كسر الجرّة عادة لا يمكن معرفة تاريخ بدئها ولا مصدرها على وجه الدقة،
ولكنها معروفة في الكثير من الدول العربية على أنّها ترمز الى توديع النحس والشر.
ففي بلاد الشام قديماً كان يعتبر كسر الجرة وراء الضيف ثقيل الظل كناية عن تنفس الصعداء بالنسبة الى المضيف لدى رحيله بعد زيارة طويلة غير مرغوب بها. وفي الموروث الشعبي كانت الجرة تعتبر من المقتنيات المهمة في البيت وهي رمز من رموز “البقاء”، فكان المضيف المحقون يعبّر عن التشفي برحيل الضيف و”يفش” خلقه بتوجيه غضبه نحو الجرة فيكسرها ليشفي غليله، وهي أيضاً تعبير عن بداية جديدة وعودة الحياة إلى طبيعتها ومحو أية آثار لوجود الضيف.
وفي لبنان تعتبر عادة كسر الجرة قديمة جدّاً لكنها لم تعد متداولة كثيراً إلّا في القرى اللبنانية حيث يسارع البعض الى كسر الجرار الفخارية على باب منازله ثم حرقها بعد كسرها، وفي حال عدم وجود جرّة ليستبدلها بأي وعاء فخاري لكسره جلباً للفرح والاطمئنان.
تقول احدى النسوة، من بيروت، انّها معتادة في آخر يوم من كل سنة أي ليلة رأس السنة، أن تكسر مقتنيات لديها من الفخار والزجاج لم تعد صالحة للاستخدام لتوديع النحس الذي ملأها خلال العام ولجلب السعادة، وهذا الأمر عادة شعبية ورثتها عن والدتها وتشعرها بإزالة الغم، فتقوم بكسر جرة على باب منزلها إذا وجدت أو مقتنيات من الزجاج ترميها من على الشرفة فيتشجّع معها جيرانها ويرمون ما لديهم من فخار وزجاج مودعين سنة كانت غير مرضية.
ن.م.