أخبار عاجلة

الكردي القى خطبة العيد من جامع الامين: تحتاج الطبقة السياسية في بلادنا الى ان تعود الى انسانيتها والى موازين الحق والعدل

ألقى أمين الفتوى في الجمهورية اللبنانية الشيخ أمين الكردي خطبة عيد الأضحى المبارك في جامع محمد الأمين في وسط بيروت حيث أم المصلين، في حضور رئيس الحكومة سعد الحريري ممثلا بالدكتور عمار حوري، سفير دولة الكويت في لبنان عبد العال القناعي، النائب فؤاد مخزومي، قائد شرطة بيروت العميد محمد الأيوبي، مدير العلاقات العامة في مكتب الرئيس الشهيد رفيق الحريري الحاج عدنان فاكهاني، الأمين العام للمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى القاضي خضر زنهور، رئيس مؤسسات المفتي الشهيد حسن خالد المهندس سعد الدين خالد وأعضاء من المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى وحشد من الشخصيات السياسية والاجتماعية والنقابية والعسكرية.

وقال الكردي خطبة عيد الأضحى قال فيها: “كما ينبغي لجلال وجهه ولعظيم سلطانه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله بلغ الرسالة وأدى الأمانة، وجاهد في الله حق الجهاد وتركنا على محجة بيضاء ليلها كنهارها لا يبتغيها إلا سالك ولا يزيغ عنها إلا هالك اللهم فصل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد إخوة الإسلام، فأوصيكم ونفسي المخطئة المذنبة بتقوى الله بالسر والعلن، وأحثكم على طاعته وأنهاكم عن معصيته.

أيها الأحبة، إنها أيام مباركة، أيام مشهودة عند الله تبارك وتعالى، وقد أفاض الحجاج من عرفات إلى مزدلفة ثم إلى منى، الأمة تكبر، وحالها التكبير، الله أكبر، التعظيم لله عز وجل، نكبر ونحن نستحضر عظمة الله سبحانه وتعالى، الله أكبر من كل الشدائد والمحن، الله أكبر من كل الهموم، الله أكبر من كل ظالم ومعتدٍ وشرير، الله أكبر من كل ضيق ومن كل غم، الله أكبر اعتزاز بعظمة الله عز وجل، هذا حال الأمة في هذه الأيام، تكبير الله سبحانه وتعالى والحجاج إنما عاشوا أجمل اللحظات وقد جاؤوا ملبين لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. التلبية، الاستسلام لله عز وجل.

يا ايها الذين امنوا استجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم لما يحييكم
الحياة الحقيقية عندما يستجيب الإنسان لرب العالمين، عندما يستجيب الإنسان للرسول صلى الله عليه وسلم يا ايها الذين امنوا استجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم لما يحييكم واذن في الناس بالحج باتوك رجالا وعلى كل ضامر ياتين من كل فج عميق
جاؤوا ملبين مستسلمين لله عز وجل، أعظم حالة يكون فيها الإنسان أن يظهر استسلامه وعبوديته لله عز وجل، يقول ابن عطاء الله السكندري رحمه الله تعالى: نعمتان ما خلى عنهما مخلوق قط، نعمة الإيجاد ونعمة الإمداد أنعم عليك أولا بأن أوجدك، أخرجنا ربنا جل جلاله من طيات العدم إلى صفحات الوجود، أكرمنا بهذا الوجود، نعمتان ما خلى عنهما مخلوق قط، نعمة الإيجاد ونعمة الإمداد، مدد الله عز وجل لا ينقطع، عطاءات الله تبارك وتعالى لا تنقطع، هبات الله تبارك وتعالى لا تنقطع، فنحن نعيش بألطاف الله، وبإمدادات الله تبارك وتعالى، فحجاج بيت الله الحرام يحيون هذه المعاني، استسلموا لله عز وجل لفظا وظاهرا وسلوكا وحالا ومقالا أظهروا تلبيتهم لله عز وجل أظهروا فقرهم بين يدي الله سبحانه وتعالى، العبودية أيها الأحبة هي عنوان الإنسانية، ولكن ليست العبودية للمخلوق إنما العبودية للخالق جل جلاله، فيها العزة وفيها الرحمة، وفيها السكينة وفيها الأمان، وفيها الطمأنينة، فمن كان من الله أقرب كانت حياته كلها سلام. ومن كان ذاكرا لله عز وجل كان قلبه كله اطمئنان، ومن كان قريبا من الله عز وجل بالدعاء، الله تبارك وتعالى فتح لنا باب الدعاء لنتقرب إليه الدعاء مع العبادة كما يقول حبيبنا المصطفى أولئك الذين يعيشون طاعة الله عز وجل في كل ساعة في فكرهم في سلوكهم في كلامهم في تصرفاتهم في أعمالهم هؤلاء يعيشون بأمان، يقول الله عز وجل: ومن أعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى- قال رب لم حشرتني اعمى؟ وقد كنت بصيرا – قال كذلك اتتك اياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى.

الحج يحرك فينا هذه المعاني، يذكرنا بالآخرة، يذكرنا بمشهد الوقوف بين يدي الله عز وجل، لا فرق لغني على فقير، ولا لقوي على ضعيف ولا تمايز أبدا بين البشر كلهم سواء في أعظم صورة من صور الإنسانية ومن صور العدالة، ومن صور الحق، هذا مشهد عظيم من مشاهد الحج، يجب على المسلمين أن ينظروا إليه نظرة تعلم ونظرة اقتداء، فليس الأمر محصورا فقط فيمن أكرمهم الله عز وجل بالحج هذا العام، لا شك أنهم النخبة الذين ميزهم الله عز وجل بما صفت نيتهم وصلح حالهم ولكن هذا الأمر ينسحب على كل المسلمين، وعلى كل الناس المتأملين والناظرين في أعمال الحج.

أيها الأحبة، حياتنا كلها إنما تستقيم وتصلح بقربنا من الله عز وجل، وهذه المواسم، وهذه الأيام، كما قالوا: “لله في أيام دهركم نفحات” كما جاء في الأثر، “ألا فتعرضوا لها” فلنبذل إن شاء الله همة عالية في طاعة الله عز وجل ولنبذل همة صادقة في تغيير حياتنا تأتي المواسم، موسم رمضان وموسم الحج وتأتي الأيام الطيبة المباركة حتى يغير الإنسان من حاله، دائماً يسعى الإنسان الصادق أن يغير حاله، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه” وقال العلماء في تفسير الحديث إن من علامات قبول حج الإنسان عند الله عز وجل أن يتغير حاله إذا رجع. فلنبذل همة ولنر الله عز وجل في أنفسنا مبادرات طيبة في التوبة الصادقة وفي العمل الصالح، هذه أيام توصل فيها الأرحام وأيام تنفق فيها الصدقات، وأيام يظهر فيها البشر والسرور والابتسام، أيام يكون فيها التسامح، لا تجعل في قلبك ضغينة على أحد، الأمر لا يستحق، العفو والمسامحة شأن الصادقين وشأن المحبين، فلا ينبغي أن يكون أي بغض بين الأخ وأخيه والقريب وقريبه، والصديق وصديقه إنما هي المسامحة والعفو، يقول رسولنا المصطفى صلى الله عليه وسلم: تبسمك في وجه أخيك صدقة أظهروا البشر والفرح والسرور في هذه الأيام. قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون آية عظيمة في كتاب الله عز وجل، هذا الفرح بالطاعة يثاب عليه الإنسان، علموا أولادكم فن الفرح، سجية الفرح، لأننا أمة مع المحن التي فيها، والشدائد التي فيها، من أرض فلسطين نسأل الله عز وجل أن يفرج عن أهل فلسطين وأن يكرمنا بتحرير المسجد الأقصى. من المحن الممتدة من أرض فلسطين إلى كل بقعة تصاب فيها هذه الأمة مروراً بسوريا وبلاد الشام وكل الأمة في جروحها، مع كل هذه الآلام، ترى المؤمن المسلم المتوكل على الله عز وجل المتيقن بالله تبارك وتعالى المعظم لله عز وجل بالتكبير والمستسلم لله تبارك وتعالى بالتلبية تراه يعلو فوق الجراح لأننا أمة ينبغي أن نستمر. أمة الرحمة، أمة الوسطية، رسالة الإسلام رسالة الرحمة مع كل هذه الآلام ترى الحمد لله المؤمن الصادق يستمر ليبرز الصورة الطيبة عن إسلامنا الحنيف وديننا المستقيم ليبرز الصورة الكاملة عن شخصية رسولنا المصطفى صلى الله عليه وسلم أن يظهر المعاملات الحسنة التي علمنا إياها نبينا محمد عليه الصلاة والسلام كيف نتعامل مع الناس بالأمانة وبالحق وبالرحمة وبالعفو وبالمسامحة هذا أكثر ما نحتاجه في هذه الأيام. تحتاجه البلاد، تحتاجه الأوطان، تحتاجه الطبقة السياسية في بلادنا، أن نعود إلى إنسانيتنا وإلى موازين الحق والعدل، يحتاجه كل واحد منا في الموقع الذي أقامه الله عز وجل عليه في حياته، في أي موقع كنت فليكن شعارك الرحمة والعدل والمسامحة وحسن الظن والمعاملة الطيبة هكذا كما ينتشر الشر في بقعة ثم يمتد ينتشر الخير في بقعة ثم يمتد، والفرق بينهما أن الشر يزول،
فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الارض أسأل الله عز وجل أن يتقبل من حجاج بيته الحرام، وأن يردهم سالمين غانمين وأن يوفقنا وإياكم للحج في العام المقبل بإذنه سبحانه وتعالى أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم”.

ضريح الحريري

وبعد إلقاء الكردي الخطبة، توجه وحوري والعديد من الشخصيات إلى ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري حيث قرأ الفاتحة عن روحه الطاهرة ورفاقه الأبرار.

وكان حوري اصطحب الكردي من دار الفتوى صباحا إلى مسجد محمد الأمين يرافقهما قائد شرطة بيروت العميد محمد الأيوبي في موكب رسمي، وقدمت ثلة من قوى الأمن الداخلي التشريفات في باحة المسجد.

عن editor3

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *