ام شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن صلاة الاضحى صبيحة العيد في مقام الأمير عبد الله التنوخي في عبيه، بمشاركة جمع من الفاعليات الروحية ورؤساء لجان وأعضاء في المجلس المذهبي، ووفد من مشايخ مؤسسة العرفان التوحيدية، ومن كلية الأمير السيد التنوخي.
وبعد أداء الصلاة، القى حسن خطبة العيد جاء فيها: “يحقق المؤمن الموحد في حرم الطاعات مقاصد الأضحى المبارك بفضيلتين على وجه الخصوص: حسن القصد وزاد التقوى. والقصد هو تلبية آذان القيام برحلة هي في الحقيقة سبيل طاعة، وقربان صدق إلى كنف الدعوة إلى الهدى والرشاد وبرهان الحق. والزاد هو امتلاء الروح بنور الإيمان بحيث يصير الإنسان مظهر دعاء قلبي مقر بالاعتراف بالفضل وبكرم الله وبعظمة نعمه وألطافه وإحسانه، ومنه على عباده بالدعوة الصادعة بالحق والخير وعين الرحمة”.
واضاف: “إن حسن القصد يعني انعقاد النية في الجنان على الخير الذي شاءه الله تعالى كمالا للإنسان يصله بمسلك الحق، وهو المسلك المطابق لأمر الدعوة الهادية ونهيها كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر (آل عمران 110)، وهي قاعدة تجمع في فحواها ثوابت الدين والإيمان. والمعروف هو كل ما حسن في الشرع والعقل، والمنكر هو كل ما قبح في العقل والشرع. والدين نور وهدى ورحمة وتواد وصلاح في الناس يريد بهم ولهم الخير والعدل وجميل المثاب. والطريق إلى الأضحى هو مسار في ثوابت الدين وبركته وسلامه وصولا إلى سلام الله الذي أراده لعباده طرا. تلك ثوابت تلهم الحياة في كل جوانبها إن نحا الإنسان في مسلكه منحى الرشاد والإستقامة والإعتدال. تلهمها إلى سواء السبيل، أي أن تعاش بحفظ حق النعمة، وبالرفق، وبالشعور الحي مع الآخر الذي هو نظير في الخلق، وبعدم رضى النفس أن تبقى رهينة الهوى والرغبات الخارجة عن حدود احترامها لذاتها. وهذه أمور في غاية الأهمية لأنها أيضا قواعد راسخة في حماية الكنف العائلي ومنعته في هذا العصر المتفلت نحو كل إباحة، وفي تمتين أسس الإصلاح في البنى الاجتماعية، فالوطن الذي يحترم الحرية من حيث هي حفظ لكرامة الإنسان، يجب أن تكون له مؤسسات فاعلة وناشطة وأصيلة بمعنى أنها تقدم لسائر المواطنين خيار التمييز بين المعايير وفقا للفرق الفاضح بينها بين ما هو بناء للإنسان وللمجتمع، وبين ما هو هدام لهما. وهذا يصح في السياسة وفي التربية وفي الإعلام وفي الثقافة ومختلف حقول النشاط البشري”.
وتابع: “عبرت المرجعيات الروحية في لبنان في القمة التي جمعتهم اخيرا عن الثوابت الوطنية التي طالما نادوا بها واتفقوا عليها. وبقوة دلالات المثل الإيمانية التي يحملونها في قلوبهم نادوا بالحفاظ على الروح الميثاقية التي تجمع اللبنانيين في وطن واحد، ودعوا إلى نبذ التنافر سبيلا إلى إعادة لبنان إلى معنى الرسالة التي وصف بها. وعبروا مجددا عن القوة الحقيقية التي يحملها لبناننا العزيز وهي الوحدة الوطنية والتآلف في سياسات تحمي بلدنا وحصانته في وجه أي عدوان”.
وقال: “إننا في هذا العيد المبارك إذ نسأله تعالى أن يقدم لأبناء الجبل كما لكل اللبنانيين أفضل ما يستحقون من عيش كريم وآمن، نؤكد بعد لقاء بعبدا على مدى الأثر الإيجابي العميق لوحدة الموقف، وعلى أهمية وحدة الصف ووقف الاحتقان والتمسك بالقضاء المستقل النزيه، وبحل كل الإشكالات بالحوار والتواصل والتفاهم. وإذ نشد على يد القيادة السياسية الحريصة التي أكدت أنها الضنينة على الحق بما لها من سعة الصدر ورجاحة العقل، فإننا نشكر فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، كما نخص بالشكر دولة رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري، ورئيس الحكومة الشيخ سعد الحريري والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم على الجهود التي بذلت لتذليل كل العقبات توصلا للحل الذي حصل لحادثة البساتين المؤسفة، وليكن الأمر منطلقا لاستعادة الحياة الطبيعية الديمقراطية بعيدا من خطابات الشحن والتوتير التي فجرت الأمور في السابق، وليكن الخطاب الوحدوي المحب الجامع هو المعيار في المقبل من الأيام لكي نحمي اللبنانيين وننهض بلبنان إلى ما نريده من طمأنينة ورخاء وتقدم”.
واردف: “إننا نطلب من جميع المسؤولين والقيادات السياسية والهيئات الاقتصادية الاستلهام من معاني عيد الأضحى المبارك في تقديم كل التضحية المطلوبة وإطلاق المبادرات في المسائل الإقتصادية والمعيشية والمالية التي من شأن معالجتها أن تعزز الثقة وتجدد الأمل وتمكن الحكومة بكل حقول عملها من الانطلاق بثقة وثبات إلى التصدي للمشاكل القائمة والتوجه إلى المؤسسات الدولية المعنية، مستندة إلى قوة الموقف المنسجم القائم على خطط وتشريعات ومواكبة واعية وعلمية للخروج من حلقة المراوحة في الأزمات”.
واضاف: “في هذه المناسبة المباركة، نحيي شعبنا الصامد الصابر برجاء أن تبقى قيمه الإنسانية الوطنية الصخرة الصلبة التي تستند إليها وحدة وطننا الأنوف، وأن يبقى متشبثا بإيمانه الذي لا يتزحزح بمبادئ العيش المشترك والتعاضد الاجتماعي وتعزيز الصلات القائمة على تقاليد طالما تميز بها لبنان، سائلا الله تعالى أن يحفظ وحدتنا، ويعصمنا تحت جناح الائتلاف والتلاقي ونبذ التنافر العقيم والمجافاة القاطعة لكل خير، وأن يلهم الجميع إلى الارتقاء في مقامات المسؤولية درءا لكل الصعاب وإخمادا لكل عبث ليس منه طائل”.
وختم حسن: “نحمد الله عز وجل على جميل لطفه ورحمته، سائلينه أن يعيده على بلدنا وشعبه بالخير واليمن والسلام، وعلى فلسطين وشعبها بالفرج والظفر والنصر المبين، وعلى شعوب أمتنا العربية والاسلامية بما تستحق من حياة كريمة وبالأمان والفلاح، وأن تتوصل دولنا إلى نهج التفاهم على مواجهة التحديات عبر منع التطرف والظلم والإرهاب وتحقيق التنمية ومكافحة الفقر، إنه هو القادر القدير، الغفور الرحيم والسلام عليكم ورحمة المولى وبركاته”.