شهدت منطقة حاصبيا ومرجعيون، لقاء وطنيا وروحيا جامعا، لمناسبة الحفل السنوي الثاني الخاص بعيد الأضحى المبارك، الذي دعا إليه عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب انور الخليل، برعاية شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز القاضي الشيخ نعيم حسن، وحضوره.
أقيم الحفل في دار حاصبيا وحضره النائب أنور الخليل ممثلا رئيس مجلس النواب نبيه بري، النائب أمين وهبي ممثلا رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري والرئيس فؤاد السنيورة، ممثل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي المونسنيور منصور حكيم، ممثل مفتي الجمهورية اللبنانية القاضي الشيخ عبد اللطيف دريان مفتي مرجعيون وحاصبيا القاضي الشيخ حسن دلي، ممثل رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ عبد الامير قبلان المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، لبيب سليقا ممثلا وزير الدولة لشؤون مجلس النواب علي قانصو والنائب أسعد حردان، ممثل وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل غسان نهرا، النواب: وائل أبو فاعور، قاسم هاشم وانطوان سعد والنائب السابق فيصل الداوود.
كما حضر ممثل قائد الجيش العماد جوزاف عون العقيد الركن عمر مجلد، ممثل المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا الرائد حسين طباجة، متروبوليت مرجعيون وصور وصيدا للروم الأرثوذكس المطران الياس كفوري، ممثل مدير مخابرات الجيش العميد الركن انطوان منصور الرائد حنا خليل، ممثل قائد منطقة الجنوب الإقليمية في قوى الأمن الداخلي العميد سمير شحادة الرائد شربل حبيب، ممثل قائمقام حاصبيا أحمد كريدي رئيس بلدية حاصبيا لبيب الحمرا، رئيس اتحاد بلديات العرقوب محمد صعب، رئيس اتحاد بلديات الحاصباني سامي الصفدي، وعدد كبير من رؤساء بلديات المنطقة ومخاتيرها.
وحضر أيضا القس فؤاد انطوان، السيد عباس فضل الله، القاضي الشيخ اسماعيل دلي، الشيخ سليمان شجاع، قضاة المذهب الدرزي، رؤساء لجان وأعضاء المجلس المذهبي الدرزي، ممثلون ل: حركة “أمل”، “الحزب التقدمي الاشتراكي”، “حزب الله”، تيار “المستقبل”، “هيئة أبناء العرقوب”، “الجماعة الاسلامية”، “جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية”، ممثل تيمور جنبلاط ناصر زيدان، وممثلو عدد كبير من مؤسسات المجتمع المدني وحشد من رجال الدين.
بعد كلمة تعريف للشيخ وسام السليقا، القى الخليل كلمة استهلها بنقل تحيات الرئيس نبيه بري وتهانيه بعيد الأضحى، ثم قال: “كم يسعدني أن نكون معا اليوم، لنحيي عيد الأضحى المبارك برعاية كريمة مشكورة، من سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز القاضي الشيخ نعيم حسن، فهي مناسبة لاستعادة معاني العيد الكبير في نفوسنا وحياتنا اليومية بما هو تكريس لمعاني الصدق والتضحية ونكران الذات والعمل الصالح للناس وللوطن في ارتقاء لنفوسنا نحو التوحد بالعمل مع الخير العام، ومحبة الإخوان والتسليم للله الواحد الأحد بصدق الإيمان وسلامة السريرة، الذي يجب ان يدفعنا جميعا للتضحية بالكثير من الأمور والمصالح الآنية، من أجل رفعة شأن الجماعة، كل الجماعة، وعنيت بهم أبناء الوطن الواحد النهائي لجميع أبنائه، الوطن الرسالة، والذي يخرج اليوم منتصرا من احدى أهم معاركه للحفاظ على سلمه الأهلي ووحدة أركانه عنيت بها معركة فجر الجرود. فتحية لجيشنا الباسل والرحمة لشهدائنا الأبرار الذين إفتدوا الوطن بإسمى ما يمكن أن يضحي به الإنسان لوطنه حياته ووجوده”.
أضاف: “إحتفالنا اليوم بعيد الأضحى في حاصبيا حاضرة وادي التيم، وبلدة خلوات البياضة الشريفة هذا الوادي الذي يشكل عبر التاريخ موطن إنتشار الدعوة التوحيدية، والذي احتضن في جنباته الكثير من الدعاة والاسياد الأبرار، وفي خلواتها علت تسبيحات شيوخنا الكبار تدعو لتوحيد الباري جل جلاله، ولوحدة الأهل وتضافرهم على الخير والفلاح في مواجهة الصعوبات والمخاطر، فتخطينا ببركة مشايخها الكثير من المخاطر والتحديات. فحري بنا أن نطلق اليوم من هنا، ولكافة القوى السياسية من حاصبيا، نداء لأهلنا جميعا، على مستوى الوطن للتوحد حول مشروع الدولة القادرة العادلة القوية، لنتمكن من مواجهة ما يحيط بنا من تحديات وصعوبات في كل المجالات”.
وتابع: “لهذه المناسبة السنوية، في الجنوب بعامة ومنطقتنا بخاصة، بعدان إثنان: بعد وطني وبعد روحي، فقد جسد حضوركم الشخصي لعامين متتاليين سماحة القاضي الشيخ نعيم حسن مدى حبكم للجنوب ولمنطقة حاصبيا بما تشكل في ذاتها ركنا وطنيا بارزا في تاريخ لبنان القديم والمعاصر. كما عزز وبارك هذا الحضور، معنى الشراكة والمواطنة والأخوة التي تتميز بها منطقة حاصبيا ومرجعيون. آخر رئيس وزراء زار هذه المنطقة كان الرئيس سليم الحص عام 2000 بعد التحرير، أما رئيس الجمهورية فلا أذكر ذلك. إن هذه الشراكة التي إستمدت قوتها ومشروعيتها من إيماننا جميعا بالله الواحد وبالوطن الواحد، هي هي نهجك يا سماحة الشيخ ورسالتك التي تدعو اليها كرسالة توحيدية: تؤلف بين الناس ولا تفرق. تسعى لخير البشر ولرفع الظلم عنهم ورد كل عدوان وتأمين الحياة الكريمة لهم كحق دون منة. إنها الرسالة التي سطرت أحرفها الأولى منذ تبوأت مسؤولياتك الدينية كشيخ جليل، وكقاض مجاز في الحقوق، مارس مهنته بحكمة وجرأة، لم تبدل معها كل الضغوط حكمتكم أوأحكامكم فبقيت تغفو وتفيق على راحة الضمير وما زالت. صدحت بوحدة الكلمة، لما كان الإنقسام سائدا في صفوفنا، وإنخرطت في مسيرة فتح الأبواب المغلقة عندما كانت الأبواب موصدة بين الأخ وأخيه. وعملت على هدم كل جدار يفصل بين إنسان وآخر وأقمت بينهم مساحة من الإيمان بالله تضيء على ليالينا الموحشة بضوء الرحمة والإنسانية والمحبة”.
وأردف: “هذا شأن الأتقياء، الذين سعوا الى توحيد الكلمة والصف، هذا شأنك سماحة الشيخ منذ تبوؤك مسؤولية شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز بتاريخ 5/11/2006، بعد أن أقرينا قانون المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز بإجماع وطني بتاريخ 9/6/2006 في مجلس النواب، وكان لي شرف مراجعة القانون السابق وتعديله مادة مادة وانضاجه بصيغته الأخيرة الحالية، وذلك بناء على رغبة ملحة من معالي وليد بك جنبلاط وسلمت القانون باليد لرئيس مجلس النواب متمنيا عليه أن يضعه على جدول أعمال أول جلسة كبند أول في المناقشة، فتكرم بذلك وتم التصويت عليه بإجماع النواب. وأتت ممارستكم سماحتكم بعد انتخابكم شيخ عقل الطائفة ورئيس المجلس المذهبي، خير دليل على ما نقول فانتهجتم نهج توحيد القلوب وخدمة المواطنين دون تفريق أو تمييز يحدو بكم ذلك فكركم النير وعدالة تأصلت بنفسكم منذ زمن فلمس الناس معنى أن تكون بخدمة كل مواطن عندما تتسلم شأنا عاما”.
وقال: “لقد حقق لبنان نصرا مؤزرا في تحرير مساحات واسعة من أرضه في جرود عرسال والقاع وراس العين على الحدود الشمالية من إحتلال التنظيمات الإرهابية، بفضل تضحيات جيشنا الباسل ورجال المقاومة الشرفاء ومساندة شعبنا الأبي. إننا إذ نبارك للبنانيين هذا الإنجاز التاريخي الذي تحقق بفعل قرار حازم من السلطة السياسية وعلى رأسها فخامة رئيس الجمهورية بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة اللبنانية، وكذلك القرار الواضح والحازم لدولة رئيس مجلس الوزراء وبفعل وحدة اللبنانيين وإلتفافهم حول جيشهم الوطني؛ ولكننا ننبه في الوقت عينه، من خطورة هذه التنظيمات بما تحمله من فكر متطرف يضرب النسيج الإجتماعي الوطني والقومي لأمتنا العربية والإسلامية، ولا بد من أن تبقى قوانا المسلحة في أعلى درجة من الجهوزية لمراقبة وإفشال اي محاولة للعبث بانتصارنا في الجرود. وكما أحذر من تهديدات العدو الإسرائيلي والتي أخذت الإسبوع الماضي شكل مناورات غير المسبوقة، على حدودنا الجنوبية، وهي مستمرة حتى الآن. فهل هي مقدمة للإعتداء على لبنان ولرفع معنويات بعض المجموعات التي راهنت على العدو”؟.
أضاف: “أما الموضوع الثاني الذي أريد أن أشير اليه بعجالة اليوم هو أننا بدأنا نسمع همسات متكررة صادرة عن مجلس الوزراء، بأن البطاقة الممغنطة المنصوص عنها في قانون الانتخاب الجديد، صعبة المنال ولن تتمكن الحكومة من انجازها. فإذا كان الأمر كذلك فإنني أدعو بوجوب تقصير مدة المجلس الحالي والذهاب الى انتخابات مبكرة في أسرع وقت ممكن، فوجود البطاقة الممغنطة كانت السبب الأساسي والوحيد لتمديد مدة المجلس. فإذا لم تعد واردة لا يصح إطلاقا إكمال المجلس النيابي للفترة الممدة”.
وتابع: “في مواجهة التحديات المختلفة، راهنا على وحدتنا الوطنية، وعلى مسار التغيير الإيجابي الذي تقوده قيادات وطنية، منعت في السابق وستمنع دائما أي محاولة لرمي بذار الفتنة البغيضة، ولا يسعني هنا إلا أن أذكر رجل الدولة وحامي الدستور دولة الرئيس نبيه بري، وصمام الوحدة الوطنية رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط. ومعهما رئيس الحكومة، رجل الإعتدال وريث الإنفتاح والتسامح والحوار الشيخ سعد الحريري”.
وختم الخليل: “نسأل الله أن يعيد عليكم عيد الأضحى ولبنان سالما أبيا قويا، وشعبنا يعيش حياة مستقرة هانئة، وقد خفتت أصوات المدافع في أكثر من بلد عربي لمصلحة السلام والإنماء ومسيرة بناء الدول الوطنية- الديمقراطية”.
والقى أبو فاعور كلمة حيا في مستهلها “هذا المشهد الوطني الوحدوي”، وقال: “نأمل أن نلتقي يوما على خبز الوطن وملحه كما نلتقي اليوم على خبز عيد الأضحى المبارك وملحه بدعوة كريمة من النائب الصديق انور الخليل”.
أضاف: “لقد جمعنا الجيش اللبناني بتضحياته وشجاعته وبشهدائه، فاذ بنا نصر على الانقسامات السياسية، فتصدر بعض المواقف التي لا تقيم وزنا للشهداء ولحرمة الدم. لقد آلينا على انفسنا عدم الرد، لكنني سأكتفي اليوم بالقول انه آن الاون لهذا الهدر السياسي ان يتوقف عن البحث في ما يفرق اللبنانين”.
وأمل “أن يتكرر مشهد التوحيد الذي نشاهده الآن في حاصبيا”، منوها بدور الرئيس نبيه بري “الضامن للوحدة الوطنية وللحوار والإستقرار والانماء”.
كما حيا أبو فاعور “الجيش والمقاومة على تضحياتهما”، آملا “ان يلبي الرؤساء دعوة الخليل لزيارة المنطقة”، ومؤكدا ان “الرئيس سعد الحريري لن يتأخر بتلبية الدعوة فهو وريث رجل الانفتاح والانماء الشهيد رفيق الحريري”.
وألقى شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، كلمة قال فيها: “الموحدون حين يحتفلون بالأضحى المبارك وفق أصول تراثهم وتقاليدهم، تراهم خاضعين خاشعين ذاكرين كلمة الله في كتابه العزيز، ولكن يناله التقوى منكم.. والتهاني الحقيقية في معناها السليم ترقى إلى مستوى الرجاء من الله العلي القدير أن يثمر في القلوب السجايا التي بها تتحقق الفضيلة الإنسانية بأسمى مضامينها ومعانيها في الروح الجوهرية”.
أضاف: “العيد رمزه الفرح، وبالحقيقة ففي كل يوم لا يعصى فيه الله فهو يوم فرح ويوم عيد. والأيام العشرة من ذي الحجة هي أيام مباركات كليلة الجمعة عند الموحدين، ذكر الله تعالى حرمتها وفضيلة العمل بها (كما جاء في كتابه الكريم: والفجر، وليال عشر) وكأنها تفسير لرحلة جهاد ليأتي العيد ثمرتها. إذا كان معنى القربان التقرب الى الله، والتضحية الأولى كانت لإبراهيم الخليل بتقديم ولده للذبح وهو أعظم البلاء فنال بالرضى والتسليم لأمر الله رضاه. ورضى الله الدائم يكون بفرح الآخرة وهي الفرحة الأبدية. فلا بد من فدية تليق بنيل الفرح السرمدي ألا وهو ذبح شهوات النفس الإنسانية على مذبح الصدق والاعتصام به، والقبول بالأمر والانتهاء عن النواهي، والترفع عن دنايا الأمور، وبذل ومكابدة كل مجهود لالتزام الحد ومن أراد القصد المخلص للوقوف في حضرة الحق، فالأولى ان يعدل مع جوهر النفس بإلزامها ما يحييها من معالم الدين الحنيف، وضبط مسالكها وفق ما اقتضاه الحق والنهج الشريف. هي النفس التي بشرها الله تعالى بدائم باق لا يفنى كما قال، إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة، أستشعر هنا، بينكم الآن، الميزة التي يستحضرها الوجدان في هذا المقام، مقام الحضور في مكان له عراقة التاريخ، وأصالة التراث؛ مستذكرا السلف الصالح الذي خلا فكره لحميد الذكر، وسؤال العفو؛ فبنى صرح الروح وفق مسالك العبادة اليقينية، وكأني بلسان حالهم يردد الآية الكريمة أيا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور. وها هي البياضة الزاهرة، عبر مئات السنين، تحمل في سرها بركة أفاضل، جاهدوا بالعلم والعمل، آمرين بالمعروف، ناهين عن المنكر، ذخيرة حياة صالحة للأجيال”.
وتابع: “حين يذكر المعروفيون بألسنتهم وادي التيم، يستشعرون تاريخا عريقا مترسخا في قيم الكرامة والشرف والتضحية والعطاء والشجاعة والخصال الإنسانية النبيلة التي مكنت أهل هذه المنطقة الأعزاء الشرفاء من حفظها نموذجا للعيش الوطني الواحد، ولعلاقات إنسانية ترقى إلى مستوى الأسرة الوطنية التي قدمت للوطن الكثير بلا منة ولا سؤال، وهذا كان دأبها على الدوام. لقد دافعت وقاومت وحررت وحملت هموم فلسطين وما زالت. فتحية لوادي التيم والعرقوب وما جاورهما. ونحن اليوم، نجتمع حول مائدة كرم، مائدة تآلف إنساني، في دار عامرة بإذنه تعالى، آل الخليل الكرام. دار كريمة من بيوتات معروفية اصيلة، وفية لروح لبنان الميثاقية. رجال ذوي وفرة في سجايا البذل والاريحية والعطاء ليس فقط بالمادة في خدمة الصالح العام بل ايضا بحكمتهم وخبراتهم. وفي مقدمتهم صاحب المعالي الأستاذ أنور الخليل. وحين استعرض مسيرتنا اعني في ما يمكن أن نسميه إعادة بناء مؤسسات البيت الداخلي، أعني المجلس المذهبي ولجانه ورعاية مشيخة العقل، فقد وقف الى جانبنا على الدوام، في خط ثابت مستقر في العديد من المحطات الأساسية، إلى جانب معالي الاستاذ وليد بك جنبلاط، لعلمهم أن مسيرة الإصلاح تكمن في تحقيق أسس النهضة المرجوة والعبور من دوائر المصالح الضيقة إلى الدائرة الكبرى للصالح العام”.
وختم حسن: “بهذه المناسبة نجدد العهد ونؤكد قناعتنا وايماننا بوحدتنا الوطنية وارادتنا الجامعة وميثاقنا الوطني، نصون لبنان وندرأ عنه رياح الفتن والويلات. أهنئكم بالعيد سائلا الله تعالى أن يمن علينا بالخير والبركة، وأن يلهمنا إلى ما فيه رضاه، وأن يسدد خطانا في كل ما فيه النفع والفلاح لنا ولمجتمعنا ولوطننا”.
ثم سلم الخليل درعا تقديرية لحسن.