أكد رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، في كلمة خلال إطلاقه، قبل ظهر اليوم في السراي، “وثيقة شرف للقيادات المحلية للمساهمة في الحد من ظاهرة إطلاق الأعيرة النارية في المناسبات”، ضمن إطار الحملة الوطنية للحد من أخطار الأسلحة النارية التي تنظمها “حركة السلام الدائم”، بالتعاون مع مؤسسة “فريدريش ايبرت”، “ان ارهاب الرصاص العشوائي يجب أن يتوقف ويجب أن نقف ضده”.
وقال: “دعونا نتحدث بالمباشر: كل اللبنانيين من كل الطوائف وكل المناطق ضد الإرهاب. والسبب واضح: لأن الإرهاب يضرب المدنيين بشكل أعمى، أطفالا، شبابا، شابات، رجالا، نساء، شيوخا، لا ناقة لهم ولا جمل.
فإذا، دعوني أسألكم: الرصاصة الطائشة، التي تضرب بشكل أعمى طفلا أو شابا أو شابة، أو رجلا أو امرأة، أو عجوزا لا ناقة لهم ولا جمل، ماذا نسميها؟ ما علاقة الطفل البريء الذي يلعب أمام بيته، إن كان هناك اثنان يتزوجان؟ ما علاقة الشابة البريئة التي تجلس في بيتها إذا كان هناك شخص نجح في البكالوريا أو بالبريفيه؟ ما علاقة الأب والأم اللذين يكدحان ليؤمنا حياة كريمة لأولادهما، إذا كان هناك دفن أو فرح في منطقة بعيدة أو قريبة؟”.
واضاف: “نعم، الرصاص الطائش إرهابي. الرصاص الطائش إرهابي في حق كل اللبنانيين من كل المناطق، من كل الطوائف، من كل الطبقات الاجتماعية، من كل الانتماءات السياسية.
لا يمر يوم إلا ونسمع عن مأساة في بلدنا، سببها إطلاق النار العشوائي في المناسبات، أو من دون مناسبات! هذا الإرهاب، يجب أن يتوقف! يجب أن نقف جميعنا في وجهه، وجميعنا سنقف في وجهه كما نقف في وجه كل إرهاب.
ليس هناك فرق بين الإرهاب المستتر بالدين أو بالسياسة وبين الإرهاب المستتر بالفرح أو بالحزن، أو بالنجاح أو بالجهل. لقد اعتدنا أن نقول في هذه المآسي، وعن حق: “وينيي الدولة؟”. واليوم الدولة آتية لتقول: “أين هو المجتمع؟ أين هم رجال الدين؟ أين هم المخاتير؟ أين هم أعضاء المجالس البلدية؟ أين هم النواب؟ أين هم المواطنون؟ يضغطون لمنع التدخل مع الشرطة أو القضاء لمصلحة مطلقي الرصاص العشوائي؟ يقاطعون المناسبات التي يحصل فيها إطلاق الرصاص العشوائي؟ يبلغون عن كل مطلق نار عشوائي؟ يقومون بتوعية الناس قبل كل مناسبة وبعدها عن أخطار هذا الإرهاب، الذي يحصد يوميا أولادنا وأهلنا، كبارنا وصغارنا، من دون سبب أو قضية؟”.
وتابع: “العالم كله اليوم يقول إن لبنان يعيش بما يشبه المعجزة الصغيرة، مقارنة بما حصل ويحصل بالمنطقة، بفضل العمل اليومي للحفاظ على الاستقرار، بفضل تضحيات الجيش وقوى الأمن الداخلي وكل القوى الأمنية.
ولكن ما نفع كل هذا العمل للحفاظ على الاستقرار ولاستنهاض الاقتصاد وتوفير فرص العمل للبنانيين واللبنانيات؟ ما نفع أن نجول العالم لنجيش الدعم الدولي لنستثمر في البنى التحتية والخدمات العامة لنؤمن لأولادنا التربية والطبابة؟ كل هذا ماذا ينفع إذا كان أي لبناني أو لبنانية معرضين، في أي لحظة وفي أي مكان، للموت برصاصة طائشة؟”.
وقال: “الجيش وقوى الأمن يقومون بواجبهم، وبأكثر من واجبهم. وأنا أوجه اليهم التحية باسمكم جميعا. لكن ذلك لا يكفي. المجتمع كله يجب أن يقوم بواجبه.
نحن نعتبر ان جيشنا بطل، لأنه يعلم متى يستعمل السلاح، ان كان دفاعا عن الوطن، او الهجوم على اي ارهابي.
الرجل هو من يحترم القانون وارواح الناس، الرجال هم العسكر الذين يعرفون متى يشهرون اسلحتهم ومتى يطلقون النار، ولكن الذين يطلقون النار بشكل عشوائي ليسوا رجالا. هم يعتقدون انهم يؤكدون رجوليتهم بإطلاق النار بشكل عشوائي، ولكن هذا يدل على ان لديهم نقصا في الرجولة”.
واضاف: “منذ بضعة أيام، احتفل العالم بيوم السلام العالمي، ولبنان من الدول الملتزمة أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، وخصوصا الهدف رقم 16 المختص بالسلام والعدالة والدعوة الى ضبط الأسلحة الصغيرة والخفيفة.
واليوم، نطلق حملة معكم، أنتم القيادات المحلية، البلديات والمخاتير، لتوقيع وثيقة شرف تربط بين الضوابط الأخلاقية والضوابط القانونية، بين المواطن والدولة. وما نطلقه اليوم سننقله إلى كل الأقضية. ومن هذا المكان أيضا، سنطلق مسارا تشريعيا تشاوريا وتشاركيا، يبدأ باستطلاعات آراء الناس واجتماعات ولقاءات مع كل المعنيين ومع أفضل الخبراء المحليين والعالميين لنصل إلى أفضل مشروع قانون لمكافحة هذه الظاهرة الإرهابية، ليس فقط للبنان، بل ليكون أيضا نموذجا لكل منطقتنا العربية. وسنعمل مع كل أصحاب التأثير على سلوكيات الناس: أحزاب، وجمعيات وكشاف ومؤسسات دينية وإعلامية وتربوية ونقابات وغيرها، للتوعية، للعمل، للضغط، ليصبح مطلق النار العشوائي منبوذا في محيطه”.
وختم: “آن الأوان لتوقف هذه الظاهرة، آن الأوان لننقذ أولادنا وأهلنا في كل لبنان من هذا الإرهاب المتنكر بزي عادات لا علاقة لها لا بمعتقداتنا الدينية ولا بعاداتنا الثقافية ولا بما نستحقه جميعنا من حياة كريمة وآمنة من الرصاص العشوائي ومن الخوف العشوائي.