أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون “أن التوحد قضية انسانية ووطنية”، مشيرا الى أنه “لا يجب أن نسمح بأن يتم التعاطي مع الذين يعانون من هذه الحالة وكأنهم كمية مهملة او نسب مئوية، فننسى الانسان فيهم، وننسى انهم يشعرون ويتألمون كسائر الناس”، مشددا على “ضرورة أن تتضافر كل الارادات لجعل المعاناة أقل قسوة وغد التوحد أكثر املا”.
وإذ دعا الرئيس عون المؤسسات السياسية والاجتماعية والتربوية الى مقاربة هذه الحالة من منطلق ان ابناء التوحد هم جزء لا يتجزأ من مجتمعنا ولهم مكانهم وحقوقهم، وأولها حق الاندماج، فإنه توجه الى الطاقات العلمية في لبنان للانخراط في الجهد العالمي لكشف أسباب التوحد والمساهمة في وضع مناهج تعليمية يمكن التأسيس عليها من اجل تأمين تطور الاطفال المصابين ومواكبتهم في كل مراحل حياتهم.
مواقف الرئيس عون جاءت خلال الاحتفال الذي اقيم الثامنة مساء اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا لمناسبة اختتام شهر التوعية على التوحد، وتمت في خلاله اضاءة الواجهة الخارجية للقصر باللون الازرق الذي يعتبر رمزا عالميا تعبيرا عن دعم التوحد تحت شعار Light it up blue، بمشاركة عدد كبير من الجمعيات الاهلية والمؤسسات التي تعنى بهذه الحالة واطفال مصابين بها، في حضور وزير الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي،السيدة لمى سلام، النائب غسان مخيبر وقرينته وعدد من الشخصيات الرسمية والسياسيةوالاعلامية والفنية والاجتماعية.
وكان الاحتفال بدأ عند الثامنة مساء بخروج الرئيس عون واللبنانية الاولى السيدة ناديا الشامي عون الى بهو القصر، ووقعا على مجسم puzzle كبير يجسد شعار التوحد، انتقلا بعدها الى المدخل الخارجي للقصر، حيث كان في انتظارهما المدعوون وعدد من الاطفال المصابين بالتوحد أنشدوا النشيد الوطني بمرافقة عازف البيانو ارمان الهنود، ثم أدوا أغنية “دعني اسمع صوتك” للفنان غسان صليبا وهي خاصة بالتوحد، أضاء أثناءها الرئيس عون واللبنانية الاولى القصر الجمهوري باللون الازرق.
ثم القى الرئيس عون كلمة جاء فيها:” أيها الحضور الكريم،أهلا وسهلا بكم في بيتكم أحببنا ان نستمع منكم مباشرة عن معاناتكم مع التوحد الذي يصيب اطفالنا، وأن نمضي معهم بعض الوقت لنتعرف عليهم أكثر.
منذ بضع سنوات تكثفت حملات التوعية في العالم عن التوحد، لتسليط الضوء عليه ونشر الوعي العام بين الناس وخلق حالة متفهمة، تضامنية، وداعمة. ونحن في لبنان، ننشط في مجال التوعية على جميع المستويات.
وإذا كانت التوعية ضرورية، فإن المطلوب اليوم صار أكثر، خصوصا وأن نسبة الإصابات هي في ارتفاع، فمعظم الناس تعرفت الى التوحد وباتت تعرف أعراضه. لذا صار لزاما علينا الغوص أعمق لأنه، قد يلازم مدى الحياة في ظل عجز العلم حتى الآن عن معرفة أسبابه وعن اقتراح علاج مناسب له. من هنا، يجب أن تتضافر كل الإرادات لجعل المعاناة أقل قساوة، وغد التوحد أكثر أملا.
هي قضية انسانية ووطنية، فلا يجب أن نسمح بأن يتم التعاطي مع الذين يعانون من مشكلة التوحد وكأنهم كمية مهملة أو نسب مئوية، فننسى الإنسان فيهم، وننسى أنهم يشعرون ويتألمون كسائر الناس، وربما ألمهم يكون أكبر لأنهم يعجزون أحيانا عن التعبير عنه.
إن مؤسساتنا السياسية والاجتماعية والتربوية مدعوة لمقاربة هذه القضية من منطلق أن أبناء التوحد هم جزء لا يتجزأ من مجتمعنا، لهم مكانهم ولهم حقوقهم، وأولها حقهم بالاندماج في هذا المجتمع، وبفرصة التعليم والعمل بما يتناسب مع قدراتهم، كما لعائلاتهم أيضا كل الحق بالدعم والمساندة.
ومسؤولية الجمعيات الأهلية المجتمعة هنا هي اساسية، في نشر الوعي، في مساعدة الأهل، وفي مواكبة أي تطور في هذا المجال. وهنا ندعوها ان توحد جهودها وان لا تشرذم قدراتها كي تكون فعالة، مع المحافظة على تنوعها.
وفي هذا المجال ندعو أيضا طاقاتنا العلمية الى الانخراط في الجهد العالمي لكشف اسباب التوحد، والمساهمة في وضع مناهج تعليمية يمكن التأسيس عليها من اجل تأمين تطور الأطفال المصابين ومواكبتهم في كل مراحل حياتهم. واعطائهم فرصة للمساهمة على قدر طاقة كل منهم في الانتاج الحرفي او الفكري او الفني بما يحفظ كرامتهم الانسانية ومكانتهم في المجتمع.
أيها الأحبة،
أمامنا اليوم قلوب تعجز عن أيصال دفئها الينا، ونظرات تشيح عن أعيننا، وكلمات يصعب نطقها، فهل نلتقطها؟ هل نتمكن من فتح كوة في الجدار العازل، لننفذ الى الداخل، مادام الداخل عاجزا عن الخروج الينا؟
أيها الحضور الكريم،
ومن خلالكم أتوجه الى جميع اللبنانيين، كلنا معنيون، كل في موقعه ومكانه، وأي نجاح يتحقق هو نجاح لنا جميعا، لمجتمعنا، لوعينا، لثقافتنا، لإنسانيتنا.
فلنسع معا كي نكون من الناجحين.”
وعند انتهاء الرئيس عون من إلقاء كلمته، جال مع اللبنانية الاولى والمدعوين داخل بهو القصر على معرض لرسومات واشغال يدوية واعمال فنية لأطفال مصابين بالتوحد، حيث عبرا عن اعجابهما بالمعروضات وأثنيا على مواهب الاطفال وقدراتهم، كما تبادلا الاحاديث معهم واطلعا على اوضاعهم وما يقومون به من نشاطات تعكس ما يملكون من طاقات ابداعية مميزة تسمح لهم بالاندماج في المجتمع.
وتخلل الحفل نشاط ترفيهي خاص للاطفال تولته فرقتا Kazadoo و club des 2 clowns قدمتا خلاله عروضا مسرحية وغنائية تفاعل معها الاطفال بفرح.
اغنية للفنان نقولا الاسطا والشاب طارق جابر.
وخلال الجولة كان للفنان نقولا الاسطا محطة غنائية شاركه فيها الشاب طارق جابر، حيث اديا أغنية جديدة خاصة بالتوحد لدعم هذه الحالة والتضامن مع المصابين، عرض بعدها سلسلة من الافلام المصورة لعدد من الجمعيات المشاركة، قبل ان يؤدي اطفال اغاني ترافقت مع عزف على البيانو.
وفي ختام الاحتفال اقيم كوكتيل للمناسبة.
يذكر أن الجمعيات التي شاركت في الاحتفال هي: واحة الفرح، الجمعية اللبنانية للتوحد، مركز الشمال للتوحد، جمعية اصدقاء المعوقين، Avance، sesobel ، شعاع الامل (زحلة)، مؤسسة الهادي، المركز الوطني للتنمية والتأهيل، جمعية الامداد الخيرية، الجمعية اللبنانية لرعاية المعوقين، الجمعية اللبنانية للأوتيزم والتحليل السلوكي Ali Aba،STEP TOGETHER، معهد الرحمة، مركز الحياة فريد دده، جمعية رعاية الاطفال ذوي الاحتياجات الخاصة عيتا الشعب، جمعية القديس لوقا لذوي الاحتياجات الخاصة، مؤسسة الصدر، دار الايتام الاسلامية، جمعية فينيكس غروب، ايام الرجاء، جمعية رعاية اليتيم، جمعية زوارتنوتس،الكفاءات، جمعية تمكين العيش باستقلالية.
ملاحظة:يمكنكم متابعة نشاط فخامة الرئيس واللبنانية الاولى على الموقع الرسمي الخاص لرئاسة الجمهوريةwww.presidency.gov.lb ، وكذلك على تطبيق الهواتف الذكية Mobile applications على العنوان التالي: Lebanese Presidency، ووسائل التواصل الاجتماعي:Facebook، Twitter،Instagramعلى lbpresidency@