عميص
بداية شكرت الدكتورة هيفاء الإمام عميص “كل من لا يزال قابضا على جمر العروبة والثقافة العربية، ويحمل همها، ويجهد إلى تثبيت الإنتماء لهذه الأمة وفكرها وثقافتها، ويسعى إلى تطويرها ورفدها وإغنائها”. معتبرة أن “المجلس الثقافي الإجتماعي للبقاع الغربي وراشيا، إستطاع بامتياز ان يحمل أمانة المثقف العربي في لبنان عامة وفي منطقة البقاع الغربي وراشيا خاصة، وما زال يسعى ويجهد إلى تعبيد طريق المعرفة الوعر”.
وتابعت: “وفي استحضار لتاريخ هذه الأمة العربية العريقة، حضر سيدنا ونبينا محمد، في كتاب مفكر عظيم التحليل والدراسة لوقائع حدثت في تاريخنا فأنتجت ما أنتجت من خير للانسانية، واستغلت ما استغلت لإنتاج سلبيات علينا تحاشيها والإستفادة من تجاربها، لذا كانت هذه الندوة. فلأن إسلام اليوم في محنة، وصورته مشوهة في أنظار غير العارفين، بحيث بات مرعبا لمن لا يدرك مقاصده، ومن لا يعرف حقا بأنه رحمة للعالمين ورسالة إنسانية. لهذا كله جاء كتاب ” محمد السيرة السياسية ” ليسلط الضوء على بشرية الرسول وقيادته السياسية دون المساس برتبته النبوية”.
هواري
وناقش الدكتور زهير هواري الكتاب مطولا، وقال: “يمتاز الكتاب بميزات كثيرة أبرزها أنه يرتبط بالراهن من الأحداث، لذا فهو ليس كتاب تاريخ مجرد تقصد كاتبه إعادة القارئ إلى تلك الحقبة التاريخية بكل ما فيها من جلال ورهافة إيمان. بل إن صاحبه يريد استعادة هذا الماضي من أجل المستقبل. وبعد الإطراء على الكتاب وصاحبه قال ان الثناء لا يغمض الأعين عن الإشكاليات والملاحظات التي لا بد وأن تقال”.
وتحدث عن “خمس عشرة إشكالية باعتقاده أن الكتاب قد تضمنها، وهذه الإشكاليات لا تقلل من جوهر العمل إذ على مدى الصفحات والفصول حشد بما يملكه من كفاءة لتقديم قراءته لشخصية الرسول وسيرته السياسية، وهو عمل تحترمه وإن لم تتوافق مع بعض التفسيرات والتفاصيل التي تطرق إليها”. وحيا في الكاتب جرأته على تناول السيرة النبوية.
خليل
وتساءل الكتور عماد خليل: “هل هو كتاب ينزع القدسية أو هو توغل في سبر المعرفة العلمية؟”. معتقدا أن “الكتاب ينضوي في إطار المحاولات النقدية الجذرية في مقاربة المقدس من خلال طرح أسئلة علمية يراد من خلالها التفكيك الممنهج ليصار إلى إستنتاجات لا يغلفها الغموض أو يسكنها المجال الخرافي. وهذا ما جعل – باعتقاده – الفكر الديني في مساره التاريخي تحت مجهر السؤال المستمر”.
وتابع: “إن المؤلف يبدو أنه قرر كشف الحقيقة المعرفية التي مكنت محمد من تأسيس رسالة إسلامية عظيمة بإرادة ذاتية واعية تخضع لناموس الفكر البشري ولكل إرهاصات العمل البشري دون تدخل الغيب في رسم مسارات البشر، وهنا تكمن الإشكالية الكبرى التي عمل الكاتب على تبيانها من خلال تحليل دقيق لمسيرة النبي محمد”.
الصايغ
وكان الختام مع المؤلف الصايغ الذي شكر الحضور، وصاحب الدعوة والمحاضرين وسأل: “لماذا هذا الكتاب؟ وما هي الأسباب التي دفعتني للبحث في السيرة السياسية وحدها من سيرة الرسول كاملة؟”.
وأردف: “ان السبب الأول هو الخطأ العدواني السائد بأن الإسلام هو السبب بما آلت إليه الأوضاع من تقهقر وعنف وتخلف، دون تحميل المسؤولية للقوى التي اجتمعت وتناوبت على الانقسام والفتنة والعنف. ما جعلني أرود هذا المكان دفاعا عن دين بريء مما ارتكب بإسمه أو ضده”.
وتابع: “والخطأ العدواني الثاني، والذي هو أخطر من الأول هو إلقاء التهمة على الإسلام في استعمال العنف عبر المنظمات التي لجأت إليه بأبشع صفاته، ومارسته بجنون وحشي ضد الأبرياء، واختلط الدين بالسياسة بحيث ما عاد هناك فارق بين النص وبين الفعل المرتكب، وهذا ظلم كبير يطال الدين وهو موضع إشكال في التاريخ. بالإضافة إلى الإلتباس المزمن في مقولات رائجة، الإسلام دين ودولة، أو الإسلام دين وسياسة، أو هو كغيره من الديانات دخلته السياسة فأخذته إلى مطارح أبعدت الروح وأغرقت المؤمنين في العصبيات.
من هنا عدت إلى الأصل لأبحث فقط بالسيرة السياسية للرسول، فتبين لي أن للسيرة السياسية منطقا خاصا وانها متفقة مع مقتضيات الواقع وسيل الوقائع وأنها متغيرة ومتبدلة لتستجيب لتحديات الظروف المستجدة، فلكل واقعة سياسة، لا سياسة واحدة تطبق على معظم الحالات. لقد استعمل الرسول السياسة لخدمة الدين وليس كما نفعل اليوم إذ نستعمل الدين لخدمة السياسة والسلطة”.
وختم حديثه بشهادتين: “سئل جبران خليل جبران في صحيفة أمريكية عمن هو أعظم رجل؟، قال: محمد. وسئل الكاتب البريطاني جورج برنارد شو: من هو أعظم رجل؟. قال: محمد”.
واختتمت الندوة بتوقيع الكتاب.