أطلق “ملتقى سكن” بالتعاون مع معهد “المعارف الحكمية، “الدورة البحثية الجديدة لمجتمع بمحورية الأسرة لعام 2024″، في حفل اقيم في المركز الصحي لبلدية الغبيري، برعاية وحضور رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة “النائب محمد رعد. كما حضر وزير العمل في حكومة تصريف الاعمال مصطفى بيرم، المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية الإيرانية كميل باقر، رئيس بلدية الغبيري معن الخليل، حرم سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان السيدة أماني، وجمع من العلماء والباحثين وفاعليات حزبية واجتماعية وثقافية.
بعد تلاوة مباركة من القرآن الكريم والنشيد الوطني، قدّمت الإعلامية سوزان الخليل الحفل، ثم عرضت رئيسة الملتقى رباب الجوهري للمخرجات البحثية التي جرت في الدورة الأولى لانطلاقة الملتقى في العام الفائت والتي “بلغت ما يقارب تسع ملتقيات، تضمنت بحوثًا وطروحات فكرية تنوعت عناوينها كالآتي: الأسرة في الاجتماع الإنساني، التراحم المتبادل في الأسرة المسلمة، الأسرة في الخطاب الإسلامي المعاصر، إشكالية مشاركة المرأة في الشأن العام، واقع الأسرة ووسائل التواصل الاجتماعي، الأسرة في مجتمع السوق، التربية على العفاف في مقابل التربية الجنسية، دور المجتمع المقاوم في صمود الأسرة الغزاوية، ومقاربات أدبية حول الأسرة والمرأة، وقد هدف الباحثون من خلالها إلى بلورة نظرية متكاملة حول كيفية إقامة مجتمع بمحورية الأسرة”.
و أشارت الجوهري إلى “أهمية هذا المنجز البحثي بوصفه يشكل مرجعًا علميا وازنًا قد ساهم في خلق إشكاليات متعددة تواجه مفهوم محورية الأسرة في وقتنا الراهن”. ورأت أن “رؤية السيد الخامنئي لموقع الأسرة والمرأة في المشروع الحضاري الإسلامي هو المدخل الواقعي لإعادة تشكيل أسرة متماسكة في ظل التحولات الراهنة. ”
جرادي
ثم تحدث مدير معهد المعارف الحكمية الشيخ شفيق جرادي عن الإطار العام للمرحلة البحثية المقبلة والتي تمحورت حول “رؤية السيد الخامنئي لموقع الأسرة في المشروع الحضاري الإسلامي، بتوجيه من الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله. ورأى “أننا معنيون ببناء مجتمع سليم مزدهر بالأمن الاجتماعي والسياسي، ونحمل رسالة حضارية إيمانية تشكل هويتنا وهي بمثابة بلاغنا للعالم أجمع، وما نبتغيه هو المساهمة في تقديم نموذج حياة طيبة حضارية، لا تركن إلى الترقيعات في ثوب الأنماط والأنساق الاستهلاكية الآتية من الغرب، لذا جاء التصميم الذي يتوافق مع المرجعية الولائية تجديدًا وتأصيلًا لنمط الحياة المعاصرة الذي يمثله الإمام الخامنئي المنبثق من النهج المحمدي العلوي والممهد لولاء القائم من آل محمد، أما اختيار الأسرة فلأنها النواة والمدماك للحياة الجهادية”.
وأشار إلى المرتكزات الثلاث لرؤية السيد الخامنئي الأسرية التي قوامها “تحقيق الرضى الإلهي عبر رضى الوالدين، المسؤولية في إدارة الأسرة والجهاد، والتسليم بأمر الله في أصل العمل”. وعرض لبعض الموضوعات التي سيتناولها الملتقى في المرحلة المقبلة أبرزها “معنى القوامة وفق رؤية السيد الخامنئي، المرأة بين دورها الأنثوي ودورها الإنساني، الشقاق بين الزوجين وفق رؤية الخامنئي، دور القوانين في حفظ الأسرة” .
باقر
بدوره، رأى المستشار الثقافي للجمهورية الإيرانية “أنّ بوادر سقوط الحضارة المادية قد بدأ فعلًا، وهناك أسئلة عديدة تطرح في الأوساط الفكرية حول البدائل الحضارية، وحول معالم تلك البدائل وخصائصها “، معتبرًا “أن الإسلام المحمدي الأصيل هو الحل الوحيد، وأن الحضارة الإسلامية هي البديل الأصيل”، لافتًا إلى أنّ السيد الخامنئي “يملك رؤية حضارية شاملة، متماسكة وأصيلة ومعاصرة وواقعية وإبداعية وثورية، حول مستقبل العالم والبشرية، وهو من موقعه كمفكر وقائد يجمع بين النظرية والتطبيق بهدف تحقيق هذه الرؤية الأسرية المجتمعية المبنية على قيم الأخلاق والحرية والاستقلال، الرفاه والتقدم، السيادة الشعبية، العدالة والقانون، المقاومة والجهاد”.
وأضاف: “إن الهدف النهائي لرؤية السيد الخامنئي هو تأسيس حضارة إسلامية حديثة تمهّد لظهور قائم آل محمد وذلك وفق مستويات أربعة، إطلاق النهضة، تشكيل النظام، الدولة الإسلامية وإنشاء مجتمع إسلامي”، نافيًا “أن يكون ظاهر الثورة الإسلامية في إيران، ظاهرًا سياسيًا، بل هو مجتمع ثوري لتغيير العالم”، مشيرا الى “انّ العالم على مشارف تحول جذري والمستقبل هو للإسلام الحضاري وليس للحضارة المادية.”
النائب رعد
من جهته، اكد النائب رعد “أنّ مؤشرات التوفيق لهذه الدورة البحثية تتمثل في أمرين اثنين، الأمر الأول أنها انعقدت في أجواء الولادتين المباركتين لسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء ولكفوئها أمير المؤمنين الامام علي بن أبي طالب. أما الأمر الثاني فيتمثل بالعنوان الذي اتخذه الملتقى لهذه الدورة البحثية، رؤية السيد الخامنئي لموقع الأسرة في المشروع الحضاري الإسلامي، بوصفها الفهم الدقيق للتصور الإسلامي للمجتمع وللنظام والدولة، ولدور الفرد والأسرة والقيادة والمؤسسة والجماعة والأمة في تحقيق الأهداف المرجوة المتمثلة بتكريم الإنسان وتوفير الأمن والاستقرار له فردًا ومجتمعًا وضمان الحقوق وإقامة العدل والعناية بتوفير التطوير والتنمية وتعزيز القدرات العلمية والتكنولوجية والاقتصادية والدفاعية”.
وقارن النائب رعد بين “التصور الإسلامي المتناسق للأسرة وبين التصور المادي العبثي والمضطرب لها”، وقال: “في حين يضع التصور الإسلامي هدفًا نبيلًا للإنسان يصب في تحقيق التناسق بين المصلحة الفردية ومصلحة المجتمع والنظام الكوني العام، بحيث يصبح الإنسان الملتزم بهذا التصور إنسانا واعيا ومسؤولا ومتسلطا على أهوائه، متطلعا لرضى الله عز وجل عبر أداء فروض الطاعة والامتناع عن المسّ بحقوق الآخرين، مستعدا للتضحية من أجل الصالح العام ، فإنّ الإنسان في التصور المادي هو كائن يلهث وراء الدنيا لأنها تشكل منتهى رغباته، لذا تراه في صراع مستعر بين ميوله وعقله، فتتضخم عنده الأنا مما يدفعه إلى التطاول على حقوق الآخرين من دون أي وازع.”
وتابع: “في التصور الإسلامي احترام لقيمة الإنسان ذكرًا كان أو أنثى، والمساواة في النظرة إلى إنسانيتهما هي عين الصواب والحقيقة، أما تنوع الأدوار بينهما في إطار التكامل فهو عين العدل. وفي ضوء ذلك يغدو الزواج ترتيبًا إلهيًا ينظم ويهذب إشباع الشهوة، ويوفر السكينة ويعزز فرص الاكتشاف المبكر للقدرات الكامنة لدى الأبناء، وينمي مشاعر التعاون والاحترام المتبادل، لذا تنجز الأسرة العديد من الأهداف التربوية والتنموية التي تحصّن المجتمع من العقد والآفات. في حين يتجاوز التصور المادي كل هذه الأهداف ويطلق للفرد حريته في التخفف من مسؤولياته الاجتماعية التي تكبح رغباته وعبثيته السلوكية” .
وعرض رعد لجملة الحيثيات التي تسهم في بناء الأسرة أبرزها: “تعزيز صلة الرحم، بر الوالدين، تطبيق نظام الإرث، تربية الأبناء على حسن الخلق وحسن التدبير وحسن الجوار والمحاسبة واستشعار الرقابة الذاتية بين يدي الله، بحيث لا تستطيع لا السلطة ولا المجتمع ولا المؤسسات أن ترعى هذه القيم كما ترعاها الأسرة المتماسكة.”
وقال: “إن العناية بالأسرة وحماية دورها هي مهمة إنسانية وأخلاقية وشرعية ووطنية”، واضعًا هذه المهمة البحثية في إطار المقاومة الثقافية”، داعيًا إلى “التأمل مليًا في الجيل الذي ينهض الآن بمهمة المقاومة والتصدي لعدوان عدونا”، متسائلًا “أو ليس هو الجيل الذي حضنته الأسر المؤمنة، وهو الجيل الذي تشارك معه عوائله مهمة الدفاع عن الوطن”.
واكد انّ “مشاهد العدوان الصهيوني على غزة لبنان، تسفر بوضوح عن أهمية دور الأسرة في بناء مجتمع الصمود والصبر والتحمل والقدرة على المواجهة”، معتبرا “ان عوائل الشهداء في لبنان يمثلون مخزون الانتصار للمقاومة، والمجتمع الذي تُسهم فيه الأسر بتحمل مسؤولية الدفاع عن الوجود والنهوض بأعباء المواجهة هو مجتمع منتصر بإذن الله”.