطالب به لبنان المجتمع الدولي لمساعدته على تحمل عبء ازمة اللاجئين السوريين في لبنان، قال: “على المجتمع الدولي أن يستثمر في لبنان، فلبنان لا يمكنه أن يقوم بخدمة عامة للمجتمع الدولي دون أن يتحمل هذا الأخير مسؤولياته تجاهه. فبلدنا يعاني اقتصاديا، ونسبة البطالة بين اللبنانيين بلغت 20%، 30% منهم من الشبان، وهذه النسبة تصل إلى 50% بين النازحين السوريين، وكل ذلك يتسبب بضغط هائل على الاقتصاد اللبناني من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية. لا نريد أن يستغل أحد هذا الوضع ويدفع الشبان من النازحين السوريين أو من اللبنانيين إلى التطرف. علينا محاربة الإرهاب بكل الطرق وليس فقط بالقوة. علينا أن نستثمر لكي نحارب الإرهاب، وذلك بواسطة التعليم وإعطاء الناس الأمل، فإن لم يشعر الناس بالأمل فسيقومون بأمور يائسة. وأنا بصفتي رئيس وزراء لبنان علي أن أحمي اللبنانيين أولا وأن أحرص على أن لا تتحول مشكلة النازحين السوريين إلى مشكلة أكبر بالنسبة إلينا في لبنان وبالنسبة إلى المجتمع الدولي”.