رأى وزير الدولة لشؤون الاستثمار والتكنولوجيا عادل أفيوني أن “أهمية إقرار الموازنة العامة يكمن في إلتزامنا بأرقام تخفيض العجز، لأن ذلك يعطي إشارة واضحة إلى الاسواق المالية العالمية والمستثمرين والمودعين واللبنانيين جميعا بأن الحكومة جدية بتخفيض العجز الذي هو عبء يعاني منه كل اللبنانيين، وتبقى العبرة دائما بالتنفيذ”، مشددا على أنه “لا يمكن إستمرار عدم إجتماع مجلس الوزراء في ظل الاوضاع الاقتصادية الصعبة التي نعيشها، فالمواطن يريد منا معالجة همومه المعيشية والاقتصادية ولذلك يجب تحييد الاقتصاد عن السياسة والعمل ليلا نهارا على خطة إنقاذ إقتصادي”.
وأشار خلال مقابلة مع برنامج “كلام بيروت” عبر تلفزيون “المستقبل” اليوم، إلى أن “عجز الموازنة المقدر هو حوالى 7,60 بالمئة وهو امر جيد علما أن وزير المال علي حسن خليل سيطلعنا في الأيام المقبلة على الرقم النهائي، وهذا الرقم مبني على توقعات واذا الاهم هو ان نتمكن من تحقيق هذا الرقم او ما يقاربه وعندها نكون قد حققنا قفزة نوعية واقتربنا من هدفنا في التصحيح المالي ومن المعايير المقبولة عالميا وهو ما التزمنا به”.
وأضاف افيوني انه “من الضروري الاستمرار بالتصحيح المالي في موازنة2020 لأنه لا يمكن أن نخفض العجز الى نسبة 5 بالمئة بكبسة زر”، معتبرا أن “الاهم من الرقم الذي توصلنا إليه هو النتائج التي ننفذها، فمن الضروري أن نشرح ما نقوم به للاسواق المالية وان نثبت للأسواق جديتنا ومصداقيتنا كي ينعكس ذلك ثقة وإيجابية على سعر السندات اللبنانية وبالتالي انخفاضا في مستويات الفوائد”.
ولفت إلى أن “الموازنة هي خطوة أولى ومن المهم متابعة مشوار الإصلاح، وان نعطي إشارات على هذه الاستمرارية”.
وأكد “ان حكومة لديها رؤية إقتصادية مستندة إلى إصلاحات “سيدر” وخطة ماكينزي، وذلك عبر تخفيض العجز أولا ومن ثم القيام بإصلاحات قطاعية وبنيوية كما يحصل في قطاع الكهرباء وقطاعات اخرى يجب ان تطلق قريبا وان يتلازم ذلك مع اطلاق مشاريع سيدر وتحفيز القطاعات الإنتاجية في الاقتصاد وكل ذلك وسيلة لتحقيق الغاية الاساسية وهي نمو الاقتصاد وخلق فرص العمل وإستقطاب المستثمرين”، موضحا أننا “في مرحلة إقتصادية حرجة، وموازنة 2019 خطوة ضرورية وقدمت أفضل الممكن تحقيقه في هذه الفترة الزمنية، ومن المفروض أن تستكمل هذه الخطوات في موازنة 2020 وان نشهد تحسنا إضافيا في الارقام”.
أضاف: “أنا متفائل بذلك، لأنه في العام 2020 سيكون عجز الكهرباء حسب خطة الكهرباء أقل بكثير على خزينة الدولة، وأنا كذلك آمل أن يكون هناك قرار بالاصلاح في المرافق الاساسية في الدولة، وهذا أمر ضروري لأن كل الجهات الدولية والمحلية تراقب كيفية معالجة الحكومة للهدر والتهرب الضريبي والجمركي وعلينا ان نحقق نتائج ملموسة في هذا المجال وعسى ان تظهر النتائج هذا العام وفي ال2020”.
وشرح أفيوني أن “لبنان يعاني من عجزين، الأول في الموازنة والثاني في ميزان المدفوعات، وهذا ما يدفعنا إلى إستقطاب العملات الاجنبية لتمويل هذين العجزين وللمحافظة على سعر صرف الليرة، والفوائد العالية تعكس كلفة إستقطاب العملات الاجنبية لسد العجز في ميزان المدفوعات في الوضع الحالي، والحل على المدى السريع لتخفيض الفوائد يكمن في الاصلاح المالي وإستعادة الثقة حتى يصبح الطلب على الودائع اقل كلفة فمستويات الفوائد تقررها آلية العرض والطلب ولذلك الثقة هي الأساس”.
أضاف: “لا شك أن إحتياطي البنك المركزي حاليا قادر على حماية سعر صرف الليرة وإستقرارها لكن لا يمكن الاستمرار في هذا النمط”، داعيا إلى أن “يكون الإقتصاد هو الهاجس الاول للجميع في لبنان وان يكون شعارنا الاقتصاد أولا، لأن الشعب اللبناني يعاني من البطالة والانكماش، ولذلك علينا تحييد الاقتصاد عن السياسة كي نتمكن من التقدم لأن الوضع لا يحتمل التشنج السياسي”.
ولفت الى “ان وزارة الدولة لشؤون الاستثمار والتكنولوجيا لها دور حيوي، وقطاع اقتصاد المعرفة والتكنولوجيا له دور أساسي في بناء إقتصاد عصري ومستدام، وهذا يتم عبر سلسلة من الاصلاحات والحوافز لإستقطاب الاستثمارات وخلق فرص العمل في هذا القطاع، ولبنان يملك القدرة لأن يكون دولة رائدة في هذا المجال، وهذا ما بدأنا به عبر تعديل قوانين الاستثمار في مؤسسة “إيدال” لتفعيلها وتلبية حاجات القطاع وسيكون هناك قريبا مراسيم تطبيقية للبنود 87 و90 التي أقترحتها والتي اقرت في الموازنة لدعم قطاع التكنولوجيا حتى تصبح فعالة في اسرع وقت وحتى نشجع التوظيف والنمو ولا سيما لدى الشركات الناشئة”.
وحول التوظيفات غير القانونية التي حصلت في عدد من الوزارات قال:”هذا الموضوع يعالج عبر اللجان المختصة والقضاء، وعلينا معالجته بطريقة علمية موضوعية وليس إستخدامه كوسيلة للتهجم على طرف سياسي معين او التصويب على مؤسسات معينة فهذا لا يجوز ولأن اللبنانيين يعرفون ان معظم القوى السياسية شاركت في هذا التوظيف واستخدام الموضوع بطريقة استنسابية لا ينطلي على احد”، مشددا على أننا “في معركة لمحاربة الوضع الاقتصادي السيء الذي تعيشه البلاد وعلينا عدم التلهي بمعارك جانبية وخلافات والتركيز على تحقيق أهدافنا والتضامن”.
وناشد أفيوني “الجميع بأن الوقت ليس لمصلحتنا وعلينا إتخاذ قرارات إصلاحية من خلال إجتماع الحكومة، وحادثة قبرشمون امر مؤسف جدا لكن يجب معالجتها بالقضاء، ولا يجوز ان تتوقف جلسات مجلس الوزراء لان معالجة الوضع الاقتصادي لا تحتمل اي تأخير والوقت لا يعمل لمصلحتنا”.
وحول اللغط الذي حصل حول تنظيم العمالة الاجنبية والعمالة الفلسطينية في لبنان، قال أفيوني: “الوزير كميل أبو سليمان صديق وهو قانوني نزيه ووطني ومدافع عن القضية الفلسطينية، ولا يجوز مهاجمة وزير يريد تطبيق القانون. الاخوة الفلسطينيون مقيمون في لبنان وأوضاعهم صعبة، وإذا كان القانون يؤدي إلى مشاكل معيشية فانا أحبذ ان يدرس مجلس الوزراء حلا لمعالجة هذه الأوضاع الصعبة والإنسانية بالعدل والقانون”.
وشدد على “اننا ملتزمون بعلاقات الصداقة مع دول الخليج ودور المملكة العربية السعودية في لبنان أساسي سواء إقتصاديا أو سياسيا، ومصلحة لبنان ان لا ندخل أنفسنا بصراعات كبرى ليس لنا القدرة على مواجهتها خاصة في هذا الوضع الاقتصادي الصعب، وسياسة النأي بالنفس هي من مصلحة لبنان وجميع اللبنانيين من دون إستثناء”.
وتطرق أفيوني إلى الاوضاع في طرابلس فختم: “تعيش مدينتنا الحبيبة طرابلس غبنا تاريخيا، وقد بادر الرئيس نجيب ميقاتي وفريق عمله بإعداد برنامج إنمائي من المشاريع الحيوية للنهوض بالحركة الاقتصادية في المدينة وجمع نواب طرابلس حول هذا البرنامج. أن هذه المبادرة الاساسية خطوة مهمة وقد تم عرض المقترحات على الرئيس سعد الحريري وأعلن دعمه المطلق له وهذا التوافق مهم ولمصلحة المدينة. اذا الآن علينا ان نعمل يدا واحدة نوابا ووزراء وقيادات طرابلسية كل من موقعه على وضع آلية واضحة لتحضير وتنفيذ هذه المشاريع وتعويض طرابلس عن سنوات من الغبن”.