الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة اللبنانية سعد الحريري عاد الى بيروت، والتقى رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة.
وبحث الرئيسان على مدى ساعة ونيف على مائدة غداء، مستجدات تشكيل الحكومة المتعثر تأليفها، ووصف البيان الرسمي الصادر عن المكتب الإعلامي لبري أجواء المباحثات بأنها كانت «إيجابية» وتم التفاهم على بعض «المخارج» وقد غادر الحريري دون الادلاء بأي تصريح.
والانطباع العام، ان هذا الأسبوع سيكون حاسما على صعيد تشكيل الحكومة، بحسب الرئيس بري، الذي يتبنى صيغة حكومة من 24 وزيرا، لا ثلث معطلا لأي طرف فيها، وهو ما بات مقبولا من جانب الرئيس المكلف، الذي لا يعنيه العدد، بقدر ما تعنيه المعطلات الداخلية، في قلب حكومته، من خلال وزراء يمكن التحكم بهم عن بعد.
بري شدد عبر «النهار» على ان تأليف الحكومة هو الخيار المتاح ولا بديل عنه، في إشارة اعتراضية إلى فكرة الاستقالة الجماعية من مجلس النواب، كما ان فشل مساعيه لتشكيل الحكومة، يعني انتظار الانفجار العام الذي لن يرحم أحدا، لا في الموالاة ولا في المعارضة.
بداية سيحاول رئيس المجلس إقناع الفريق الرئاسي، بوقف طروحاته المستفزة، والتي آخرها اللوائح التي أرسلها الرئيس عون الى الرئيس المكلف، عبر البطريرك الماروني بشارة الراعي، حول تشكيل حكومة من 24 وزيرا، وضمنها عملية توزيع الحقائب الوزارية على الطوائف، والتي تلقاها الحريري من البطريرك الراعي، دون ان يجيبه الرأي بها، كما كان يتوقع البطريرك الذي عبر عن استيائه من ذلك بتجاهله موضوع تشكيل الحكومة في عظة يوم الأحد، التي اتسمت بالتركيز على منظومة الفساد المتحكمة بالوضع في لبنان.
وتجاهل الحريري لهذه اللوائح مردود الى اعتبارها تعد استفزازا واضحا على صلاحياته كرئيس مكلف وخرقا للدستور والعرف، غير مسبوق ولا مقبولا، غايته دفع الحريري للاعتذار عن المهمة التي كلفه بها مجلس النواب.
الاعتقاد راسخ لدى مختلف الأوساط، بأن رئيس التيار الحر جبران باسيل والصهر المفضل لدى الرئيس عون لن يكل ولن يمل، حتى تحقيق المعادلة المعروفة: أنا والحريري، أو لا أنا ولا الحريري.
ويغالط المستشار الإعلامي السابق لرئيس الجمهورية ميشال عون، جان عزيز الانطباعات الرائجة حول خلفية موقف باسيل من تكليف الحريري، الذي كان احد ركني التسوية الرئاسية التي أتت بعمه عون الى بعبدا، وفي اعتقاد عزيز ان العرقلات المتوالدة، من بنات أفكار باسيل والضغوط المستمرة من جانب الفريق الرئاسي على الرئيس المكلف، ليست في الصميم رفضا لتكليف الحريري بتشكيل الحكومة، إنما لإجباره على تجديد التسوية الرئاسية معه شخصيا هذه المرة. في وقت يعتبر الحريري فيه نفسه مؤمنا.. والمؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين.
وفي هذه الحالة تقول المصادر المتابعة لـ «الأنباء»: يستمر الضغط الاجتماعي على المواطنين، بالإلغاء غير المعلن لدعم المواد الغذائية والدواء والمحروقات، وصولا إلى الانفجار الشعبي الكبير، بموازاة التجاوزات الرئاسية على صلاحيات رئاسة الحكومة الغائبة أو المغيبة، وصولا إلى خط النهاية بالنسبة لتحالف «مارمخايل» أي التيار الحر وحزب الله، وهي الإطاحة بدستور الطائف والدعوة لحوار وطني، عبر المؤتمر التأسيسي الذي سبق ان نادى به حزب الله، ضمنا وعلنا، وبالتالي الانتقال الى نظام المثالثة الطائفية، في السلطة، بين الموارنة والسنة والشيعة، بدلا من المناصفة التي كرسها دستور الطائف، بين المسلمين والمسيحيين في لبنان، وهذا ما يفسر امتناع حزب الله عن ممارسة الضغط المأمول منه، على حليفه العوني، المعرقل لولادة الحكومة الحريرية.
وتتابع المصادر أن هذه السيناريوهات الخطرة عجلت بدعوة بابا الفاتيكان فرنسيس، بطاركة الطوائف المسيحية في لبنان للقائه في الفاتيكان في الأول من يوليو المقبل، وبناء لاقتراح بطريرك الأرمن الأرثوذكس آرام الأول، وقضاء يوم من التأمل في وضع البلد المقلق.
وأعربت المصادر عن خشيتها من مقايضة دستور الطائف الذي يعمل الفريق الرئاسي على الإطاحة به بالمؤتمر التأسيس، الذي يسعى إليه حزب الله، كجزء من استراتيجية تحالف الأقليات المشرقية، الذي يرفضه الفاتيكان وفرنسا، بصورة أساسية.
ويخشى ان «تفرمل» هذه العرقلات مبادرة الرئيس نبيه بري الى جمع الأضداد الألداء، تحت سقف حكومة إنقاذ وطني مطلوبة بإلحاح في هذه المرحلة.
في الأثناء، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط العائد من باريس، غرد عبر تويتر قائلا: «لابد من التفتيش عن القوى الخفية التي تحول دون تشكيل الحكومة». وفي تغريدته هذه دحض ضمني لمقولة «سوس الخشب منه وفيه»، وربط غير مباشر لعرقلة التأليف بالمفاوضات الدولية والإقليمية، حول النووي الإيراني.
وتوقع النائب الاشتراكي هادي ابو الحسن ان تجيب الاتصالات السياسية على سؤال جنبلاط في اليومين المقبلين.
بدوره رئيس حزب الكتائب سامي الجميل، لخص الوضع بالقول:«مش ماشي الحال»، وأضاف لقناة «الجديد»: الجميع ينزف والضحية اسمه الشعب، والجلاد واحد اسمه تحالف المنظومة الحاكمة مع الميليشيا، وان سعد الحريري إما أن يخضع لشروطهم وإما انه لن يستطيع تأليف الحكومة.
المصدر: الأنباء الكويتية