كتبت “الأخبار” تقول: “الامتحانات الرسمية باقية بالقوة، وبدفع من خطة لم تأت بعد، رغم أن الفترة الفاصلة عن الاستحقاق لا تتجاوز شهرين، وفي ظل تفاوت صارخ في التحصيل الأكاديمي بين مدرسة وأخرى وداخل المدرسة الواحدة، وعوائق لوجستية ليس أقلها النقص الحاد في التجهيزات والقرطاسية
لا تفاصيل دقيقة حتى الآن عن آلية تنظيم الامتحانات الرسمية لهذا العام وخطة العودة إلى التعليم المدمج وكيفية استكمال العام الدراسي. وزارة التربية حسمت إجراء الاستحقاق فحسب، ولشهادة الثانوية العامة خصوصاً، على خلفية أن «صعوبات عديدة واجهت الطلاب في السنة الفائتة بسبب الإفادات، وأن القطاع التربوي لا يتحمل الترفيع الآلي والإفادات لسنتين متتاليتين». وبحسب المصادر، فإن دولة قطر، مثلاً، رفضت العام الماضي معادلة الإفادة ودخول الطلاب اللبنانيين جامعاتها قبل إخضاعهم لاختبارات القدرات والتحصيل، في حين اشترط بعض الدول الخضوع لسنة تحضيرية (فرشمن)، وامتنعت دول أخرى عن تقديم منح للطلاب لعدم وجود علامات، واعتمد بعض الدول الأوروبية العلامات المدرسية.
خطة الوزارة بشأن الشهادة الرسمية «ستعلن بعد عطلة الأعياد»، بحسب ما أكّد وزير التربية طارق المجذوب لـ «الأخبار». إلاّ أنه لم يعلّق على ما يجري تداوله بشأن التوجه لإلغاء البريفيه، وهو ما يُشاع في أروقة الوزارة بأنه بات شبه محسوم.
المجذوب طمأن إلى أن الامتحانات ستجري بعد العودة إلى التعليم المدمج الذي «يؤمّن عدالة أكبر من التعلم عن بعد، نظراً إلى غياب مقوّمات التعلم عن بعد»، وشدّد على أنها «ستراعي الظروف الاستثنائية والوضع الصحي والنفسي للطلاب، ولن تكون مرهقة لهم»، فيما يفترض أن يلحظ السيناريو المرتقب إعلانه هواجس وأسئلة كثيرة يطرحها الطلاب والمعلمون والتربويون.
ولم يشأ وزير التربية أن يفصح عن نسبة طلاب الشهادات الرسمية المنقطعين عن التعليم عن بعد، وماذا فعلت الوزارة بشأنهم، علماً بأنها تجري إحصاءً يومياً لعدد الغائبين قسراً والمتغيبين.
ومعلوم أن المناهج المقلصة أصلاً إلى النصف لم تنجز بعد. وثمة عدم مساواة صارخ في التحصيل الأكاديمي لطلاب الشهادات بين المدارس والثانويات الرسمية والخاصة، وبين المدارس الخاصة نفسها، وبين المدارس الرسمية أيضاً، وداخل المدرسة الواحدة وبين منطقة وأخرى.
هذه الفروقات تدفع بعض الأساتذة إلى التشكيك في قيمة الامتحانات المنوي إجراؤها، إلا إذا كان المطلوب إجراؤها «كيفما اتفق»، و«ربما لتأمين المخصصات الخيالية للجان الفاحصة فحسب، أو مساعدة كارتيل المدارس في استيفاء الأقساط… والنتيجة الحصول على شهادة رسمية تفنيصة، خصوصاً مع الكلام في الوزارة عن تبسيط المسابقات وإمكان حذف بعض المواد غير الأساسية تبعاً لنوع الشهادة». وسأل هؤلاء: «إذا حصل الحذف فعلاً، فهل سيكون ذلك وفق دراسة علمية تراعي الاختصاصات الجامعية للطلاب في ما بعد؟».
التحصيل الأكاديمي ليس عائقاً وحيداً أمام إجراء الامتحانات؛ إذ ثمة عوائق لوجستية تعترض الاستحقاق أيضاً، بحسب مصادر مطلعة، منها «النقص الحاد في التجهيزات والقرطاسية، ولا سيما أوراق الامتحانات، وعدم القدرة على تأمينها في ظل ارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة الليرة مقابل الدولار. فهل ستؤمن القرطاسية للامتحانات؟ وهل يُقبِل الأساتذة على أعمال المراقبة والتصحيح ويتكبّدون مشقة الانتقال من محافظة إلى أخرى وتحمل خطر الإصابة بكورونا من أجل 50 ألف ليرة في اليوم و5 آلاف ليرة مقابل تصحيح المسابقة؟». وسأل البعض: لماذا لم تضع الوزارة خطة لإجراء الامتحانات الرسمية إلكترونياً على غرار بلدان عربية أخرى مثل مصر والسعودية؟
بالنسبة إلى بعض الأساتذة، «إعطاء إفادة أفضل من منح شهادة أدنى مستوى من الإفادة»، وإن كان هؤلاء يدعون الى أن لا يكون الترفيع آلياً وأن توضع معايير للإفادات، وأن تعالج أي ثغر قد تنتج عن ذلك بالتنسيق مع الجامعات.
«هي مسألة سوء تخطيط»، بالنسبة إلى أستاذة التقييم في كلية التربية في الجامعة اللبنانية، سكارليت صراف، باعتبار أن «الخطة لا توضع قبل شهرين من الامتحانات الرسمية، وليس مسموحاً أن تمر الفترة الفاصلة بين آذار 2020 ونيسان 2021 من دون أن نفعل شيئاً أو نضع تصوراً مسبقاً لتقييم الطلاب يتفادى إعطاء الإفادات». ولفتت الى أنه «كان يفترض أن يكون تلقيح أساتذة الشهادات الرسمية وطلابها في رأس أولويات خطة الدولة للتلقيح».
إصرار الوزارة على الشهادة الرسمية لم تقابله، وفق صراف، «إجراءات عملية لردم التفاوت في التحصيل وتأمين تلقّي طلاب كل لبنان للمعلومات على قدر متساو، وبالتالي لا يمكن أن يطلب من هؤلاء الخضوع للامتحان نفسه، إلا إذا كان المقصود إجراء امتحانات لإنقاذ ماء الوجه، لا امتحانات رافعة لمن يستحق أن يأخذ الشهادة». وسألت: «ما هو هدف الامتحانات من دون خطة؟ لماذا لا نعتمد العلامات المدرسية؟ هل المشكلة تكمن في عدم الثقة بالمدارس الخاصة؟ وإلى أي درجة هذه المدارس محصّنة من التدخلات السياسية والحزبية لترفيع الطلاب؟»، مشيرة الى أن «الاعتراف بعدم الثقة بالمدارس هو صفعة لنظامنا التربوي، باعتبار أن المنطق السليم يقول إن التقييم المدرسي هو أحد الحلول في غياب الخطة المركزية، وقد اعتمدته الدول الأوروبية العام الماضي؛ إذ من غير المنطقي أن نعيد الطلاب إلى الصفوف قبل شهرين من الامتحانات وأن نلعب على تعبهم النفسي ومستقبلهم وأخذهم رهينة حتى الصيف، لأن الجامعات لن تنتظرهم”.