عقد مدير دائرة شمال أفريقيا والشرق الأوسط في وزارة الخارجية الفرنسية السفير كريستوف فارنو مؤتمرا صحافيا في قصر الصنوبر، تحدث فيه عن زيارته الى لبنان ولقائه المسؤولين اللبنانيين. وقال: “لقد وصلت الى لبنان منذ يومين بناء لطلب من رئيس الجمهورية الفرنسية، وترتدي هذه الزيارة طابع الصداقة والإحترام، فهناك علاقات قديمة ووثيقة بين فرنسا ولبنان، وقد وقفت فرنسا دائما الى جانب لبنان في الأوقات الجيدة والصعبة، ولذلك نحن مدركون جدا للأزمة التي يجتازها لبنان وهي ازمة اقتصادية سياسية واجتماعية ولذلك كان من المهم ان نأتي ونعبر عن تضامننا، وكذلك ان نستمع ونفهم وليس من منطلق فرض حلول او اسماء بل البحث مع الجميع لمعرفة ما هي الحلول المقترحة وما هي حقيقة الأوضاع، ولهذا التقيت الكثيرين”.
أضاف: “ترتدي هذه الزيارة ايضا طابع الإحترام، احترام سيادة لبنان التي هي عنصر مهم ومن الثوابت لدى فرنسا. ان الحل يعود للبنانيين، فعليهم ان يجدوا الحل لمشاكلهم الحالية، ولهذا وخلافا للافتراضات التي اشار اليها بعض الإعلاميين ليس هناك خطط خفية وليس هناك اسماء، فهذا كله يجب ان يصدر عن اللبنانيين انفسهم وبالمقابل فإن فرنسا موجودة هنا لتقديم الدعم”.
وتابع: “لقد قابلت الرؤساء الثلاثة وكثيرين، وانطلاقا من فكرة ان يكون لدي لقاءات موسعة مع شخصيات عديدة، التقيت شخصيات في المعارضة والتقيت رئيس المجلس الإقتصادي والإجتماعي، وفي هذا الاطار لمست الصعوبات التي يعانيها لبنان واعتقد انه يجب عدم الإستخفاف بها، ولمست قلقا لدى الجميع وهو مشروع. لذلك، نتمنى تشكيل حكومة سريعا وهذا امر مهم، فهكذا ازمة تستوجب قرارات سريعة. ويجب ان تكون هذه الحكومة مختصة، وانا لا اختار هنا صيغة معينة فعلى اللبنانيين ان يختاروا، كما على المسؤولين السياسيين ان يتحملوا مسؤولياتهم، وعلى هذه الحكومة ان تكون فعالة اي ان تكون قادرة على اتخاذ قرارات تستجيب لتطلعات الشعب اللبناني، فهناك ازمة ثقة ويجب استعادة الثقة، الثقة الداخلية وثقة اللبنانيين ببعضهم البعض، كما يجب استعادة ثقة الشركاء الدوليين بلبنان. اذا، المطلوب السرعة والفعالية والمصداقية”.
وأردف: “تطرقت في محادثاتي ايضا، الى ضرورة اجراء الإصلاحات، ولقد انعقد السنة الماضية مؤتمر سيدر وهو بمثابة عقد ثقة بين الجهات الفاعلة الدولية وبين لبنان. اذا هذه نظرتنا تتركز على الإصلاح الذي سيعود للبنانيين تحديد ما سيتضمنه، فالقرارات ستكون متشعبة ذات ابعاد سياسية واقتصادية واجتماعية”.
وردا على سؤال عن الأفكار التي اقترحها للوصول الى الحكومة التي دعا اليها، وهل التقى ممثلين عن “حزب الله”، قال فارنو: “ان زيارتي هي اكثر زيارة استكشافية وللاستماع الى الآخرين، وهي تحمل ايضا رسائل نود ان نعلن عنها، فعندما تركز فرنسا على اهمية الإصلاحات هذا يعني اننا نتمنى ان تتولى حكومة السلطة قريبا. اما بالنسبة الى التوقعات التي لدينا منذ وقت، فهناك بداية استجابة ملائمة. اما بالنسبة للأشخاص الذين التقيناهم، فتعلمون نحن نتحدث مع الجميع والتقينا الكثيرين”.
وعما اذا كانت الآفاق مسدودة والأوضاع جامدة، قال: “أتمنى الا تكون مسدودة بالكامل، نحن في مرحلة من عدم اليقين، فالحكومة بعد استقالة الرئيس سعد الحريري هي حكومة تصريف اعمال، ونحن ننتظر تكليف رئيس حكومة جديد ليعمل على تأليف حكومته والجميع بانتظار هذا الأمر، ويجب على الأوضاع ان تحلحل انطلاقا من ذلك، ولكن يعود حقا للبنانيين ان يقوموا بخياراتهم انما بعد اللقاءات التي اجريتها، ارى ان هذا الموضوع صعب نظرا الى الاختلاف في المواقف. نحن نتمنى ان يكون الجمود موقتا، والوصول الى حل سريع، كما نتمنى تسمية الحكومة سريعا”.
وردا على سؤال عن شكل الحكومة المقبلة إذا كانت حكومة تكنوقراط ام تكنوسياسية، قال: “لا يعود لي الدخول في هذا النقاش، انا هنا للاستماع وقد سمعت تماما هذه المفردات خلال لقاءاتي، ولكن لا يعود لي اتخاذ موقف. شكل الحكومة بالتفصيل يختاره اللبنانيون، انما بالمقابل مهما كان شكل التوازنات التي سيتم ايجادها، فإنه سيعطي الإمكانية للحكومة لتتخذ بسرعة القرارات اللازمة في مواجهة التحديات التي تطال لبنان على المستوى الإقتصادي وعلى مستوى انتظارات المتظاهرين للخروج من الجمود الذي تحدثنا عنه، وافضل ان يكون الحل سريعا وفعالا. وعند ايجاد الحل ستكون الأوضاع اقل تعقيدا ويمكن عندها للدعم الدولي ان يكون فعالا”.
وعن دور اللاعبين الدوليين في هذه الأزمة وهل هذه الأزمة هي ازمة نظام، قال: “لا اود الدخول في الرزنامة السياسية اللبنانية وعلى اللبنانيين ان يختاروا الحل، نعم المشكلة لبنانية ونحن وفي الأطار الدولي جد مهتمين على الفصل بين سيادة لبنان وبين التوترات الإقليمية. نحن لا نتمنى ان يخلق محيط لبنان مشاكل اضافية، لبنان لديه سيادة ونحن متمسكون بها”.
وردا على سؤال عن امكانية تقديم فرنسا مساهمة مالية من خلال مؤتمر “سيدر” اذا تم تشكيل حكومة تستجيب للمعايير التي حددها، قال فارنو: “أعتقد انه سابق لآوانه الآن الحديث عن هذا الموضوع، والمهم الآن تشكيل حكومة وبعدها سنرى وكل شيء في وقته”.
وعما إذا كان التقى ممثلين عن “حزب الله”، وهل وجد لديهم استعدادا لتسهيل الحل، قال: “لن أتحدث عن طرف دون الآخر، كان الهدف من اللقاءات كما قلت الاستماع الى كافة الآراء، وبعد ذلك لن أتحدث بالتفصيل عما قاله هذا الطرف او ذاك”.
وردا على سؤال عن مهمته في المرحلة المقبلة بعد ان استمع الى اللبنانيين وهل ستقوم فرنسا بوساطة مع عدد من الدول المعنية بالشأن اللبناني، قال: “المرحلة المقبلة هي لتشكيل حكومة جديدة، صحيح ان فرنسا هي في قلب المجموعة الدولية ونحن نساند قدر الأمكان، ولكن الأولوية الان هي في تفكيك حالة الجمود التي تحدثنا عنها ولانسياب الأمور وللتمكين من استنباط حلول لإيجاد حكومة وهذه ستكون بمثابة الإشارة القوية التي ينتظرها الجميع”.
وعن الورقة الإصلاحية للحكومة اللبنانية، رأى انها “بادرة اولى مهمة على الطريق الصحيح ولا يجب التقليل منها وهي امر جيد”. وقال: “هذا ما ينتظره اللبنانيون والمجموعة الدولية اي رزنامة اصلاحات تمكن لبنان من استعادة النمو الإقتصادي الذي هو بأمس الحاجة اليه”.
وردا على سؤال هل ما نعيشه في لبنان هو ازمة نظام، وهل تعتقد ان بإمكان الطائف ان يستمر في ادارة النظام السياسي اللبناني، قال فارنو: “الفكرة ليست بفرض حل فاللبنانيون لا يحبذون ذلك، وما رأيته خلال يومين لا يمكنني من تكوين فكرة نهائية، وهذا الأمر لا يعود إلي بل الى اللبنانيين”.
واذا كان سيبحث الموضوع اللبناني مع نظيره الأميركي شينكر خلال زيارته الى باريس، قال: “أعتقد اننا سنتحدث عن الموضوع حتما اذا زرت باريس، كما سنتحدث عن شؤون المنطقة. ان المجموعة الدولية تهتم بما يحصل في لبنان، ومن المهم ان نتحدث عن الموضوع ولكن في اطار بناء”.
وعن البيان الذي صدر عن وزارة الخارجية امس بأن لبنان يرفض التدخلات الخارجية وهل هناك امر استدعى صدور هكذا بيان، قال: “لا، اعتقد ان هذا نوع من القلق اللبناني المشروع، وانا ايضا ارفض التدخلات الخارجية. ولدينا نحن الهم ايضا بألا نتدخل ولا نريد التدخل في الشؤون الداخلية للبنان، وما عبر عنه اللبنانيون في الشوارع يجب الإصغاء اليه”.
وعما اذا تم بحث ملف لبنان في اللقاء بين السفير ايمانويل بون والإيرانيين، قال: “لا اعرف عن اي اتصال تتحدث، كما تعلمون لفرنسا اتصالات بشكل منتظم مع ايران حول ملفات عديدة، ولا اعرف ما هو الاتصال الذي تتحدث عنه”.
واذا كان نصح المسؤولين اللبنانيين بالإصغاء الى المتظاهرين، قال: “يجب الإستماع الى المتظاهرين والإهتمامات التي يعبرون عنها هي ما عبرنا نحن ايضا عنه من ضرورة اجراء الإصلاحات في مؤتمر سيدر، وهذه قاعدة مشتركة بعدها يعود للبنانيين كيفية ترجمتها ومن منطلق احترام السيادة اللبنانية لن نقول ماذا يتوجب فعله”.
وختم ردا على سؤال ان “التزامات سيدر لا تزال قائمة”.