افتتح “اتحاد الجمعيات الإغاثية والتنموية”، اليوم مؤتمره السنوي الخامس في فندق البريستول في بيروت، برعاية رئيس الحكومة سعد الحريري ممثلا بوزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي، تحت شعار “أزمة اللجوء العالمية الى أين؟”، في حضور وزير الاتصالات جمال الجراح، وزير الدولة لشؤون المرأة جان اوغاسابيان، سفير قطر علي بن حمد المري، العقيد الركن البير شديد ممثلا قائد الجيش جوزف عون وشخصيات سياسية واجتماعية وممثلين عن الجمعيات غير الحكومية العالمية وأكاديميين ومتخصصين.
النشيد الوطني، ثم فيلم وثائقي عن النشاطات التي قام بها الإتحاد من أجل النازحين، بعدها كلمة لعريفة الحفل منى سكر، اشارت فيها الى “انها المرة الأولى بعد الحرب في البوسنة تصل أزمة اللاجئين الى اوروبا”، منوهة بأهمية العمل الإنساني الإغاثي. وقالت: “ان انعقاد المؤتمر في بيروت هو لاظهار الصورة الحقيقية لأعمال الإتحاد وتعزيز العلاقات بين المنظمات الإغاثية، إضافة الى تمتين العلاقات مع الوزارات المعنية في لبنان بخصوص النازحين، وللتأكيد على المستوى العالي للعمل الخيري”.
وألقى الوزير المرعبي، كلمة قال فيها: “لا بد لي بداية من تثمين الجهود التي يؤديها اتحاد الجمعيات الإغاثية في سبيل التخفيف من آلام اللاجئين والنازحين، كما محاولة توفير الحد الأدنى من الدعم للمجتمعات المضيفة”.
اضاف: “ان ضخامة التحديات والتعقيدات التي تفرضها هذه المأساة الإنسانية لا تشكل ألما عميقا لدى الأخوة اللاجئين والنازحين فقط، بل في وجدان وضمير العالم بأسره”.
وتابع: “لبنان هو عضو مؤسس لهيئة الأمم المتحدة ويلتزم مبادئها وقراراتها، يتحمل أعباء ما لا يمكن لأي دولة أن تتحمله، فهو يحتضن في ربوعه ما يعادل 50 بالمئة من تعداد سكانه منهم 500,000 لاجىء فلسطيني، و1,500,000 نازح من سوريا، منهم سوريون وفلسطينيون وعراقيون وحتى لبنانيون”.
واكد “ان لبنان يعاني اقتصاديا من المديونية التي بلغت 75 مليارا من الدولارات، وتتفاوت نسبة النمو فيه ما بين الصفر والواحد في المئة. ولا يتجاوز مجموع ما قد قدمه المجتمع الدولي تجاه هذه المأساة للاجئين في لبنان ال7 مليار دولار. بينما يتحمل اللبنانيون واقتصادهم ما بلغت قيمته 18 مليارا من الدولارات، حسب البنك الدولي، والله وحده يعلم كيف أمكن لنا تحمل كل هذه الأعباء؟”.
وقال: “هنا دعوني أصارحكم، ان احتضان اللبنانيين لإخوانهم اللاجئين والنازحين، يعود الى فهمهم للمعاناة الإنسانية والظروف التي يعيشونها والتي خبروها أثناء الحروب وأزمنة الإحتلال والوصاية والتصفيات المعنوية والجسدية، من هنا جاءت ردة فعل اللبنانيين إنسانية بحتة، خصوصا تجاه النزوح السوري، على الرغم من ذاكرة مثقلة بالأحزان جراء عقود من احتلال النظام السوري المجرم وممارساته”.
وتابع: “لبنان واضح في قناعاته، يتحمل تجاه أزمة النزوح عن المجتمع الدولي أعباء استثنائية على المستويات الأمنية، والإجتماعية والإقتصادية والبيئية والقانونية ما بات يهدد أمنه القومي وسلمه الإجتماعي، وان لبنان إذ يثمن عاليا الجهود المبذولة من المجتمع الدولي، ومن منظمات الأمم المتحدة وهيئات المجتمع المدني المحلية والإقليمية والدولية، كما الدعم الذي تؤمنه للمساندة في تخفيف الأعباء الملقاة على كاهله، يعنيه كثيرا التأكيد على ما يلي:
أولا: لبنان أطلق وبقرار من دولة الرئيس سعد الحريري ومن خلال وزارة الدولة لشؤون النازحين النقاش في السياسة الوطنية العامة تجاه النزوح وضرورة العمل على التحضير لعودتهم الآمنة برعاية أممية الى بلادهم متى توقفت الحرب في سوريا، كما تم إطلاق دينامية تنسيق بين الأفرقاء المعنيين كافة بالإستجابة لأزمة النزوح، وآلية رصد ومتابعة لكل البرامج المتعلقة بالأزمة.
ثانيا: الإهتمام بالتدخل التنموي إضافة الى التدخل الإغاثي لدعم صمود المجتمعات المضيفة لحين التوصل الى وقف الحرب في سوريا والعودة الآمنة للنازحين، وجوهر هذا التدخل التنموي مكافحة البطالة وخلق فرص العمل للمجتمعين، ومن هنا كان جوهر كلمة دولة الرئيس سعد الحريري في مؤتمر “دعم مستقبل سوريا والمنطقة” والذي عقد في بروكسل بدعوة من الإتحاد الأوروبي بين 4 و6 نيسان الفائت.
ثالثا: يدعو لبنان المجتمع الدولي لمساعدته على احتضان النازحين السوريين إنسانيا، وتوفير مقومات الحياة لهم وإبعادهم عن شبح الفقر المدقع، كما الإهتمام في تعليمهم تفاديا لاستشراء الجهل المؤهل للتطرف، كما يدعو لتمويل خطته الإستثمارية في البنى التحتية والفوقية التي تتيح تشغيل اعداد كبيرة من اللبنانيين والسوريين ضمن أطر القوانين اللبنانية، ما يشكل الخلفية العملانية والجدية لمكافحة الإرهاب والتطرف.
رابعا: على الرغم من ان لبنان ليس بلد لجوء نهائي ويرفض أي شكل من أشكال التوطين، حرصا منه على هوية اللاجئين والنازحين الوطنية أكثر منه خوفا من اختلالات ديموغرافية يسوق لها زورا هنا وهناك لبنان، يعول على قرار أممي حاسم بوقف الحرب والقتل، وعودة النازحين، ومعاقبة الظالمين والإرهابيين، وإطلاق عملية إرساء السلام في سوريا بنسيجها المجتمعي وديموقراطيتها وحريتها”.
وختم قائلا: “اسمحوا لي أن أحيي بطولة وصمود الشعب السوري أمام أعتى المجرمين وأعتى الإرهابيين لا بل كبيرهم الذي علمهم الإرهاب والإجرام وسفك الدماء. اسمحوا لي أن أحيي كل سوري لم ولن يسمح لبشار الأسد أو إرهابييه أن يغير وجه العروبة في سوريا. اسمحوا لي أن أحيي بطولة وصمود الشعب السوري في بلده وعلى أرضه. اسمحوا لي أن أحيي إصرار وحنين النازحين على العودة الى بلداتهم ومنازلهم ومساجدهم وكنائسهم على الرغم من الخراب والدمار”.
وألقى فيصل الفاصدة كلمة “منظمة قطر الخيرية”، تمنى فيها نجاح أعمال المؤتمر، مشيرا الى ارتفاع أعداد النازحين في العالم بما يقارب 65 مليون شخص ما جعل الأزمة عالمية.
واوضح ان “التضرر الأكبر يلحق عادة بالأطفال والنساء في حالات النزوح”، معربا عن اسفه “لأن أكثر من نصف عدد النازحين هم من سوريا والصومال وافغانستان ما يحتم المسؤوليات على الدول الإسلامية تجاههم”.
وأعلن “ان قطر نظمت أكثر من مؤتمر بخصوص النازحين، ورعت المؤتمرات التي عقدها اتحاد الجمعيات الإغاثية”، مشيرا الى “ان منظمة قطر الخيرية وضعت البرامج والمشاريع الإغاثية في هذا الصدد، وقد خصصت العام الماضي حوالى 188 مليون ريال قطري واستفاد أكثر من 8 مليون نازح سوري منذ العام 2011 بما يقارب 6 مليار ريال قطري”.
وألقت ميراي جيرار كلمة ممثل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، فقالت: “ان هذا المؤتمر سيساعدنا على رؤية الوضع في المنطقة وما قمنا به حتى الآن، وتأثير المساعدة والتصور على مستوى الأمن والإقتصاد والحلول المناسبة”.
وأعلنت “ان خبراء من مختلف انحاء العالم سيشاركون في المؤتمر للسير بمزيد من العزم والتصميم لإيجاد حل لهذه الأزمة”.
وكشفت انه سيعقد في ايلول 2018 مؤتمر عالمي لتقييم هذا المؤتمر وما سبقه، وسيتم الحكم على إنجازاتنا، وقال: “صحيح انه لا يمكننا أن نوقف الحروب ولكن يمكننا الحد من آثارها بمساعدة النازحين”.
وألقى خوسيه سانتا ماريا كلمة سفيرة الإتحاد الأوروبي كريستينا لاسن فقال: “ان الإتحاد الأوروبي كان من الجهات المانحة الأساسية منذ العام 2012 لمساعدة السوريين وبالذات في لبنان، وقد خصصت أكثر من مليار يورو للبنان وحده”.
وأكد “ان نتائج الحرب على الدول المضيفة وخيمة”، وأعلن عن “خطوات مشتركة لدعم اللاجئين وحماية لبنان والمحافظة على استقراره وتمكين لبنان من الخروج من أزمته”.
وأشار الى عدم كفاية البنى التحتية، من مدارس ومياه وكهرباء، بالنسبة للاجئين السوريين وأيضا للبنانيين، داعيا الى “المزيد من العمل للتخفيف عن أعباء النازحين وعن الدول المضيفة على حد سواء”.
وألقى رئيس جمعية “افاد” من تركيا محمد بالدن كلمة باللغة التركية.
وألقى مدير إدارة اتحاد الجمعيات الإغاثية والتنموية عبد الحفيظ عيتاني كلمة قال فيها: “ان هذا الإتحاد تأسس منذ خمس سنوات وعمل بشتى الوسائل وبالتنسيق مع الدولة اللبنانية والأجهزة الأمنية، مما ساعد الاتحاد على تحقيق نجاحات عدة في مجال المسؤولية والشفافية والحيادية والإحتراف والإحترام، ما جعل رسالتنا رسالة وقضية وليس مجرد عمل”.
ولفت الى “تقديم الإتحاد المساعدة لأي محتاج من دون تمييز”، وأكد “حسن العلاقات بين الإتحاد والجهات المانحة”.
وأوضح “ان عمل الإتحاد هو نموذجي في مجال العمل الإغاثي للنازحين، كنا وما نزال المبادرين تجاه هذه الأزمة”.
وتوقف عند رغبة المؤتمر بالإرتقاء في التوصيات بخصوص اللاجئين، خصوصا بعد أن أنشأنا مراكز إيواء منذ بداية الأزمة في سوريا، ثم انتقلنا من الإغاثة الطارئة الى التنمية لتأمين لقمة العيش لهم، وهكذا من الإغاثة الى التنمية الى الريادة، عقدنا مؤتمرنا الرابع في العام الماضي تحت شعار “كي لا يغرق قاربهم” أما اليوم فنسأل: “أزمة اللجوء العالمية الى اين؟”.
بعد ذلك، قدم عيتاني والسفير القطري للرئيس الحريري ممثلا بالوزير المرعبي درع اتحاد الجمعيات الإغاثية والتنموية تقديرا لرعايته المؤتمر، كما تم تقديم درع مماثل للسفير القطري.