أخبار عاجلة

نصر الله: الأولوية لاستعادة ثقة الناس وندعو إلى الحوار مع الحراك

ألقى الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله كلمة في الاحتفال التأبيني الذي أقامه الحزب بمناسبة مرور أسبوع على رحيل العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي في مجمع المجتبى، استهلها بالحديث عن مزايا وعطاءات الراحل في المجال العلمي والتربوي، ثم تناول الأحداث والتطورات الأخيرة في لبنان، وقال: “بعد مضي أسبوعين على بدء الاحتجاجات والتظاهرات وما حصل فيها من أحداث في لبنان، الآن نحن سميناها حراكا شعبيا، وهناك من يريد تسميتها ثورة، انتفاضة، فلا مشاحة في التسمية والاصطلاح، لكن أمام ما حصل، فهناك نقطة مهمة أود أن أشير إليها، وكل النقاط، باستثناء موضوع الجنوب التي ستكون النقطة الأخيرة، تتعلق بهذه الأحداث. يجب دائما أن نسلط الضوء على بعض الإيجابيات والبناء عليها”.

وأضاف: “أود أن ألفت عناية اللبنانيين إلى أنهم، وبفعل الكثير من الوعي والصبر والانضباط، تمكنوا خلال الأسبوعين الماضيين من تجنب الوقوع في ما كان يخطط له البعض أو يتمناه البعض من الذهاب إلى الفوضى أو الصدام الكبير في الشارع، وصولا إلى الاقتتال الداخلي. لا شك، وبحسب معلوماتي، في أن هناك من كان يدفع في هذا الاتجاه، فعناصر الدفع باتجاه الفوضى والصدام الداخلي كانت حاضرة بقوة في الأسبوعين الماضيين. وعلى سبيل المثال: كم الشتائم والسباب الذي لا سابقة له في تاريخ لبنان، فلا توجد سابقة كهذه في كل الأحداث والخلافات والصراعات اللبنانية، وما شهدناه – وهذا أؤكده لكم وإني أثق بما أقوله بناء على المعطيات – لم يكن عفويا، هذا كان موجها، اذهبوا واشتموا وسبوا. مدانة الشاتم ومدانة بعض وسائل الاعلام التي فتحت الهواء مباشرة لكل سب وشتم وتعرض للكرامات والأعراض، بل كان بعضها يحرض على ذلك، وإن وجد أحد يتحدث بكلام موزون يقطع كلامه، وإن وجد من يشتم ويسب يعطى كل الوقت”.

وتابع: “هذا أمر لا سابقة له في لبنان، خصوصا عندما يتردد الشتم والإهانة والسب والتعرض للأعراض: أم فلان وأخت فلان وبنت فلان وزوجة فلان وعائلة فلان، أليس لهؤلاء أناس؟ أليس لهؤلاء محبين؟ أليس لهم أنصار؟ أليس لهم شارع كبير أو أقل من كبير ينفعل ويتأثر عندما يسمع أن رموزه وقادته وأعراضه تشتم وتسب على مدار الساعة وعلى الهواء”.

وأردف: “أجزم أن بعض الذين دفعوا باتجاه الشتم والسب كانوا يريدون استدعاء الشارع الآخر أو الشوارع الأخرى من أجل الفوضى والصدام والاقتتال الداخلي، وكلنا نعرف في لبنان أن كل الناس لديهم سلاح، والسلاح ليس فقط عند المقاومة، فالسلاح النوعي عند المقاومة. أما السلاح الفردي فكل الناس لديهم سلاح وعصي وسكاكين، وكل الناس لديهم مشاعر ولديهم “قبضايات”، وكان المطلوب أن يحتدم هذا الشارع”.

وقال: “ما سمعناه على مدى أيام من شتم وسباب وتعرض للأعراض لا يليق بثورة ولا بانتفاضة ولا بحراك أناس طيبين وصادقين. وإني أجزم بأن الطيبين والصادقين لا علاقة لهم بكل هذا الذي حصل من سباب وشتائم”.

وتحدث عن “قطع الطرقات لأسبوعين، إقامة حواجز الإذلال للمواطنين، أخذ الخوات، التعرض للمواطنين وحتى لمراسلي القنوات التلفزيونية والمراسلات”، وقال: “أنتم تعرفون، أن هذا الموضوع مؤثر، وعلى مدى أسبوعين الناس بأغلبيتها لم تكن في الشارع، قولوا العدد الذي تريدونه، بالشارع الحديث عن مليون ومليونين ونصف مليون كلنا نعرف أن هذا كلام غير علمي، قولوا مئة ألف، مئتي الف، مئات الآلاف، لكن الملايين كانوا في بيوتهم، الآن هم متعاطفون فهذا بحث آخر، إنما كانوا يريدون أن يذهبوا إلى مدارسهم وجامعاتهم وأعمالهم، وقطعت عليهم الطرق وتعرض الكثير منهم للاهانة. يوم، اثنان، ثلاثة، أربعة، خمسة، خصوصا طريق الجنوب وبقية المناطق، لكن طريق الجنوب كان هناك تعمد أساسي، وكان مستهدفا بشكل أساسي”.

وتطرق إلى “الذين ركبوا موجة الحراك ورفعوا الأسقف السياسية إلى المدى الذي كان واضحا بأن المطلوب هو تنفيذ انقلاب سياسي وأخذ ثارات سياسية وتحطيم المؤسسات والذهاب بالبلد إلى الفراغ”، وقال: “كل هذا الأمر، أوجد حالة من التوتر النفسي والعاطفي والهياج والغضب في العديد من الشوارع، الذي يجب أن نتوقف عنده هنا، والذي له قيمة كبيرة، أن الذي منع الذهاب إلى الفوضى والصدام هو مستوى الوعي والانضباط والسيطرة على الأعصاب والبصيرة التي تحلى بها كثير من اللبنانيين في كل المناطق اللبنانية، فهذا الذي يجب أن يظهر كمشهد. لقد حصلت خروقات، نعم. وحصلت ردات فعل على سباب هنا وشتائم هناك، وخرج بعض الأمور عن السيطرة، فهذا هو توصيفها الحقيقي”.

وأشار إلى أن “هذه أحداث محدودة أمام مشهد كبير ومهم وإيجابي جدا، وهو مشهد الانضباط والالتزام وعدم الخضوع للمشاعر”، وقال: “إن الكثير من القوى السياسية وقيادات في القوى السياسية مارست جهدا كبيرا للسيطرة على الشارع، وأنا أعرف كثيرا من الناس لو قيل لهم فقط، افعلوا ما ترونه مناسبا، لكنتم شاهدتم ما الذي حصل في الطرقات والشوارع وما حصل للناس”.

أضاف: “إن البعض سيأخذ هذا الكلام ليقول نعود للنغمة القديمة، فالسيد يهدد، أنا لا أهدد، أنا أوصف وأقول من يريد أن يواصل العمل الاحتجاجي فهذا حقه الطبيعي والصحيح، ونحن نقدر ونحترم أهدافه ودوافعه الوطنية غير راكبي موجة الحراك، لكن عليهم أن ينزهوا احتجاجاتهم وتظاهراتهم ومنابرهم، وعلى وسائل الاعلام في الدرجة الأولى أن ترفض، إذ لا تستطيع أن تقول أنا أنقل صوت الناس، فالسب والشتم وإهانة الأعراض ليست صوت الناس وهؤلاء أشخاص مبعوثين ليشتموا ويسبوا وللدفع باتجاه الفتنة”.

وتابع: “نحن أمام ظاهرة إيجابية كبيرة جدا يجب البناء عليها للمرحلة المقبلة، وفي ما يعني المرحلة المقبلة في هذا الجزء طبعا، أنا أدعو دائما إلى الصبر والانضباط والوعي والبصيرة والتحمل وعدم الذهاب حيث يريد الحاقدون أو المتربصون أو المتآمرون بالبلد. كل من يريد الفوضى والصدام بين الشوارع والقوى السياسية او القواعد المؤيدة لهذا او ذاك، وكل من يريد أن يدفع إلى الاقتتال الداخلي يجب ان نواجهه بالصبر والا نحقق له رغبته مهما كانت الضغوط النفسية والعاطفية علينا”.

وأردف: “أدعو القيادات السياسية إلى ألا تسمح بتحول بعض الشارع. أما الآن فمن إيجابيات الحراك خلال الأسبوعين الماضيين التي كنا نتحدث عنها انها كانت عابرة للطوائف شعاراتها سياسية، مطلبية، عابرة للطوائف إلا ما حاول البعض أن يزعج به. واليوم، لا يجوز أن يدفع أحد باتجاه حراك له عناوين طائفية، يجب أن نبني على ايجابية الحراك والتحرك والمشاعر الوطنية العابرة للطوائف لنؤسس عليها للمرحلة المقبلة. أما دفع الأمور مجددا باتجاه حراك بعناوين طائفية أو هويات طائفية فهو أمر ليس من مصلحة البلد، هذه من الايجابيات التي يجب أن نبني عليها أيضا. وأنا أعيد وأؤكد هذا الانضباط والوعي، وهذه البصيرة وهذا الصبر، الذي يجب أن نتحلى به ويجب أن لا ننفعل”.

وقال: “كل همنا خلال الأسبوعين الماضيين وما زال، مع التقدير والاحترام لكل المطالب المحقة الشعبية، العمل على منع إسقاط البلد في الفراغ والفوضى، خصوصا أمام الذين ركبوا موجة الاحتجاجات ومن يقف خلفهم، وطالبوا وسعوا، ولاحقا بدأوا بالقول كلا، هذا الإعلام موجود والتلفزيونات موجودة والشعارات موجودة وتغريدات “تويتر” موجودة، كله موجود، فالذين رفعوا في اليوم الأول والثاني، خصوصا في اليوم الثاني وما بعد، شعارا أو وضعوا أهداف إسقاط العهد وإسقاط المجلس وإسقاط الحكومة، يعني ماذا؟ يعني إسقاط مؤسسات الدولة. وبالتالي، الذهاب إلى الفوضى والفراغ، وهم ما كانوا يستطيعون أن يملأوا هذا الفراغ، وهم لا يستطيعون أن يشكلوا وفدا للحوار، فضلا عن أن يشكلوا حكومة بديلة أو يتفقوا على قانون انتخاب يجمعون عليه من أجل انتخابات نيابية مبكرة أو ما شاكل. نحن همنا كان حقيقةً هو هذا الأمر”.

أضاف: “لقد أخذنا مجموعة من المواقف، وكنا نسير بكل صراحة على حد السيف، فمن جهة هناك مطالب محقة ومشاعر وعواطف للكثيرين من الناس الصادقين المخلصين الموجوعين، وهناك فساد كبير في البلد والسلطة، وهناك أيضا وضع خطير سيذهب إليه البلد نتيجة الفراغ من انهيار مالي واقتصادي، وهناك صعوبات في تأمين البدائل، وهي ليست بالبساطة والسهولة التي يتحدث عنها البعض.

وتابع: “كان المطلوب منا أن نتصرف بمسؤولية، ونحن تصرفنا بمسؤولية، لم نركب موجة ولم نرفع شعارات مضللة، وأخذ حزب الله بصدره هذه المسؤولية ليمنع انهيار البلد، لأنه كان الحاضر الأكبر في التصدي والحديث والتوضيح والتعليق والتبيين. وأقول نعم ليس وحدنا طبعا، بفعل الوعي أيضا والثبات وتحمل المسؤولية من قبل الكثيرين في الدولة والحراك الشعبي تمت الحيلولة دون وقوع البلد. والآن، هناك أناس خفضوا السقف السياسي، فالذي كان يدعو إلى إسقاط العهد والمجلس، بدأ الآن يقول لم يكن هذا هدفنا، بل هو كان هدفهم، فهذا معلن ومسجل”.

وأردف: “وصلنا إلى نقطة الحكومة واستقالتها، وأريد في هذا الإطار أن أبين بعض الأمور، فخلال السنوات الماضية كان البعض في لبنان والخارج مصرا على تسمية الحكومات اللبنانية المتعاقبة بأنها حكومات حزب الله، وهي لم تكن كذلك على الإطلاق، يعني بالحد الأدنى حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الأخيرة. وبعدها، حكومة الرئيس تمام سلام، فحكومتا الرئيس سعد الحريري، الأولى قبل الانتخابات والثانية بعدها. هناك أناس كانوا مصرين على أن يقولوا هذه حكومة حزب الله، وهي لم تكن كذلك، أبدا”.

أضاف: “حزب الله لم يتول في كل الحكومات أي مسؤولية، أي وزارة حساسة ومهمة لا في الشأن السيادي ولا في الشأنين الاقتصادي والحياتي. في النهاية، “أربحونا جميلة” بهذه الحكومة بوزارة الصحة، وأقول لكم أيضا بصدق، حزب الله لم يكن هو العنصر الأقوى في الحكومات، حتى هذه الحكومة، يعني الذي له قدرة على الحسم أو التأثير أو تغيير المسارات، فهذا غير صحيح”.

وتابع: “الآن، هناك من يقول أنتم لا توظفوا حضوركم وقوتكم ونفوذكم، فهناك من يعتبرنا مخطئين. هناك من يقدر أن لحزب الله نفوذا في الموضوع الداخلي. في نهاية المطاف، لديه حدود للاستفادة من القدرة والنفوذ، وهذا يحتاج إلى نقاش هادى لاحقا. لكن أؤكد لكم أنه في كل الحكومات كانت تؤخذ قرارات نحن لم نكن موافقين عليها، لكن ماذا نفعل؟ نستقيل من الحكومة؟ نقاتل؟ فهذا يحتاج إلى نقاش على كل حال.

وأردف: “لم تكن هناك حكومة اسمها حكومة حزب الله خلال كل السنوات الماضية في تاريخ لبنان وفي السنوات الماضية، لكن هذا الإصرار على تسمية الحكومات بأنها حكومة حزب الله هو في محاولة لاستعداء بعض الخارج عليها وهو أيضا نية سيئة في محاولة لتحميل حزب الله مسؤولية أي فشل أو تقصير أو قصور أو فساد في السلطة. إذا تحصل هناك ايجابيات فالإيجابيات للآخرين، لكن إذا كان هناك فشل وقصور وتقصير فهو حزب الله، وإذا كان هناك فساد فإما حزب الله وإما حزب الله حامي الفساد، هذا على كل حال كان يسلط الضوء عليه بشكل قوي جدا، ونحن عندما كنا نقول لا نؤيد استقالة هذه الحكومة ليست لأنها حكومة حزب الله، هي ليست حكومة حزب الله أبدا، ولم تكن كذلك ولا الحكومات السابقة كذلك، ولا الحكومة الآتية كذلك، ليس صحيحا. وأنا أود أن أؤكد أيضا في هذه النقطة على مدى السنوات الماضية ومدى الأيام الماضية، والآن وفي المستقبل القريب نحن لسنا قلقين على أنفسنا، لسنا قلقين على المقاومة، لأننا أقوياء جدا، أقوياء جدا جدا، ولم يأت زمان على المقاومة في لبنان كانت بهذه القوة، في قوتها الشعبية والجماهيرية والسياسية، في احتضان الناس لها، في عديدها، في عتادها، في عدتها، في موقعها الإقليمي، في قوة محورها، لا أحد يشتبه ويخمن أن الناس انهزوا، لم يهز أحد، وحزب الله لم يتصرف بأي ورقة قوة من أوراقه، أبدا، نعم أنا تحدثت كلمتين فقط، إذا نحن لسنا قلقين ولسنا خائفين على الإطلاق، لا أحد يشتبه بتقدير الموقف، نحن إذا أبدينا قلقا أو خشية، إنما كنا نبديها على بلدنا، على شعبنا، على أناسنا”.

وقال: “البعض يأخذ علي الصراحة والشفافية، لكن أنا أؤمن بذلك. لقد قلت في الأيام الأولى إلى بعض الذين كانوا يراجعوننا، إذا ذهب البلد إلى الفوضى، يمكن أن يأتي وقت لا تستطيع الدولة اللبنانية أن تدفع فيه رواتب وينهار الجيش والقوى الأمنية وإدارات الدولة ويخرب البلد، لكن أنا أؤكد لكم أن المقاومة ستظل قادرة على أن تدفع الرواتب، فهذه المقاومة ليست في هذا الوضع على الإطلاق. ولذلك، عندما أتحدث الآن أو نتطلع إلى المستقبل فلا أحد يفسر أننا خائفين على حزب الله و المقاومة، كلا. أي أحد آخر هو حر يخاف أو لا يخاف، لكن نحن لسنا خائفين، ولسنا قلقين، وأعيد وأقول لا أحد يشتبه بهذا الموضوع”.

وقال: “حسنا، لنقارب موضوع الاستقالة خلال الأيام القليلة الماضية، كانت ثمة وجهتا نظر: واحدة نتبناها وكنا نقول لا نؤيد الاستقالة، يجب أن نعطي شيئا ايجابيا للناس الموجودين في الشارع، فلهم مطالب محقة ويجب أن نصغي إلى الحراك الشعبي الحقيقي وليس إلى من ركبوا موجته. ووجهة النظر (الأولى) كانت تتحدث عن صدمة ايجابية – الصدمة الايجابية المطلوبة… فما هي؟”.

وأجاب: “كنا نقول فلتجتمع الحكومة في وضع طارئ واتركوا الناس في الساحات ويضغطوا على الحكومة ما المشكلة؟، هذه واحدة من الأكاذيب التي أشاعوها… أنا قلت لجمهور المقاومة: أخرجوا من الساحات لأن اشتباكا سيحصل نتيجة السباب والشتائم، أخرجوا من الساحات. غير أنني قلت للآخرين: ابقوا في الساحات واحشدوا وزيدوا وابقوا واضغطوا وأنتم تفاوضون. وأنا لم أقل أخلوا الساحات ولم نكن نتآمر على إخلاء الساحات، أبدا. وجهة نظرنا كانت أن تجتمع الحكومة في شكل متواصل ليلا ونهارا، تعتكف وتصدر للناس مشروع قانون استعادة الأموال المنهوبة، وترسله إلى المجلس، والمجلس النيابي يجتمع سريعا ويقر القانون، قوانين لمكافحة الفساد، مشاريع قوانين تذهب إلى المجلس، المجلس يجتمع ويقر، قانون العفو العام، عشرات الآلاف اليوم في لبنان، عشرات العائلات كانت تعيش على أمل أن يصدر قبل نهاية السنة قانون عفو عام، فلننجز القانون ولنقم بإجراءات، ولنستجب لمطالب الناس”.

وأضاف السيد نصر الله: “إنها الصدمة الايجابية التي كنا نؤمن بها ونطالب بها، وكنا نتكلم بها مع شركاء الحكومة ومع رئيس الحكومة”.

وعن الخيار الثاني قال: “إن وجهة النظر الثانية تقوم على صدمة ايجابية، أي تعديل حكومي. وكنا نقول أي تعديل حكومي لن يؤدي إلى صدمة ايجابية، بالعكس، سيزيد مشاعر الغضب والإحباط والاحتجاج في الشارع، وهذا لا يؤدي إلى صدمة ايجابية، بمعزل عمن هو المستهدف بالتعديل الحكومة”.

وتابع: “وكنا نقول لهم: نحن نخاف من خيار استقالة الحكومة أن يأخذنا إلى الفراغ وإلى تعطيل البلد وإلى فترة طويلة من تصريف الأعمال، هذه حقيقة موقفنا وهذه حقيقة محاذيرنا، ولم نكن ندافع لا عن أنفسنا ولا عن أحد ولا نتمسك بحكومة يعتبر البعض أنها حكومة حزب الله ولا أي شيء من هذا على الإطلاق، كان موقفنا ينطلق من رؤيتنا لمصلحة البلد”.

واستطرد: “حسنا، في اليوم الأخير، يوم الثلاثاء رئيس الحكومة أخذ خيار الاستقالة، في طبيعة الحال دستوريا عندما يستقيل رئيس الحكومة كل الشركاء في الحكومة ليس عندهم رأي، يعني الحكومة استقالت، وماذا يعني ذلك الآن!؟. في بعض التداعيات يعني ورقة الإصلاحات جمدت، لأن كل مشاريع القوانين التي يجب أن تصدر عن الحكومة الآن لا حكومة تصدرها، يعني مشروع قانون عفو عام غير موجودة، لعشرات آلاف اللبنانيين المنتظرين للعفو العام، يعني مشروع قانون استعادة الأموال المنهوبة غير موجودة، يعني قوانين مكافحة فساد جدية وحقيقية ورفع حصانات غير موجود، هذا كله الآن ذهب إلى الانتظار، أليس هذا ما كنتم تريدون؟. يعني معالجات اقتصادية ومعيشية غير موجودة، ذهبت إلى الانتظار، هذا الانتظار ما هو!؟”.

وأكد: “أنا لا أعلم أن المجلس النيابي سيتمكن من إقرار موازنة 2020 أو لا، لأن ثمة اجتهادات دستورية مختلفة في هذا الشأن. بكل الأحوال نحن لم نكن نؤيد هذه الاستقالة ورئيس الحكومة أخذ هذا الخيار له أسبابه ولا أريد أن أناقش في هذه الأسباب، ندعها لوقت آخر، لكن واقع الحال الآن هو هذا”.

وقال: “مستقبلا، ما يخشى منه البلد يجب ألا يقع فيه، يعني من المفترض في الأيام القليلة المقبلة أن يحصل تكليف، وبعد التكليف يجب أن يتعاون اللبنانيون من أجل تضييق مرحلة تصريف الأعمال، لأن مرحلة تصريف الأعمال إذا طالت، فهذا هو الفراغ الذي كنا نتحدث عن بعض جوانبه، لأن لا حكومة لدينا تصوغ مشاريع قوانين ولا حكومة تقوم بإصلاحات ولا معالجة للوضع المالي والإقتصادي، ولا حكومة لتأخذ قرارات ولا شيء. وكل الذي نزل الناس من أجله وصرخوا من أجله، سيضيع ولن يتحقق، من يتحمل المسؤولية؟ هذا بحث أخر، يأتي وقت له لاحقا، وليس الآن، لأن الآن ما زالت حال الانفعال والعنفوان والغضب والمشاعر الطاغية، يأتي وقت في شكل هادىء يقال إن هذه الموجة العارمة الشعبية الصادقة من الإحتجاجات وكانت لها أحلام، من الذي سرق أحلامها؟ لأنه من الآن بدأت الناس توزع الإتهامات، سنتكلم به لاحقا”.

وشدد: “اليوم مسؤولية اللبنانيين جميعا، والقوى السياسية، والكتل النيابية، والأحزاب، ومن في الحراك والناس والشعب اللبناني بكل فئاته… أن يدفع في اتجاه ألا يكون ثمة فراغ في السلطة، وأن تشكل حكومة جديدة في أقرب وقت ممكن. وهذه الحكومة الجديدة التي نطالب بتشكيلها، ندعوها من الآن، أن ينطلق الجميع فيها من هذه الخلفية، وأن يصغوا إلى مطالب الناس الذين خرجوا إلى الشوارع. وأنا إقترحت في السابق وأعيد وأقترح أن أول ما يجب أن تقوم به الحكومة الجديدة، أن نأتي بكل الفيديوات والتسجيلات وأن تستمع إلى مطالب الناس، وأما من ركب الموجة فتضعه على حدى. الناس العاديون الطيبون الموجوعون المتألمون، ماذا قالوا؟، وماذا حكوا؟، وماذا طالبوا؟، وماذا يريدون؟، ونعد برنامجا للاستجابة إلى كل مطالب هؤلاء”.

وأكد: “الحكومة الجديدة يجب أن يكون عنوانها وهدفها الحقيقي في الدرجة الاولى عنوان إستعادة الثقة. وأنا تحدثت في العاشر من محرم عن الثقة بين الشعب اللبناني والسلطة وهذا قبل الحراك، ودعوت إلى إستعادة الثقة… اليوم أيضا أقول: الحكومة الجديدة، بغض النظر عن مكوناتها، وممن تشكلت، يجب أن يكون هدف برنامجها وخطتها في الدرجة الاولى إستعادة الثقة بين الشعب والسلطة، لأن هذه الثقة إذا كانت مفقودة فلن تستطيع الحكومة أن تقوم بإنجازات مهمة، ستبقى في دائرة الشبهة والإتهام، وبالتالي يجب أن تكون هذه الحكومة تمتلك أو تقدم كل العناصر التي توحي بالثقة أو توحي بأنها حقيقة وفعلا تتجه في اتجاه إستعادة الثقة مع الشعب اللبناني”.

وحدد: “(المطلوب) الجدية في العمل، أي ألا تعتبر (الحكومة) أن لديها وقتا طويلا فتعمل على مهل، فيما الوقت المالي والإقتصادي للبلد ضيق، لقد صبر الناس، وصدورهم ضاقت، وهذا ما عبر عنه الحراك الصادق، وبالتالي فحكومة جديدة تعمل على مهل وتقوم بلقاءات على مهل وتأخذ قرارات على مهل ومشاريع قوانين على مهل… تعني (محلك يا واقف)، لن تستطيع أن تنقذ البلد”.

وشدد: “المطلوب الجدية والعمل الدؤوب وإعطاء الأولوية، يعني رئيس الحكومة وكل الوزراء يجب أن يكون عملهم في الليل وفي النهار هو الحكومة، ألا يكون عملهم في الحكومة وقتا إضافيا، وإنما كل الوقت الحقيقي من الليل والنهار يجب أن يكون في الحكومة، ومن أهم عوامل إستعادة الثقة الوضوح والشفافية، وهذا مفقود في عمل الحكومات لدينا في لبنان”.

واستطرد: “سأضرب مثلا وهو نقد ذاتي للجميع، وإن كنت لا أحب أن (ألكوش بالعالم) شمالا ويمينا، حتى يبقى لنا القليل من الأصدقاء، ولكن أضرب مثلا على عدم الشفافية، حسنا لما حصل الحراك وأصبحت العالم تتكلم بالمطالب وتطالب بإصلاحات نحن كل مكونات الحكومة الراهنة، كل من موقعه خرج ليقول إن هذه المطالب هي مطالبنا وهذه الإصلاحات نحن كنا نطالب بها، وهذه البرامج كنا نعمل لها… حسنا، أكيد ثمة من لا يتكلم بشفافية، ولا أريد أن أتهم أحدا، لأنه إذا كل مكونات الحكومة كانت تؤمن بهذه المطالب وتسعى جادة إلى تحقيق هذه الإصلاحات لماذا لم تتحقق؟! يعني مثلا عندما كنا نذهب إلى بعض القضايا والمباحث المالية، حسنا بالإعلام الجميع ضد الضرائب ولكن داخل الجلسة ليس كذلك. والدليل ما حصل في موازنة 2019 وما كان يحصل في موازنة 2020… صحيح أن وزارة المال تقول إنها قدمت ميزانية من دون ضرائب، لكن في الجلسة توضع الضرائب. وبعد ذلك خارج الجلسة كلنا ضد الضرائب، هذا يفقد الصدقية، أهم شرط لإستعادة الصدقية هو الصدق والشفافية والوضوح، من يريد أن يدير بلدا، وبخاصة في مرحلة الأزمات والشدائد، يجب أن يملك شجاعة أن يصارح شعبه بقناعاته وقراراته، يخرج فيقول: أنا مع الضريبة الفلانية لأنه أيها الشعب اللبناني لا حل إلا بهذه الطريقة، يعني يكون شجاعا وصريحا، وإلا فمن غير الصحيح أن يكون دائما الفساد موجود ولا فاسد، والذبيحة في الشارع ولم يذبحها أحد، هذا غير صحيح والناس من غير الممكن أن يستخف بعقولها بهذه الطريقة، الحكومة الجديدة من أول الطريق، إذا لم يكن لديها وضوح وشفافية وصراحة وصدق مع الناس لا نصل إلى أي مكان ولا ننقذ بلدنا حتى لو سميناها حكومة إنقاذ، فلتسمونها ما تشاؤون، المهم الحقيقة والمضمون”.

وتابع: “النقطة الثالثة قبل الأخيرة أو ما قبل قبل الأخيرة، نحن ندعو إلى الحوار والتواصل بين كل مكونات القوى السياسية والكتل النيابية وأيضا الممثلين الصادقين للحراك. نحن لسنا مع القطيعة، نحن نقدر أن ما جرى خلال الأسبوعين الماضيين ترك جروحا عميقة على المستوى النفسي، لكن المصلحة الوطنية تقضي أن يتجاوز الجميع هذه الجروح، البلد يحتاج إلى الجميع، أن يتحمل الجميع المسؤولية”.

وقال: “رابعا، لاحقا يجب أن نتحدث عن الدور الأميركي في لبنان، الذي يمنع اللبنانيين من الخروج من مشاكلهم المالية والإقتصادية، لا يصدق أحد أن للأميركيين دورا مساعد، أبدا بالعكس، لهم دور تعطيلي وتأزيمي في الوضع اللبناني. وبعد ذلك إن شاء الله سأتكلم في لقاء واضح وفي تفاصيل ووقائع وليس إتهامات سياسية أو إعلامية… وإن الدور الأميركي يمنع من الخروج من الأزمة، بل أكثر من ذلك في سد الأفاق، أفاق الحلول على اللبنانيين التي يمكن أن تعالج أزمتهم الإقتصادية وتطلق إنتاجهم الصناعي والزراعي، الضغوط التي يمارسها الأميركيون على لبنان من أجل خدمة سياسة عدائية بحتة، ليفرضوا عليهم شروطهم في المستقبل، ونحن نعتقد جازمين أن اللبنانيين إذا مارسوا سيادتهم”.

وأضاف نصر الله: “لذلك نطالب بحكومة سيادية حقيقية، بحكومة كل من في الحكومة ومن في مؤسسات الدولة يكون قرارهم لبنانيا فعلا ووطنيا فعلا، ليس أن نتصل بالسفارة الأميركية لنسألهم: ماذا يجب أن نقوم به الآن، وماذا تقبل السفارة الفلانية والسفارة الفلانية، البعض سيقول لنا انتم والسفارة الايرانية أصحاب، وهذا السفير موجود، والجميع يعرف أن قرارنا محلي ذاتي وطني سيد حر مستقل حقيقي، وهذه هي الحقيقة. على كل المطلوب حكومة سيادية حقيقية، إذا مارسنا سيادتنا وعملنا بما تقتضيه مصالحنا الوطنية وليس الإملاءات الأميركية والغربية والخارجية على حكومتنا، نريد أن نقوم بكذا ممنوع، نريد أن نستقبل الشركات الفلانية ممنوع، نريد أن نذهب الى البرنامج الفلاني ممنوع… وبتهديد، إن شاء الله سنتكلم بالتفاصيل لاحقا”.

وأكد: “نجزم بأننا كلبنانيين لدينا من العقول والتجارب والخبراء والقدرات البشرية ومن إمكانات الإبداع والنشاط والحيوية، لو مارسوا سيادتهم وأخلصوا لمصالحهم ما سيساعدهم على الخروج من المأزق المالي والإقتصادي ومن تطوير أوضاعهم وتطوير أوضاعهم نحو الأحسن”.

وتابع: “النقطة الأخيرة، ما حصل بالأمس في الجنوب، من تصدي مقاومي المقاومة الإسلامية ومجاهديها لإحدى المسيرات الإسرائيلية، فهو أمر طبيعي. الآن الإسرائيليون، وبالأمس واليوم كانوا يحللون كثيرا… جيش العدو، الاجهزة الأمنية، الصحافة ووسائل الإعلام، يقومون بتقدير أن هل هذه فلتة شوط ام أنها حادثة منفصلة؟. كلا هذه ليست حادثة منفصلة، نحن من يوم العدوان على الضاحية الجنوبية وما حصل بعد ذلك قلنا: ماضون في مسار إسقاط المسيرات في المكان الذي نستطيع أن نسقطها، لكن الهدف الحقيقي الأعلى من إسقاطها لأن إسقاطها ليس هدفا في حد ذاته، هو تنظيف الأجواء اللبنانية من الخروق الإسرائيلية، ونحن إذا إستطعنا ان نسقط المسيرة هذا جيد، ولكن إذا لم نستطع أن نسقطها ونستطيع أن نبعدها ونحافظ على سيادتنا وأمننا وأمن بلدنا أيضا هذا هدف مطلوب، الذي حصل هو في سياق سيستمر وأنا أقول للعدو هذا، للعدو نقول هذا السياق سيستمر، للداخل نقول لا يحلل أحد بالسياسة، موضوع المقاومة موضوع منفصل عن أي تطورات في الداخل، أبدا ليس له علاقة، ولم ندخل أبدا موضوع المقاومة في أي تطور سياسي في الداخل. بل نمارس مقاومتنا طبيعيا، لأننا هادئون ومطمئنون وواثقون ولسنا خائفين أو قلقين… وما حصل بالأمس يؤكد أن للمقاومة الإسلامية لها قيادتها العسكرية المتخصصة المتفرغة ولها كوادرها ومجاهدوها وإمكاناتها وبرامجها وهي تعمل بمعزل عن كل التطورات الداخلية، من أصعب الأيام قبل الـ2005 وبالـ2005 إلى اليوم، وبمعزل عن التطورات الإقليمية، يعني سواء أكان بقية حزب الله منشغلا بأحداث سياسية، أو منشغلا حتى بمعارك كما كان الحال في سوريا، فإن المقاومة المعنية بمواجهة العدو الإسرائيلي هي واقع قائم ومنعزل عن التطورات والأحداث ولا ينشغل بها ولا يتأثر فيها. لذلك هذا المسار إن شاء الله هو مسار مستمر، وطبعا العدو كان وقف وله الحق في أن يقف عند هذه النقطة. وهو كان يفترض أن المقاومة لن تجرؤ على إستخدام هذا النوع الذي أستخدم بالامس من الأسلحة المناسبة، لكن المقاومة أثبتت أنها تجرؤ، وأنها ملتزمة بوعدها وبقرارها حماية بلدها وصيانة سيادتها”.

عن Editor4

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *