تستسهل السلطة اللبنانية مد اليد بالجيوب الخاوية، عبر الاحتياطي الإلزامي في مصرف لبنان، والذي يشكل مدخرات المواطنين في المصارف، لتمويل دعم المحروقات والبطاقة التمويلية، تحت عنوان منع الارتطام الكبير او الانفجار الاجتماعي المحتمل.
وقياسا على التجارب السابقة، لم تشجع هذه الإجراءات على الكثير من التفاؤل، كونها تذكر اللبنانيين بالهندسات المالية لحاكم مصرف لبنان، التي امتصت احتياطات الدولة والناس، وبسلسلة الرتب والرواتب للموظفين، التي أغرقت العاملين في القطاع العام بالأرقام العالية.
واعتبارا من الجمعة ومع توقيع رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب على مرسوم السلفة المالية لتغطية سحب المال من احتياطي مصرف لبنان، تحت عنوان ترشيد دعم المحروقات والمواد الغذائية والدوائية، سجل الدولار في السوق السوداء ارتفاعا قياسيا جديدا تخطى أمس عتبة 16500 ألف ليرة لبنانية، وتزامن مع ارتفاع حاد في الأسعار شملت كل شيء تقريبا.
وتردد أن دياب غاب عن الاجتماع الذي عقده الرئيس عون في بعبدا الخميس، وضم إليه وزيري المال والطاقة غازي وزني وريمون غجر وحاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، ما دفع الرئيس عون للاتصال به مرتين للمشاركة بالجلسة الاستثنائية ولإعطاء المقررات الصيغة الدستورية. وبعد الاتصال الثاني وافق دياب تحت الإلحاح الرئاسي على توقيع مرسوم طلب السلفة من البنك المركزي، كي يتسنى لوزارة الطاقة دفع مستحقات شركات المحروقات بالسعر الجديد المدعوم وعلى أساس الدولار بـ 3900 ليرة، بدلا من السعر القديم 1515 ليرة، ما يعني رفع سعر صفيحة البنزين (20 ليترا) إلى ما بين 60 و70 ألف ليرة.
وكان سلامة واضحا أنه لن يمد يده على الاحتياطي الإلزامي الذي هو أموال المودعين في المصارف من دون تغطية قانونية رسمية، بحسب المادة 91 من قانون النقد والتسليف، واضعا وزر هذه الخطوة على عهدة المنظومة السياسية الحاكمة والنيابية القائمة.
وسبق توقيع دياب مرسوم السلفة تغريدة للوزير السابق وئام وهاب يدعو فيها المحتجين المتظاهرين في الشوارع إلى التوجه إلى منزل دياب لإرغامه على توقيع السلفة التي ستكون بمنزلة قرض للدولة من مصرف لبنان أسوة بسلفة الكهرباء التي وقعها عون ودياب الشهر الماضي، علما ان الدولة ليست هي من يستورد المحروقات!
ويبدو للمصادر المتابعة، ان المطلوب حكوميا تمرير فصل الصيف للسماح بقدوم المغتربين والسياح، وتفاديا لانقطاع المحروقات على اختلافها ما قد يؤدي إلى ضرب الموسم السياحي.
وقد لاحظت مصادر مصرفية ان الرئيس عون يكرس جهوده اليومية لكل ما ليس له علاقة بتشكيل الحكومة، بينما المطلوب عكس كل ذلك تماما.
وتقول إذاعة «لبنان الحر»، الناطقة بلسان القوات اللبنانية، ان عون يضع تشكيل الحكومة في جانب فرعي من اهتماماته بل يوصي بالمقايضة على مكتسباتها لوريثه السياسي النائب جبران باسيل خلافا لكل النصوص الدستورية، فضلا عن تجاوزه لصلاحيات رئيس الوزراء والوزراء ككل، وهذا ما يفسر رفض رئيس الحكومة المستقيلة حضور اجتماع بعبدا امس، وكل ما يوحي بتعويم الحكومة المستقيلة.
وفي هذا الصدد تعمل أوساط محلية بالتوازي مع أطراف أوروبية على أساس التفاهم مع الرئيس المكلف سعد الحريري على الاعتذار بعد الاتفاق المسبق على تأليف حكومة انتخابات يكون فيها للحريري حق تسمية ورفض لرئيس مجلس الوزراء، وتعمل لفترة انتقالية وببرنامج محدد لإجراء الانتخابات النيابية المبكرة إذا أمكن، أو بموعدها الطبيعي، مع الاهتمام بالشؤون الحياتية.
وتقول إذاعة «صوت لبنان» الناطقة بلسان حزب الكتائب، ان هذا السيناريو يشكل خروجا ناعما على مبادرة بري، وكذلك المبادرة الفرنسية التي هي بحكم المنتهية.
من جهتها، أقرت اللجان النيابية «البطاقة التمويلية» التي يستفيد منها 500 ألف لبناني، على ان تتقدم الحكومة بمشروع قانون معجل إلى مجلس النواب من أجل إقرار البطاقة التي توفر للعائلة نحو 137 دولارا شهريا، وبقي على الحكومة تأمين الدعم المالي وكيفية الدعم ومصادره. هذه الخطوة أدرجها النائب القواتي وهبي قاطيشا في خانة «الرشوة الانتخابية» رافضا المس بالاحتياطي الإلزامي في مصرف لبنان.
في هذا الوقت قام البطريرك الأرثوذكسي يوحنا العاشر يازجي بجولة على المرجعيات الدينية الإسلامية أمس شملت دار الفتوى والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ومشيخة عقل الموحدين الدروز، مستطلعا آراءهم باللقاء الذي سيعقده البابا فرنسيس مع رؤساء الكنائس المسيحية أول الشهر المقبل من أجل تقديم تصور لبناني وطني مشترك للبابا باسم جميع الطوائف اللبنانية.
المصدر: الأنباء الكويتية