الخميس , 19 ديسمبر 2024

شدياق تستغرب وقاحة البعض في التهرب من تطبيق القانون

اعتبرت وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية مي شدياق أن “التطور الرقمي يجب ان يقترن بالعمل على اقرار التشريعات ذات الصلة وتنفيذها وأهمها قانون حق الوصول الى المعلومات الذي أقره لبنان”، مضيفة أن “هذا التشريع يتيح حق الانتفاع بالمعلومات ويحمي، بالتالي، حقوق الإنسان ويدفع عجلة التنمية المستدامة من خلال تنفيذ القوانين والاستثمار في البنى الأساسية الملائمة وضمان مشاركة المجتمع بجميع فئاته”.
واستغربت “وقاحة البعض في التهرب من تطبيق القانون، بحجة الخصوصية أو عدم نفاذه من دون مرسوم تطبيقي، في حين نحتاج كدولة لبنانية اليوم أكثر من أي لحظة الى اعادة اللحمة والثقة مع المواطن اللبناني من خلال تعزيز الشفافية في الادارات العامة”.
كلام الوزيرة شدياق جاء خلال رعايتها مؤتمر “آفاق تطبيق قانون الحق في الوصول إلى المعلومات وتحدياته”، اليوم في فندق “مونرو”، في “اليوم العالمي للحق في الوصول إلى المعلومات”، وهو يختتم بسلسلة من الحلقات الحوارية التي نظمتها جمعية “لا فساد” ومكتب “اليونسكو” في مختلف المناطق اللبنانية لمدة شهر.
حضر المؤتمر مدير مكتب اليونسكو في بيروت الدكتور حمد بن سيف الهمامي، المدير التنفيذي في جمعية “لا فساد” جوليان كورسون، عضو مجلس إدارة جمعية “لا فساد” الدكتور مصباح مجذوب، المسؤول عن برنامج الاتصال والمعلومات في مكتب اليونسكو جورج عواد، وممثلون لسفارات الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وإيطاليا والأرجنتين وسلطنة عمان ولجمعيات المجتمع المدني والمنظمات الدولية وعدد من الصحافيين.
وفي الافتتاح، قال الدكتور مجذوب إن “لبنان يحتفل هذا العام باليوم العالمي للحق في الوصول إلى المعلومات، ونحن على مسافة بضعة أشهر من الذكرى السنوية الثالثة لتصويت المجلس النيابي على قانون “الحق في الوصول إلى المعلومات” في شباط 2017″.
وتساءل عن “عدم صدور المراسيم التطبيقية لهذا القانون وعدم تشكيل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، في ظل عدم التزام عدد كبير من الإدارات تطبيق القانون حتى الساعة”، مشيرا إلى أنه “قد مرت 8 سنوات ولم تعتمد الحكومة اللبنانية الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد حتى الآن، على الرغم من انضمامها إلى معاهدة الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في العام 2009”.
وكرر تساؤله هل ان “انفاذ القانون مرتبط بإصدار المراسيم التطبيقية وانشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد يساهم في تحسين مؤشر مدركات الفساد في لبنان؟”، مضيفا أنه “على الرغم من صدور أكثر من رأي استشاري عن هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل وقرارات عدة صادرة عن مجلس شورى الدولة في هذا الصدد، يؤكد عدم اشتراط وجود هذه الهيئة أو اقرار المراسيم التطبيقية لانفاذ هذا القانون، لا يزال الأخير غير نافذ بشكل كامل”.
وطالب بـ”توحيد الجهود لتصحيح “الخلل في أداء السلطتين التشريعية والتنفيذية بما يتعلق بتطبيق القانون”، مؤكدا “أن لا ديموقراطية حقيقية من دون افصاح للمعلومات ونشرها، ولا نمو إقتصاديا مستداما واستثمارات من دون شفافية، وهذا ما أثبتته الخبرات والممارسات الدولية في هذا الإطار”، مثنيا على “الدور التي تقوم به وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية، في ما يتعلق بالتحضير لإعتماد الخطة الوطنية للحق في الوصول إلى المعلومات والتي من شأنها أن تساهم في تطبيق فاعل للقانون”.
ونوه أيضا بـ”المقاربة التشاركية التي اعتمدتها وزارة العدل في صوغ مشروع المرسوم التطبيقي للقانون”، ودعا المجلس النيابي الى الإسراع في إقرار قانون “مكافحة الفساد في القطاع العام وإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد” بما يتناسب مع المعايير الدولية في هذا المجال، وبالأخص مبدأ تعزيز استقلال الهيئة عن السلطة السياسية من أجل ضمان فاعليتها”.
من جهته، قال الدكتور الهمامي إن “اليوم العالمي للوصول إلى المعلومات له صلة خاصة بجدول أعمال 2030. ومنذ اعتماد قرار (38 C/70) في العام 2016 تحتفل منظمة اليونسكو بتاريخ 28 أيلول/سبتمبر بـ “اليوم العالمي للوصول إلى المعلومات”.
وأشار إلى أنه يجب أن “تبنى مجتمعات المعرفة على أربعة أركان، وهي حرية التعبير؛ وصول عالمي إلى المعلومات والمعرفة، احترام التنوع الثقافي واللغوي؛ وجودة التعليم للجميع. إن منظمة اليونسكو ملتزمة دعم جهود الدول الأعضاء لإدخال مجتمعات المعرفة لتمكين المجتمعات المحلية والمحرومة من خلال زيادة الوصول إلى المعلومات والمحافظة عليها وتبادل المعلومات والمعرفة في جميع مجالات اليونسكو”.
وأضاف: “برنامجان حكوميان دوليان لليونسكو، وهما برنامج المعلومات للجميع (IFAP) والبرنامج الدولي لتطوير الاتصالات (IPDC) يساهمان في تعزيز هذه المعرفة، بحيث تؤدي المجتمعات دورا رئيسيا في تعميم وصول الجميع إلى المعلومات. ويحض البرنامج الدولي لتطوير الاتصالات على أهمية الوصول إلى المعلومات للجميع من اجل التنمية المستدامة في جميع أنحاء العالم”.
وختم: “في هذا اليوم، كان قول المديرة العامة لليونسكو السيدة أودري أزولاي: “يمثل تعميم الانتفاع بالمعلومات حقا أساسيا من حقوق الإنسان يضطلع بدور محوري في تمكين المواطنين وتيسير المناقشة العادلة وإتاحة تكافؤ الفرص للجميع. ويحمل هذا التعميم في طياته قوة دافعة لتحقيق الحوكمة الفاعلة القائمة على الشفافية والمساءلة، ويمهد السبيل أمام حرية التعبير والتنوع الثقافي واللغوي، والمشاركة في الحياة العامة. ويعد تعميم الانتفاع بالمعلومات، من هذا المنطلق، ركيزة من ركائز خطة التنمية المستدامة”.
من ثم كانت كلمة للوزيرة شدياق قالت فيها: “نلتقي اليوم سويا في اليوم العالمي للحق في الوصول الى المعلومات، في خضم الحديث الدائر في لبنان حوله منذ اقرار القانون حتى يومنا هذا. على رغم التقارير التي تؤكد عدم اقرار بعض الادارات العامة أنها ملزمة تنفيذ هذا القانون وادارات أخرى لم تعين موظفي معلومات، وادارات لم تتعاون في تنفيذ القانون، وعلى رغم التأخير في اصدار المراسيم التطبيقية التي ستسهل أكثر تطبيق القانون النافذ أصلا، الا أننا نرى بعض المؤشرات الايجابية التي تعطينا الكثير من الأمل للاستمرار حتى تطبيق القانون بكل حذافيره”، مشيرة إلى أننا “رأينا في السنة الأخيرة تعاونا جديا بين المنظمات الدولية مثل الUNESCO-UNDP-OECD، والجمعيات المحلية ومن ضمنها “الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية-LTA، ووزارة الدولة لشؤون التنمية الادارية وادارات أخرى، أضف الى الدول المانحة الصديقة للبنان”.
واستغربت “وقاحة البعض في التهرب من تطبيق القانون، بحجة الخصوصية أو عدم نفاذه من دون مرسوم تطبيقي، في حين نحتاج كدولة اليوم أكثر من أي لحظة الى اعادة اللحمة والثقة مع المواطن اللبناني من خلال تعزيز الشفافية في الادارات العامة”، مضيفة أن “الثقة ليس فقط محصورة مع المواطن اللبناني بل أيضا مع المجتمع الدولي، وتعزيز الشفافية وتطبيق القانون يأتيان من ضمن التزام الحكومة اقرار الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد التي قدمناها الى اللجنة الوزارية، واتفاق الأمم المتحدة لمكافحة الفساد”، مؤكدة أن “من حق المواطن من دون تربيحه أي “جميل” أن يطلع على موازنة كل ادارة عامة ومصاريفها والمناقصات التي يتم تنفيذها وعلى من رست. فهذا أقل الواجب لاعادة ثقة المواطن بدولته واعطائه الحق في محاسبتها”.
وأشارت إلى أنه “يبدو من مشهد التحركات الشعبية أمس، انعدام كامل ثقة الشعب بالطبقة السياسية، بسبب تعنت بعض السياسيين في مواقفهم الخشبية، لخدمة مصالح آنية، ناسين أن الوجع والجوع والحرمان لن ترحم ولن تساير”، مشيرة إلى أن “الفضائح في قطاعات الدولة منذ انتهاء الحرب الأهلية تبقى الحديث اليومي، من قطاع الاتصالات والكهرباء للمرفأ والنفايات، ولم نر أي سياسي تمت محاسبته حتى الآن”.
وطالبت بـ”ضرورة تنفيذ اصلاحات بنيوية مع وضع مهل محددة لتنفيذها، لأن أي موازنة تقشفية من دون اصلاحات جدية لن تكون الا مضيعة وقت، ولن توصلنا الا الى المجهول”.
وأدار الجلسة الأولى كورسون، وكانت مداخلات لممثلة وزارة العدل القاضية ميراي داود التي عرضت “وقائع إقرار قانون الحق في الوصول إلى المعلومات”، وتحدثت عن “أهمية تحديد هوية ومنفعة/مصلحة المطالب بالحصول على المعلومة من أجل ضبط وتفعيل استخدام قانون الحصول على المعلومات”، مشيرة إلى أن “المراسيم التطبيقية لهذا القانون احيلت على أمانة سر رئاسة مجلس الوزراء منذ خمسة أشهر”.
وقدم عضو لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عقيص مداخلة أشار فيها إلى أن “الحق في الوصول الى المعلومات هو حق من حقوق الإنسان وهو مهم جدا في منظومة مكافحة الفساد وفي تحقيق التنمية المستدامة إلا أن الدولة غير راغبة في تطبيق هذا القانون”، في إشارة إلى أن “تحديد هوية ومنفعة المطالب بالحصول على معلومة الى هذا الحد هو ضد ماهية القانون”.
النائب السابق غسان مخيبر ذكر بأن “قانون الحصول على المعلومات هو قانون شامل ويتجاوز الحق في مطالبة المواطن بالحصول على المعلومة; فهذا الحق يتضمن ستة عناصر أخرى منها ضرورة نشر الوزارات والمؤسسات الرسمية بياناتها ومعلوماتها طوعا وبغض النظر عن مطالبة أي مواطن بالحصول على هذه المعلومات”.
وفي نهاية الجلسة، جرى نقاش شدد على “ضرورة تفعيل السلطة التنفيذية والقضائية لضمان الحق في الوصول إلى المعلومات”.
وأدار الجلسة الثانية المدير التنفيذي لشبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية زياد عبد الصمد، وأشارت المسؤولة عن مكافحة الفساد في وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية ناتاشا سركيس إلى أن الوزارة “تبذل جهودا متعددة في سبيل تطبيق قانون الحق في الوصول إلى المعلومات، من ضمنها إجراء مسح للمؤسسات والوزارات المعنية مباشرة بالقانون، توعية المواطن على القانون، وتوفير التدريب لموظفي المعلومات في كل وزارة”.
وأضافت أن الوزارة وضعت “خطة عمل وطنية لتطبيق قانون الحق في الوصول الى المعلومات وعرضناها على المجتمع المدني وسترفع الى لجنة مكافحة الفساد”.
على صعيد آخر، أوضحت الصحافية رشا أبو زكي في مداخلتها أن عملها في الصحافة الاقتصادية مدى 13 عاما لم يساعدها في “الحصول على أي معلومة من وزارة أو وزير”، وأنها “كانت مجبرة دوما على سرقة المعلومة”.
ولفتت الى أن “علاقة الصحافيين بالحصول على المعلومات سيئة جدا، وعندما تعرف الإدارة أن هناك صحافيا يحقق في قضية معينة، تغلق الإدارة جميع الأبواب، وحتى إن حصلنا على المعلومات من الإدارات الرسمية فهي مدعاة شك”.
من جهته، شدد أيمن دندش على “أهمية تنظيم العمل الجماعي التشاركي بين جمعيات المجتمع المدني في موضوع الحق في الوصول إلى المعلومات للضغط أكثر على تطبيق القانون من الإدارات، من جهة، وعلى رفع التوعية للمواطنين في طلب المعلومات من جهة أخرى”.
وأشار إلى أن “الجمعية تستقبل الشكاوى عبر المركز اللبناني لحماية ضحايا الفساد LALAC على الرقم 03868303، لأي شخص يحتاج إلى مساعدة في تقديم طلب الحق في الوصول إلى المعلومات أو أي إدارة لا تستجيب في تقديم المعلومات”.

عن Editor4

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *