لم يسبق للعلاقة بين جناحي العدالة في لبنان، القضاء والمحاماة، أن بلغت مرحلة القطيعة التامة كما هو حالها اليوم، ويبدو أن الإضراب المفتوح الذي دعا إليه نقيب المحامين في بيروت ملحم خلف قبل أربعة أسابيع مازال مستمرا ويأخذ منحى تصعيديا، ما يؤدي إلى تعطيل المحاكمات وجلسات التحقيق في كل قصور العدل اللبنانية.
ويأتي إضراب المحامين الذي قادته النقابة على خلفية ما أسمته «الاعتداءات والتجاوزات والتوقيفات التي طالت عددا من المحامين»، وفيما كان المواطنون والمتقاضون ينتظرون تعليق الإضراب الذي عطل قضايا المواطنين وجمد ملفاتهم أمام المحاكم، فوجئوا بالقرار الذي اتخذه النقيب خلف خلال الاجتماع الذي عقده مع عشرات المحامين في مقر النقابة بالمضي في إضراب المحامين ومقاطعة جلسات التحقيق والمحاكمات إلى حين «وقف المخالفات والاعتداءات التي يتعرض لها المحامون وإسقاط منطق الدولة البوليسية»، واعتبر أن النقابة «تخوض معركة تاريخية هي معركة حماية المواطن المستمرة إلى حين تنظيم مسار العدالة».
وأجرى النقيب خلف جردة مفصلة للاعتداءات التي طالت المحامين منذ بدء الثورة حتى الآن، وقال «رغم كل المراجعات التي أجريناها مع المسؤولين في القضاء، ومناشدتهم عدم أخذ البلد إلى دولة بوليسية، جاء الرد من المسؤولين وعلى رأسهم النائب العام التمييزي بـ «لا مبالاة».
وأشار إلى أن النقابة «منفتحة على كل الإيجابيات وعلى المساعي التي يبذلها سعاة الخير لتقريب وجهات النظر، الا أن المرجعيات القضائية تتعاطى معنا بتجاهل مطلق خصوصا من قبل النائب العام التمييزي (القاضي غسان عويدات)، الذي رد على مطالبنا بمعالجة الارتكابات بالقول «يومين وبينسوا»، معتبرا أن «الموظف لا يمكنه أن يعلم الأحرار كيف يتصرفون».
وشدد نقيب المحامين على «الاستمرار في هذه المعركة، التي هي معركة الإنسان وليس المصالح»، معتبرا أن «تصحيح الخلل يبدأ بوقف التطاول على المحامين ونقابتهم وعدم تخطي القانون والحصانات التي يتمتع بها المحامي».
من جهته، اعتبر مصدر قضائي بارز أن نقابة المحامين اتخذت قرارا متفردا بالتوقف عن العمل ومقاطعة الجلسات، وأكد لـ «الأنباء الكويتية» أن هذا الإضراب «لا يصيب القضاء والقضاة بقدر ما يضرب مصلحة الناس والمتقاضين، الذين وكلوا المحامين متابعة قضاياهم أمام المحاكم»، داعيا إلى «الكف عن الخطابات الشعبوية والارتجالية، التي لا تحل الأزمة بل تعمق مشاكل الناس الذين يكفيهم عناء الانتقال إلى المحاكم في ظل هذه الظروف المأساوية، ثم يفاجأون بتأجيل جلساتهم بسبب الإضراب وتغيب المحامين عن المثول أمام القضاء».