أشار رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” النائب وليد جنبلاط إلى أن “عمر العلاقة مع روسيا يعود إلى خمسين عاما، حين أتيت مع والدي الشهيد كمال جنبلاط في العام 1967 في العيد الخمسين للثورة البولشفية، ثم أتيت بعد استشهاده في العيد الستين للثورة، فعمر هذه العلاقة يعود إلى عقود وترسخت في الصداقة مع المسؤولين السوفيات ومن ثم الروس، وترسخت في المشاورات والتداول حول الاوضاع اللبنانية والعربية، كما ترسخت على مدى عقود في شتى المجالات، خاصة في المنح الدراسية والمساعدات العسكرية أيام الحرب”.
ولفت جنبلاط، في حديث لقناة “روسيا اليوم”، على هامش زيارته موسكو، حيث التقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونائبه ميخائيل بوغدانوف وعددا من المسؤولين الروس، إلى إنه “حصل تفاوت في وجهات النظر حول الحرب السورية، لكن روسيا موجودة في الشرق، ولها أثر كبير فيه، ونتمنى أن تكون روسيا عاملا في نهاية الحرب الاهلية المدمرة في سوريا. وأحببت أن تعود المياه الى مجاريها، وأحببت أن تعبد هذه الزيارة، التي رافقني فيها تيمور ولو أنها ليست زيارته الأولى، الطريق من أجل تيمور ومن أجل المستقبل وتعود المياه إلى مجاريها بين المختارة وروسيا”.
وأشار إلى أن “الروس يولون أهمية كبرى للمناطق الآمنة، التي أرسوها في سوريا وهذه بداية، وإذا توصلوا إلى إرساء الحل السياسي في سوريا يكون هذا الانسب، ولكن هناك تسابق اليوم بين الاحداث العسكرية ومحاربة الارهاب وبين نهاية الازمة، سنرى، ولكن بالنسبة لي الحل السياسي مهم، الحل السياسي المبني على إمكانية الوصول إلى سلطة إنتقالية في سوريا وسوريا موحدة تعددية ديمقراطية”.
وردا على سؤال حول تبدل المواقف الاوروبية من الازمة السورية، أجاب: “هناك مصالح، لكن أخالف الرئيس الفرنسي في تصريحه الاخير بالمطلق. ففي النهاية هناك شعب سوري عانى ويعاني، هجر ودمرت المدن السورية وأحرقت كل منافذ الحياة أمامه، ولا بد من إعطاء هذا الشعب الحد الادنى من الضمانة في العودة، والحد الادنى من الضمانة للكرامة”.
وقال: “لا أعتقد إن استمرار بشار الاسد هو الحل، هذا هو رأيي على الاقل، لذلك أخالف الرئيس الفرنسي إيمانيويل ماكرون في تصريحه، وربما هذا تغيير في وجهة نظر فرنسا بعد المواقف، التي ارساها الرئيس السابق فرنسوا هولاند”.
أضاف: “ليست صحيحة مقولة النظام السوري، التي ابتدأها منذ اللحظة الاولى من التمرد السلمي على مدى ستة أشهر، فعلى امتداد هذه الأشهر الستة كان هناك تمرد سلمي وتظاهرات سلمية في كل الشوارع والمدن السورية، وكان النظام يطلق النار، فانقلبت إلى تمرد عسكري”، مستطردا: “وفي التمرد العسكري كان هناك فصائل وطنية سورية تقاتل النظام وترفض قمع النظام، ثم تدخل الاطراف، منها أطراف عربية وغير عربية وأساءوا للثورة السورية السلمية وحتى العسكرية الوطنية، وأدخلوا إلى سوريا عناصر مشبوهة التي انقلبت لاحقا وأصبحت داعش وغير داعش. لذلك ما زلت أستعمل مصطلح الحرب الاهلية السورية، وأعود بالذاكرة إلى معركة حمص في العام 2013، وكانت عبارة عن تمرد لاهل حمص، ولكن لاحقا اتخذت الثورة أشكالا غريبة عجيبة، نتيجة تدخل بعض الدول العربية والمحيطة كتركيا مثلا، فكان المنحى الآخر للحرب السورية على حساب الشعب السوري ولكن هناك شعبا سوريا”.
وتابع: “كل دولة من الدول لها جدول أعمال في سوريا، وتريد شيئا ما من سوريا، فهذا الذي يريد شمال سوريا وذاك الذي يريد سوريا معبرا إلى أقطار أخرى، ربما وكل هذا تحت إسم محاربة الارهاب وداعش، ولكن ننسى القضية الاساسية، التي من أجلها انتفض الشعب السوري، وهو العيش الكريم والحرية والديمقراطية، وأصبح العنوان إما النظام وإما داعش، ولكن هناك شعبا سوريا”.
وحول الازمة الخليجية وموقف لبنان، قال: “هناك مصالح كبيرة للبنان في مجلس التعاون الخليجي وقطر والمملكة العربية السعودية، وفي النهاية أيا كانت الاسباب، وقد تكون هناك أسباب وجيهة لحصار قطر، لكن لا بد من العودة الى التضامن ومعالجة هذه الاسباب، التي دفعت إلى الحصار بالهدوء والحوار، لان ما تبقى من وحدة للعالم العربي هو مجلس التعاون الخليجي، وإذا اصيب هذا المجلس بالخلل، لست أدري ماذا سيحدث، وما هو مستقبل ما تبقى من الحد الادنى للتضامن العربي، وأتمنى أن تكون السعودية مبادرة كالعادة من أجل وحدة التضامن العربي”.
وعما إذا يتوقع أن تطول هذه الازمة، أجاب: “لست أدري”، موضحا “ولكن نرى كيف أن الولايات المتحدة الاميركية تستفيد، ففي النهاية باعت سلاحا هنا، وباعت سلاحا هناك، فهي تستفيد وتنظر إلينا وإلى خلافاتنا وتهزأ”.
وردا على سؤال آخر، أجاب: “هناك مصالح مشتركة بين قطر وإيران، ولكن غير مفيد أن تذهب قطر نحو إيران، لانه في النهاية علينا أن نعود ونتمسك بوحدة أمن الخليج وأن نرى المصالح العربية الحقيقية. ومحاورة إيران ضرورية ربما، ولكن من موقع قوة وتضامن ومن موقع ماذا تريد إيران في العالم وماذا نريد نحن من ايران”.
وقال: “أتى الرئيس الاميركي إلى المنطقة كمن يقوم بغزوة على الآخر، فغزى المنطقة وفرض شروطه، ولكن هل يستطيع العالم العربي الدخول في حرب ضد إيران؟ أبدا، المطلوب حوار ولا نستطيع أن ندخل بمغامرة عبثية، يكفينا التوسع الاسرائيلي، الذي ننساه في كل يوم وفي كل اللحظة من خلال الاستيطان”.
أضاف: “إسرائيل تريد تشتيت المنطقة وتفتيتها، وبالرغم من حالة الضعف التراجع العربية الحالية، تبقى فلسطين والقدس في قلب وصلب المعادلة وصلب المشاعر الانسانية والسياسية للشعب العربي، فما من أحد يستطيع الخروج من القدس وفلسطين”.
وفيما أعرب عن رفضه لادراج حركة “حماس” و”حزب الله” على لائحة المجموعات الارهابية، أكد أن “حماس فصيل فلسطيني مناضل وأتى من خلال الانتخابات، فالاساس هو العودة الوحدة الفلسطينية والدعوة إلى انتخابات مفتوحة في فلسطين في الضفة والقطاع، من أجل أن يكون صندوق الاقتراع هو الاساس، ولكن الموقف الفلسطيني مشتت اليوم”.
وفي الملف اللبناني قال: “أقرينا قانون جديد للانتخابات وسنجري الانتخابات على أساسه ولا مشكلة. فهناك مشاكل كافية للبنان في ما يتعلق بالاقتصاد والكهرباء وغيرها من الملفات”، مضيفا: “هناك ملفات آنية تخص المواطن، أعتقد أن الاهتمام بتلك الملفات أهم من الدخول في التنظير حول ما يجري من حولنا، فما يجري من حولنا لا نملك أي قدرة على التأثير به. وهناك فقط تمن بأن تعود الامور إلى مجاريها في مجلس التعاون الخليجي بالحوار”.
وردا على سؤال، عما إذا كان هذا القانون الانتخابي يقرب لبنان من الدولة المدنية، أجاب: “سنرى إذا ما ستخرج من صندوق الاقتراع بعد الانتخابات نخبة سياسية جديدة، تستطيع أن ترسي لبنان التقدمي خارج إطار المحاصصة والطائفية”.
ورأى أن “العالم العربي اليوم، شبه عاجز ومعدوم، ومن سيء إلى أسوأ. ولا أرى أفقا جديدا في المدى المنظور، ولا أرى أي جهد عربي منظم”.
وأكد أن “هناك واجبا اخلاقيا باستقبال اللاجئ السوري إلى أن تنتهي الحرب الاهلية”، رافضا “كل أشكال العنصرية ضدهم”، مذكرا بأن “سوريا فتحت أبوابها امام اللبنانيين إبان العدوان الاسرائيلي في حرب تموز”.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام