أكد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في حوار مع “الشرق الأوسط”، أن المخرج الوحيد للأزمة القائمة في لبنان هو في انتخابات نيابية مبكرة “بعد أن فشلت الأكثرية الحاكمة في إيجاد الحلول”، والأكثرية الحاكمة “لا تعرف كيف تحكم، ولا تدع الآخرين أن يحكموا، والناس عالقة في المشكل”.
وإذ جزم بأن “القوات” هي في صلب الحراك الشعبي، رأى أن الناس عادوا إلى الشارع “لأنهم رأوا أن المؤسسات الدستورية التي انتظروا منها أن تصحح الأوضاع لا تفعل شيئا، وفي أسوأ الأحوال هي تساهم في تعميق الأزمة”.
وأشار إلى أن العلاقة مع رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري تسير بـ”الحد الأدنى”، وقال: “نحن وتيار المستقبل على موجة واحدة استراتيجيا. لكن الاختلاف في وجهات النظر حول طريقة إدارة الدولة”، معتبرا أن الرئيس الحريري “خذلنا بأمور عدة حصلت في وقت سابق، والوقت لم يكن مناسبا أبدا لكي نؤيده لرئاسة الحكومة”. واعترف بعدم وجود استراتيجية تجمع أطراف المعارضة، وتحديدا “المستقبل” و”الحزب التقدمي الاشتراكي” و”الكتائب”، “لأن الفرقاء الآخرين الذين يفكرون مثلنا لا يريدون أن يدخلوا في استراتيجيات كبيرة الآن”، مشيرا الى أنهم “يفضلون أن نبقى ملتقين من بعيد لبعيد. ولا أعلم السبب”.
ورأى أن “الأكثرية الحاكمة أثبتت عجزها منذ 3 سنوات حتى الآن، وفي الأشهر الثلاثة الأخيرة، أثبتت عجزها وقصورها وفسادها”، وقال: “لا أستطيع تصور أن دولة من الدول فيها انتفاضة شعبية منذ 3 أشهر، بالتزامن مع أوضاع اقتصادية مالية معيشية تتدهور بسرعة، والسلطة الحاكمة لا تفعل شيئا. أمام أعيننا تتدهور الأوضاع، وشعبك يثور، ولا تفعل شيئا. برأيي، هذه هي الأزمة الفعلية، وهي أن لديك أكثرية حاكمة موجودة لا تعرف كيف تحكم، ولا تدع الآخرين يحكمون، والناس عالقة في الوسط، هذه الأزمة الفعلية”.
أضاف: “خرج الناس إلى الشوارع من جديد بهذه الكثافة والنبض والقوة، لأنه لا يوجد أي مخرج آخر، كان هناك مخرج متاح للأكثرية الحاكمة عندما تم تكليف حسان دياب. كان هناك مخرج متاح بتشكيل حكومة بمواصفات مختلفة تنطبق على الأوضاع الحالية، لاستعادة الثقة بدولة لبنان أو إيجاد حلول للأوضاع الاقتصادية والمالية والمعيشية أو إعطاء حد أدنى من الثقة للناس لتذهب إلى بيوتها، للأسف ضاعت الفرصة كما ضاعت كل الفرص التي سبقتها. وتبين أن هذه الفرصة ضاعت، لذلك الناس عادت للخروج إلى الطرق. كان ممكنا أن يكون هناك أمل أن تتشكل الحكومة بالمواصفات المطلوبة، فلم تتشكل”.
وتابع: “إن ما أغضب الناس هو أنهم كانوا يتقبلون الصراعات السياسية بين التيارين الأساسيين في البلد الممثلين في إطار ما كان يعرف بـ14 آذار و8 آذار، لكن أن يصل الأمر إلى حد أن الفريق الحاكم أي 8 آذار، هو الذي يختار رئيس الحكومة وتكون لديه اليد الكاملة بتشكيل حكومة ولا يستطيع أن يشكلها، فماذا يمكن تصور أكثر من ذلك؟”.
واعتبر أن “السبب هو أنهم لا يريدون تأليف الحكومة لأي سبب آخر، وبالتالي هو عجز وقصور وقلة نظر وفساد، وأن هذا الفريق (أي الأكثرية الحاكمة)، لم يكن في يوم من الأيام فريق بناء دولة. وفي جميع الأحوال، فقط للدلالة، من غير أن نربط الأحداث بعضها ببعض، يتكرر الأمر نفسه بالعراق وإيران، وهذه الأحداث ليست لها علاقة بعضها ببعض، وليس من قبيل الصدفة أن الشيء نفسه يحصل في هذه الدول الثلاث”. وأوضح أن الفريق الآخر في لبنان يتجسد بالأكثرية النيابية، فريق الرئيس عون و”8 آذار”.
وقال: “ما يحصل في الشارع يعطي مؤشرا ويدق جرس إنذار لكي تستيقظ بقية الفرقاء وكل الموجودين في السلطة في مكان ما ويقدروا خطورة ما يحصل. وأشار إلى أنه “لم يبق لدى الناس إلا الانتفاض على الواقع القائم، لأنهم رأوا أن المؤسسات الدستورية التي انتظروا منها أن تصحح الأوضاع في أفضل الحالات لا تفعل شيئا، وفي أسوأ الأحوال هي تساهم في تعميق الأزمة”.
ورأى أن الأمور ذاهبة إلى مزيد من التأزم والتأخر، وبالتالي ما نحن عليه الآن، وقال: “كنا منذ بدء الانتفاضة الشعبية ننادي بحكومة إنقاذ، ولا حياة لمن تنادي، نبقى في كل لحظة ننادي بحكومة إنقاذ، لكن لم يبق لدينا أمل كبير في أن الأكثرية الحاكمة قادرة على الإقدام على خطوة بحجم حكومة إنقاذ، لذلك يمكن ألا يبقى هناك حل إلا انتخابات نيابية مبكرة”.
وعن خطط المعارضة للمرحلة المقبلة، قال جعجع: “النقطة التي نتداول كثيرا فيها هذه الأيام، وكان اجتماع منذ أيام لتكتل الجمهورية القوية، ونعتبر أنفسنا في حالة اجتماعات مفتوحة، هي الانتخابات النيابية المبكرة. وهذا الموضوع مطروح بقوة على طاولة التكتل، كيف يمكن إقناع الكتل النيابية الأخرى، لأننا لا نرى أي حل، ولا أحد يستطيع أن يبقى في الوضع الحالي ولا يقدم حلا، فلا تريد الأكثرية حكومة إنقاذ ولا انتخابات نيابية مبكرة، ماذا يريدون؟ هل يريدون أن ينهار البلد أمام أعينهم، وهم يجلسون بمواقعهم ولا أحد يحرك ساكن؟”.
وعن مشاركة “القوات” في الحراك الشعبي، قال: “نحن كنا حراكا قبل بدء الحراك لأشهر وأشهر. كنا حراكا على مقاعد مجلس النواب، وبالأخص مجلس الوزراء وفي الاجتماعات الاقتصادية الطارئة التي طرحت، ومنذ 2 أيلول عندما عقد الاجتماع الاقتصادي الطارئ اليتيم بقصر بعبدا، ونحن ننادي باستقالة الحكومة التي كانت موجودة، وتشكيل حكومة إنقاذ من مستقلين. وعندما بدأ الحراك الشعبي، وجدنا أنفسنا في هذا الحراك، وبالمحصلة لا أريد أن أقف عند بعض التفاصيل هنا وهناك، لأنه معروف أن الحراك يشمل كثيرا من الشعب اللبناني، لكن بالمحصلة مساره كان يتلاقى مع الأهداف التي كنا نضعها، وما زلنا نضعها، من جهة استقالة الحكومة التي كانت موجودة، أو جهة تشكيل حكومة من انتقاليين مستقلين، أو غيرها من الأهداف. وفي الوقت الحاضر يمكن أن نكون قادمين إلى انتخابات نيابية مبكرة”.
أضاف: “من جميع المعطيات المتوفرة نحن لسنا جزءا من تأليف الحكومة الحالية، لكن كما تبين من جميع المعلومات التي تصلنا أنه لن تكون هناك حكومة”.
وعن تحالف “14 آذار”، قال: “الحياة مستمرة فيه دائما. يذبل لأسباب ومواضيع معينة. ولكي أكون صريحا، نحن وتيار المستقبل على موجة واحدة استراتيجيا. هناك اختلاف في وجهات النظر حول طريقة إدارة الدولة، وهذا الذي يفسد الود من وقت لآخر. وأتمنى بعد كل شيء حصل في البلد أن نتفاهم مع تيار المستقبل على طريقة إدارة الدولة، لأنه على المستويات الأخرى هناك تلاؤم تام في وجهات النظر”.
وعن عدم تسمية الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة، أجاب: “نتأسف لذلك، لكن لم يكن لدينا خيار إلا اتخاذ هذا الموقف، لأن الرئيس الحريري خذلنا بأمور عدة، حصلت في وقت سابق، والوقت لم يكن مناسبا أبدا لكي نؤيده لرئاسة الحكومة”. وأوضح أن الاتصالات قائمة مع تيار “المستقبل” في الحد الأدنى بجميع الحالات على مستوى القواعد، لكن ليس على المستوى السياسي، وفي الشهر الأخير لم تكن هناك اتصالات قوية”، لافتا إلى أن التواصل مستمر مع الحزب “الاشتراكي” و”الكتائب”.