صدر عن النائب نهاد المشنوق البيان التالي:
“إن المساواة في المسؤولية السياسية والدستورية بين رئيس الجمهورية وبين رئيس الحكومة المكلف هو في حد ذاته تعبير عن التخبط السياسي. فالرئيس المكلف ملتزم حتى الآن بتطبيق النصوص الدستورية. أما رئاسة الجمهورية فقد احتلت عناوين الصحف والمواقع الإلكترونية خلال الأسبوع الماضي وملأتها اجتهادات وأعرافا جديدة في تفسير الدستور، ومنها استعمال تعبير “تثبيت التكليف”، وهو تعبير رياضي يستعمل في المصارعة الحرة لإعلان خسارة أحد اللاعبين. وكأن الرئاستين الأولى والثالثة تتصارعان على حلبة الوطن، مع العلم أن تثبيت تكليف رئيس الحكومة يكون من خلال منح مجلس النواب الثقة لحكومته.
هذا الإنكار التام للانهيار الذي تعيشه البلاد منذ ثلاثة أشهر لا ينتج إلا مزيدا من الاشتباك والتوتر، خصوصا في المجالين الاقتصادي والنقدي. وهذا يعبر عن تجاهل لحقوق الشعب اللبناني، المنتشر في الشوارع، وغيرهم من اللبنانيين المعترضين في منازلهم. لأن المصيبة تجمعهم كلهم ولا تفرق بين متظاهر وبين قابع في منزله.
إن مهمة الأحزاب والشخصيات المقاطعة لتكليف الرئيس، وأنا منهم، هي أكثر مسؤولية تجاه الناس وتجاه حماية موقع الرئاسة الثالثة وما يواجهه من مخالفات دستورية واستخفاف وطني من قبل الأحزاب التي سمته، والتي تضغط عليه يوميا باقتراح أشكال مختلفة لحكومة يريدها الشعب اللبناني من التكنوقراط، وألا يشوهها التمثيل السياسي أو النيابي الفج، بحسب رأي المتظاهرين، الذين يجب علينا جميعا أن نعترف بأحقية مطالبهم المعيشية والاقتصادية وعدم ثقتهم بالطبقة السياسية.
هذا مع الإشارة إلى الخطوة المتقدمة التي أعلنها “التيار الوطني الحر” أمس بالحكم على الخطة الاقتصادية للحكومة، وإعطاء الثقة أو حجبها على هذا الأساس، ودون تمثيل وزاري، هذا إذا صدقت النيات المعلنة والماضي لا يشجع على ذلك.
لقد انتقلت غالبية الانتفاضة الشعبية من مرحلة المطالبة باستقالة الرئيس المكلف إلى الإلحاح عليه بتشكيل حكومته من التكنوقراط خلال أيام قليلة جدا، معترفين بصموده الدستوري وغض الطرف عن الإشكالية الميثاقية لتكليفه.
وما شهدناه بالأمس من تخريب وعنف مبرمج في شارع الحمراء يوضح بما لا يقبل الشك أن البلاد بين خيارين لا ثالث لهما: إما حكومة تكنوقراط عاقلة تقترح إصلاحات اقتصادية ونقدية تنظم الخراب الذي أصابنا وتتصالح مع المشروعيتين العربية والدولية، أو أن المواجهات في الشارع ستزداد عنفا بعد التحاق عناصر أحزاب التكليف بالإنتفاضة وصولا الى إراقة الدماء. وبغض النظر عن مسببيه، سلطة أو معارضة، فإن المسؤولية تقع على السياسيين جميعا، بحسب تعبير الأمم المتحدة. في وقت أشار صندوق النقد الدولي إلى مستوى قلة المسؤولية التي يلمسها من المسؤولين اللبنانيين، المتنصلين من مسؤولياتهم، والتي لم يسبق له أن واجه مثلها في أي دولة من الدول التي عانت أزمات اقتصادية ومالية مشابهة، محذرا – أي الصندوق – من أن التأخير المتمادي سيؤدي حتما الى انهيار سريع جدا جدا.
إن الرئيس المكلف قد ساهم في استعادة بعض الصلاحيات المهدورة، وهو يدفع اليوم ثمن تمسكه بهذه الصلاحيات، بعدما اعتاد الفريق الحاكم على طمس صلاحيات الرئاسة الثالثة تحت وابل من الاجتهادات التي تكاد تخنق الطائف، وبالتالي فإن الرئيس المكلف لا يتحمل مسؤولية التأخير في التشكيل، بل هو ضحية بعض الذين سموه ومعارضي تسميته أيضا، وكذلك هو حال الشعب اللبناني”.