أخبار عاجلة

اعتصام حاشد لأبناء اقليم الخروب ورسائل تحذيرية للحكومة

عبر ابناء اقليم الخروب عن رفضهم المطلق وغضبهم وإستيائهم الشديد من خطة الحكومة في معالجة مشكلة النفايات “على حساب ارواح ابناء الاقليم وصحتهم” من خلال اعتماد كسارة الجية – بعاصير – ضهر المغارة، كموقع لمحرقة او مطمر للنفايات.

واطلق المحتشدون شعار “لن يمر لا بالعرض ولا بالطول، وإما قاتل أو مقتول”، خلال الإعتصام الذي نفذوه عند مدخل موقع الكسارة المذكورة، بدعوة من لجنة تنسيق اهالي الاقليم، بمشاركة حاشدة من مختلف الأحزاب والقوى الوطنية والسياسية التي يتكون منها مجتمع الاقليم، الى جانب رؤساء بلديات برجا الدكتور ريمون حمية، بعاصير أمين القعقور، ضهر المغارة جورج داغر، الجية نائب الرئيس وسام الحاج، رئيس بلدية برجا السابق نشأت حمية، اللواء علي الحاج، إمام مسجد الديماس في برجا الشيخ الدكتور أحمد سيف الدين، إمام مسجد برجا الكبير الشيخ جمال بشاشة، كاهن بلدة ضهر المغارة الأب شارل كساب، الأمين العام السابق للحزب الشيوعي الدكتور خالد حداده، مخاتير، جمعيات، فاعليات واعضاء المجالس البلدية.

وحرص المنظمون على عدم اطلاق الشعارات الحزبية، على اعتبار ان التحرك أهلي ومن المجتمع المدني، واقتصر الأمر أيضا على رفع العلم اللبناني فقط وسط حضور كثيف من القوى الأمنية من جيش وقوى أمن داخلي.

ويبدو ان المعتصمين أرادوا توجيه رسالة تحذيرية للمعنيين في الحكومة وأصحاب الشأن، مفادها ان اي خطوة في إتجاه موقع الكسارة بخصوص النفايات لن يكون سهلا، وهي تتطلب معركة ومواجهة دامية وحتمية مع الاهالي، ومن شأنها ان تترك الوضع مفتوحا على كل الإحتمالات، على خلفية “يكفينا ما عندنا من تلوث” ولن نسمح بمصادر تلوث اضافية مهما كانت التحديات والمحاولات.

وكان لافتا ان الأطفال حملوا اللافتات المنددة بالمشروع ومنها “سنواجه هذا المشروع المميت والمدمر”، “صحة اولادنا اولا”، “سموم المعامل تكفينا” و”لن يمر”…

بداية القى الأب كساب كلمة قال فيها: “في هذا اليوم المبارك، يوم الحقيقية، جئنا نشهد كرجال الله على الحق، فيسوع كان يقول دائما الحق الحق اقول لكم، إن قرار مجلس الوزراء الأخير المتعلق بانشاء هذا المطمر للنفايات في كسارة الجية – بعاصير – ضهر المغارة، هو مخالف للتشريع الالهي وللتشريع الوضعي والطبيعي، فالأرض هي أرض وقف لله وقداسة البابا في اليوم البيئي العالمي أعطى رسالة ان الطبيعة بيتنا المشترك فلنحافظ عليها ولتكن الخليقة مسبحة لله وممجدة للرب، فإن هذا المطمر لن يجمد الله ولن يسبحه، بل هو مخالف للشريعة الالهية، والقرار ايضا، وهي خطيئة مميتة”.

وتابع: “هذا المطمر جريمة متمادية ومستمرة ويقتل الأطفال والعجز وينشر السموم، في الجية وضهر المغارة والدبية وبرجا وبعاصير وكل الاقليم، لذلك لن نقبل كخدام للرب أن نسكت عن هذه الجريمة وعلى قول الحقيقة، وهذا القرار مخالف للتشريع الوضعي ولقانون العقوبات وللأثر البيئي ولكل التشاريع المتعلقة بالبيئة”.

وسأل: “هل يعقل أن يكون المطمر بين المساكن والبيوت، بين الناس والأطفال؟ لن نقبل وكما قال يسوع لن ترقعوا بالثوب العتيق، لذلك نطلب من السلطة التنفيذية الموكلة ادارة المرافق العامة اعادة النظر بهذا القرار الاداري المخالف للتشريع الوضعي”.
وأكد “ان المطمر لن يمر من هنا”، وقال: “نحن رجال الله لن نسكت، لن يمر، لن يمر، لن يمر”.

ثم كانت كلمة للشيخ بشاشة قال فيها: “الخداع عبودية، فهل ترضون أن تكونوا عبيدا؟ ليس هناك أعظم خيانة ولا أسوأ عاقبة من مسؤول يتولى أمورنا ثم يفرط فيها ويضيعها، هل كتب علينا أن نتجرع السم وأن نتحمل الفظاظة وأن تحل علينا اللعنة بدلا من البركات؟ أليس عارا وطنيا وأن تدبَّر لنا المكائد ولا من يسأل فينا أو يدافع عنا أو ينظر في أحوالنا البائسة؟ هذا الكم الهائل من الاهمال أليس مفجعا؟ هذا القهر المتواصل على مدى عقود وسنوات، أما يولد فينا ثورة وانتفاضة؟ هل نحن نعيش في دولة إسمها دولة، أم نعيش في ظل مافيا؟ كيف نثق في سلطة وهي لا تفكر فينا إلا عندما تفكر في الزبالة؟”.

وأضاف: “دولة تريد قتلنا، تكيد لنا، لا ذمة عندها ولا ولاء”، وقال: “دلونا على الانجازات التي نتمتع بها في هذه الناحية؟، اين هي المشاريع الانمائية التي ننعم بها هنا؟ نحن في هذه المنطقة مندورون فقط للأمراض وللكوارث وللنكبات؟ لم تحسن الدول تدبير شؤون الناس ورعاية مصالحهم، بل هي على العكس تهدد حياتهم وتخرب ديارهم وتسمم أجواءهم، هذه دولة تستحق الحياة؟ هل الدولة التي تقتل مواطنيها وتدبر لهم المكائد تستحق الاحترام؟ يكذبون ويكذبون ويكذبون، ولكن حبل الكذب قصير”.

وتابع: “في كل حي وحارة وفي كل بلدة وقرية، هناك مرضى يئنون ويتألمون، فهل من شريعة او قانون، هل من انسانية تبيح السكوت على الضيم؟ فرسول الله محمد يقول اذا خشيت أمتي ان تقول للظالم يا ظالم، فقد تودع منها”، من لا يقف في وجه الظالم لا حياة كريمة له ابدا، كيف نسكت على وجع امهاتنا وآبائنا واخواننا؟ فإن سكتم لن يرأفوا بكم بعد اليوم، من يطبب أهلكم وأولادكم، وإن سكتم فسوف ترمل نساءكم ويتيتم اطفالكم، وستثكلكم امهاتكم واحدا تلو الآخر ويتهجر من بقي منكم، فإن لم نقف هذه المرة وقفة واحدة صلبة ومنيعة تحرق وتخرق حصونهم، حصون المافيات والسرقات وحصون النهب في هذا البلد، سيأتون علينا جميعا واحدا واحدا، وإن لم نفعل هذا، وإن لم نقف هذه الوقفة، فستكون هجرتنا هذه المرة هجرة لا عودة بعدها.
لا بقاء لنا في أرضنا وبيوتنا إن لم نطمر مطمرهم، لا بقاء لنا في بيوتنا إن لم نحرق محرقتهم”.

وختم الشيخ بشاشة وهو يجهش بالبكاء فقال: “الى عيون أختي التي ماتت بالسرطان، والى عيون خالتي التي ماتت بالسرطان، والى عيون عمتي التي ماتت ايضا بالسرطان، الى كل قريب لكم مات بهذا المرض أو بشبيه منه، لعيون هؤلاء جميعا سنقاوم وسنظل نقاوم ما بقيت فينا قطرة دماء، فهل تسكتون ايها الناس، وتموتون ميتة الذل والمهانة، أم تقاومون وتعيشون بكرامة، الخيار لكم أيها الناس، فالغضب الساطع آت وأنا كلي ايمان”.

ثم ألقى الدكتور جان القزي كلمة لجنة تنسيق اقليم الخروب مرحبا بالحشود “الذين يعبرون عن معاناة الاقليم ويرفضون الواقع المرير”، وقال: “ربما هي الوقفة التاسعة أو العاشرة خلال السنوات الأربع المنصرمة احتجاجا على واقعنا المرير بيئيا وصحيا وانمائيا. صدقا توقفنا عن العد. بالأمس القريب ربما كان الوداع الألف والألفين لضحية جديدة من ضحايا السرطان، صدقا توقفنا عن العد، ورغم ذلك لم يتغير شيء، لماذا هذا الاستهداف لاقليم الخروب؟ لماذا تستمر السلطة بتجاهلنا، وباستنزاف منطقتنا غير آبهة بصحتنا ومستقبلنا؟ بل وتريد أن تزيدنا من الكأس المر الذي نتجرعه يوميا، يا لوقاحتهم ويا لظلمهم”.

واضاف: “كانت هذه البقعة التي تطأها أقدامنا اليوم جنة تسبح الخالق وتمجده، لقد كانت فسحة أمل ونهر خير لطالما استمتع بمياهه العذبة آباؤنا وأجدادنا، ولكن ويا للأسف لن يستمتع بها ابناؤنا وأحفادنا، فيا لمأساتنا ويا لمعاناتنا. هذه الجنة هي اليوم هي في أبشع صورها وفي أشنع المواقع في لبنان حيث نقف واياكم لنقول لتلك السلطة الفاقدة للثقة مشروع الموت الذي تريدونه لنا وتخططون له على أرضنا لن يمر ولن يمر. قلناها بالأمس مرة لن يمر ونكررها اليوم الف مرة ومرة لن يمر ولن يمر ولو على جثثنا وجثث أطفالنا، فالمطمر مخطط تهجيري ولن نسمح بأن نهجر من أرضنا مرة أخرى. لن نسمح بان يلوث هواؤنا الذي ما عاد يحتمل ذرة سامة واحدة اضافية، لن نسمح بان تدمر ثروتنا المائية التي تستنزف بسبب فساد السلطة وغيابها. لن نسمح بأن يتنشق شبابنا رائحة خططكم الشيطانية النتنة كل يوم في المدارس والجامعات. لن نسمح بأن نخسر أموالنا وجنى عمرنا وكد السنين وأن تصبح أرضنا بلا قيمة ويتحول ارث أجدادنا من خير ورزق وبركة الى مصدر أمراض وسموم ولعنة. ولم نسمح بأن نقتل ببطء على أعتاب المستشفيات وفي غرف العلاج. يقولون وأعني الوزراء العباقرة دعونا نطبق الللامركزية في معالجة أزمة النفايات، نقول لهم وبكل محبة ولما لا نطبقها في الكهرباء ايضا. فسموم معامل الكهرباء هي حصر لنا وامتيازات لمنطقتنا، كفانا تقصيركم في معالجة الملوثات المزمنة التي تطالنا من معمل الترابة ومرفأ الفحم الحجري الخاص به، الى خزانات الوقود الضخمة والطريق الدولية وضجيج السيارات والآليات ودخانها، الى ابراج التوتر العالي المزروعة في كل حدب وصوب والموصولة بمعامل الكهرباء التي تعمل دون حسيب أو رقيب مستخدمة أسوأ أنواع الفيول كمرمى لجيوب وعيون المسؤولين، الى الكسارات المقرفة التي قطعت أشجارنا وطحنت جبالنا والتهمت الأخضر واليابس وأحدثت التشققات والتصدعات في المنازل نتيجة استخدامها المفرط للديناميت وسواه من المتفجرات، ليتحول كل ذلك اموالا في جيوب أصحاب الشهوات، وانتهاء بالمكبات العشوائية، التي تحصرنا منذ العام 2015، والتي ما هي الا دليل على كيفية تعاطي السلطة معنا، ومن خلال الاسلوب الذي اعتمدته وقررت معاقبتنا به، لأننا رفضنا أن يذبح أطفالنا ويخنق شيوخنا وتهجر قرانا”.

وتابع: “وقفنا في مواجهة الخضوع والخنوع في العام 2015، فلتسمع هذه السلطة جيدا وليسمع القاصي والداني وليسمع ممثلو السلطة ممن يدعون الحرص على أمن المنطقة وامانها، ان ما حصل في العام 2015، هو فيض من غيض مما سترونه هذه المرة، وان ظلمنا مرة تلو الأخرى سيجعلنا اكثر قوة وشراسة اذا ما حاولتم فرض مطمر او محرقة تفكك حراري في الجية، أو حرق RDF في معمل سبيلن، نكرر ونشدد او حرق RDF في أفران سبلين المميتةن او أي مصدر جديد للتلوث في ساحل الاقليم او جبله، لأننا لا نثق بكم، فقد جربناكم كثيرا. اليوم نقف امام كسارة الجية، وغدا سنقف امام معمل الجية وبعده امام معمل سبلين، فمنطقتنا لن تكون مقبرة مفتوحة، وسنعتبر اي خطر داهم عدو لنا ولا فرق بينه وبين اسرائيل، وسنواجهه بكل الوسائل المتاحة. نحن نهبهم العلم والرجال وهم يهبوننا المطامر والمحارق والسموم، آن لهم أن يدركوا ان الاقليم مقلع الرجال والنساء وصانع تاريخ الوطن، فرأس الأفعى يجب أن يقطع، وكساراتنا يجب أن تخضع للقوانين، وان تشجر اولا وان تثتثمر في مشاريع بيئية تعيد الحياة لأرضنا وتبعث الأمل من جديد، والا سيبقى غيلان المال والجشع يحومون حولها كغربان الموت منتظرين الإنقضاض علينا وإفتراسنا متى سنحت لهم الفرصة، لذلك وبإسم الحاضرين والغائبين نطالب السلطة بإزالة موقع الجية – بعاصير – ضهر المغارة عن خريطة المواقع المعتمدة ضمن خطة وزارة البيئة وصرف النظر عنها نهائيا، وتحرير المواقع والعقارات المحاذية للكسارة والسماح بإعطاء رخص بناء، ضمن منطقة بعاصير العقارية، وكف يد مجرمي الطبيعة وأعداء البيئة بوضع حد لتفلتهم المرفوض”.

وختم القزي بمطالبة الملوثين التعويض على اهالي المنطقة ودفع ما عليهم من متوجبات عن السنوات الماضية تحت مبدأ المتسبب بالضرر والملوث يدفع، حيث لن نسكت بعد اليوم عن حقوقنا، ونذكركم بأن للاقليم رجاله ورجالاته ونساؤه، فهو مقلع الرجال لا أشباه الرجال، وهو الذي كان الداعم الأول للدولة، وهو الذي يعمل على ديمومتها، ومازال وتاريخه شاهد على ذلك، ونقول لهم ونكرر ما تجربونا، وعلى جثثنا وبالدم، نموت رصاصة أسهل أن نموت بمرض السرطان، فلن يمر ولن يمر ولن يمر…”

وفي ختام الإعتصام، لبس عدد من الشبان الأكفان تعبيرا عن استعدادهم لمواجهة المشروع والتصدي له لحماية المنطقة من هذه السموم القاتلة.

عن Editor4

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *