وجه رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الإمام الشيخ عبد الأمير قبلان، رسالة شهر محرم التي استهلها بالقول: “مع حلول شهر محرم نتذكر هجرة رسول الله ومعها نتذكر هجرة الإمام الحسين وهو يشق طريقه من مكة إلى الكوفة، طالبا الإصلاح في أمة جده رسول الله، فكانت هجرته لتحصين الدعوة وحمايتها ومنع تسلل البدع والضلالات إلى الدين، فاستشهد في سبيل حفظ رسالة رسول الله ليستكمل بذلك رسالة جده رسول الله الذي هاجر في سبيل الله وتحمل المشاق والصعاب ورفض المساومة على دين الله، فكان الحسين بنهضته امتدادا لرسول الله الذي قال: حسين مني وانا من حسين، احب الله من احب حسينا. من هنا فإن رسالة الهجرة ورسالة عاشوراء دعوة ايمانية الى الوحدة والتعاون على البر والتقوى وجهاد النفس ونبذ التعصب والاحقاد ومحاربة الشهوات والنزوات مما يستدعي ان نستمد من رسول الله والحسين العزيمة والصبر في مواجهة الظلم والفساد والجهل والتخلف”.
أضاف: “إن هاتين الهجرتين تعودان بنا إلى عظمة الصبر ونبل الجهاد وسمو الغاية التي تبقى شاخصة على الدوام في قلوب المؤمنين وماثلة في أذهانهم وهم يعيشون مع النبي في هجرته ومع الحسين في غربته، فالرسول انتصر بتغيير وجه العالم ونقله من الظلمات الى النور، اما الحسين فبث في الامة صحوة ايمانية ايقظتها من سباتها واعادت الروح الايمانية اليها في مواجهة غرس ثقافة التسلط والصنمية والمادية النفعية، اذ رفض الحسين الخضوع لسلطة النظام السياسي المنحرف الذي أراد إذلال الناس وتحويل الدين إلى سلطة استحواذ واستعباد للبشر. ان نهضة الحسين حركة انسانية في سبيل حفظ كرامة الانسان، ولم تكن ثورته شخصية ولا قبلية ولا فئوية أو مذهبية، لقد كانت ثورة لإصلاح مسيرة دين اراده الله رحمة للبشرية جمعاء، فنهض الإمام الحسين بثورته المجيدة ليعيد للأمة عزتها وكرامتها بوصفها خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر. لذلك علينا ان نجعل هذه المجالس مدارس ايمانية وتربوية تجمع في أحضانها كل الاطياف والمذاهب والشرائح، وفي هذا السياق نقول لعلماء الدين قراء مجالس العزاء: احفظوا هذه المجالس وحافظوا عليها لتبقى منابر اصلاحية للدعوة الى توحيد الله ووحدة الكلمة والحفاظ على الدين وإبعاده عن كل البدع والأوهام، فالحسين أسس مدرسة يتعلم منها كل الاحرار في العالم، فهناك الكثير ممن حرروا بلادهم من الاستعمار والعبودية ارتشفوا من معين ثورة الحسين”.
وتابع: “نحن اذ نرى اليوم اعداء الحسين يتجسدون في الظالمين والمجرمين الذين ينتهكون حرمة الانسان في عملية قهر لارادته واخضاعه لسلطة الحاكم الفاسد، فاننا نعتبر ان الارهاب بشقيه الاستعماري والتكفيري تعبير من تعابير الظلم والاضطهاد الذي يسعى لاخضاع شعوبنا وقهرها تحت شعارات زائفة، فهذا الارهاب عدو للدين والانسانية جمعاء، ولا بد من تضامن انساني لمكافحته انطلاقا من دعوة رسول الله والامام الحسين في محاربة الظلم والفساد، ونحن اذ نستحضر الظلم الاستعماري الذي غرس الكيان الصهيوني في فلسطين ليولد اثرها ازمات وويلات في عالمنا العربي والاسلامي واولها قضية تشريد الفلسطينيين من ارضهم، فاننا ندين كل دعوة ومسعى لتوطين الفلسطينيين كما نستنكر الدعوة لتوطين النازحين السوريين، وعلى قادة العرب والمسلمين ان يبذلوا الجهد لعودتهم الى ديارهم في سوريا التي بدأت تستعيد عافيتها واستقرارها بعد الانجازات الكبيرة التي حققها الجيش السوري وحلفاؤه في دحر العصابات التكفيرية عن سوريا ولبنان، وعليهم ان ينتصروا لفلسطين وشعبها ويوقفوا نزيف الدم في اليمن وينصفوا شعب البحرين”.
وطالب اللبنانيين ب”التضامن الوطني في مواجهة الارهاب فيتمسكوا بالمعادلة التي حررت لبنان وحمت حدوده ووفرت الامن والاستقرار لكل اللبنانيين المطالبين اليوم بالوقوف خلف جيشهم ومقاومتهم، مما يحتم ان يكونوا يدا واحدة وقلبا واحدا في مسيرة الحفاظ على لبنان واستقراره، فينبذوا كل دعوة للفتنة واثارة النعرات ويلتزموا الخطاب الوطني الجامع الذي يعزز الوحدة الوطنية ويرسخ العيش المشترك بين اللبنانيين”.
واكد ان “لبنان القوي يستمد منعته من جيشه ومقاومته ووحدة شعبه، وهذا الشعب هو القوة الحقيقية التي يقوم عليها لبنان، وحري بالمسؤولين ان يحتضنوا هذا الشعب في حفظ ماله وامنه واستقراره فتقوم الدولة بدورها الانمائي والاجتماعي والاقتصادي في اعطاء المواطن الاولوية في الاهتمام والرعاية من خلال تأمين الاستشفاء والدواء لكل مريض والمدرسة لكل طالب علم وفرص العمل لكل محتاج حتى لا يشعر المواطن بالغربة في وطنه، واولى واجبات الدولة ان تستعيد ثقة الناس بها من خلال احياء دولة القانون والمؤسسات التي تحارب الفساد والاحتكار والاستغلال والمحسوبيات والهدر فعلا لا قولا، فالمطلوب ان يشعر المواطن على ارض الواقع ان لبنان وطن نهائي لكل بنيه والمستقبل الاتي سيكون افضل مع العهد الجديد”.
كذلك طالب الحكومة اللبنانية ب”الاسراع في العمل لاستخراج النفط والثروات الطبيعية من ارضنا ومياهنا لتصرف عائداتها في مشاريع انتاجية وخدماتية يستفيد منها كل اللبنانيين، اذ لا يعقل ان يعيش غالبية اللبنانيين الفقر والحاجة فيما تختزن ارض وطنهم الثروات”.