بمعزل عن الأجواء الواعدة التي نثرها رئيس مجلس النواب نبيه بري، ما بعد مناقشة الرسالة الرئاسية في «برلمان الأونيسكو» فإن أصداء كلمة الرئيس المكلف سعد الحريري اخذت بمعظم الأطراف السياسية في لبنان، الى حد اليقين بأن عمر حكومة حسان دياب المصرفة للأعمال، سيطول حتى انصراف الولاية الرئاسية.
لكن تخطي هذه الفرضية يتطلب خيارا من أثنين، اما الركون الى وجهة نظر رئيس مجلس النواب نبيه بري، القائلة بأن الأزمة الحكومية داخلية، شخصية وان «سوس الخشب منه وفيه»، وبالتالي يتعين خفض السقوف والشروط، تعجيلا بتشكيل الحكومة، واما اعتماد خيار رئيس تيار المردة سليمان فرنجية القائل بالأمس، «لو كنت مكان الرئيس ميشال عون لاستقلت».
الرئيس بري اعتبر ان المدخل الالزامي للإنقاذ، يكون بمبادرة المعنيين الى تشكيل الحكومة وتوقيع مراسيمها، مستشهدا بدعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي الرئيس المكلف سعد الحريري، الى تقديم تشكيلة وزارية مستحدثة للرئيس عون، أي غير تلك الموجودة في درج مكتبه منذ بضعة أشهر، على ان تتألف من اختصاصيين غير حزبيين ولا يهيمن عليها اي فريق، «لأن البقاء بلا حكومة جريمة».
المصادر المطلعة، قالت ان رئيس المجلس ينتظر عودة الحريري من الإمارات لتزخيم الاتصالات التأليفية، على قاعدة 24 وزيرا من دون ثلث معطل.
وأضافت ان الحريري، اشترط للقبول بصيغة الـ 24 وزيرا، عدم وضع عراقيل جديدة، أكانت على صعيد صياغة البيان الوزاري، او تسمية بعض الوزراء المسيحيين من جانب رئيس الحكومة.
واعتبرت المصادر ان طرح النائب جبران باسيل، دعوة الرئيس عون الى طاولة حوار في بعبدا، غايته تجديد البيعة وشراء الوقت، والمأخوذ في حسابات الفرقاء السياسيين في لبنان، ما قد يترتب على تجديد انتخاب الرئيس السوري بشار الاسد لولاية جديدة، ما يمكن ان يسمح بعودة مفتاح الشفيرة الحكومية في لبنان الى «العلاقة» التي سحب منها بعد فبراير 2005.
انما يخشى ان تجرف الفترات الانتقالية، ما بعد الانتخابات الرئاسية في سورية، وحتى ولادة الاتفاق الاميركي الايراني الجديد حول الملف النووي، ما تبقى من مؤسسات مالية واقتصادية، وحتى دستورية، بمعيار ما طرحه جبران باسيل في برلمان الاونيسكو من تعديل دستوري يقيد رئيس الحكومة بمهلة شهر للتأليف، بما يحوله الى موظف بدرجة رئيس حكومة، عند رئيس الجمهورية!
كما ان تحديد مهلة التكليف، قد يفتح عيون البعض على المطالبة بتحديد مهلة موازية لانتخاب رئيس الجمهورية، تجنبا للفراغ القاتل، كما حصل بانتخاب الرئيس ميشال عون بعد سنتين ونصف من الشغور الرئاسي المدمر.
وفي تقدير النائب الان عون، عضو تكتل لبنان، ان الرئيس المكلف امام الفرصة الاخيرة، فإما ان يؤلف حكومة، واما نحن ذاهبون الى تقريب الانتخابات النيابية!
والرئيس بري كان اكثر تحديدا، بقوله لصحيفة «الجمهورية» أمس، امامنا الآن فرصة لابد ان نتحينها لايجاد حل وتفاهم يفضي الى تشكيل حكومة انقاذية، وهذه الفرصة اخشى انها اسبوعان على الأكثر، والا تصبح الحلول معقدة للغاية.
ويقابل هذا الوضع السياسي المربك احوال مالية ومعيشية صعبة في بلد تحاصره العقوبات من الخارج والاضرابات العمالية، ورحيل الشركات من الداخل!
الا ان حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، ألقى أمس برشة ماء باردة على وضع مصرفي، اقتصادي في حالة اغماء، بإعلانه وعبر قناة «الحدث» العربية، ان اموال المودعين في مصارف لبنان تصبح في خطر، عندما تعلن المصارف افلاسها، وهذا لم يحصل، وبالتالي ان اموال المودعين لا تزال موجودة، ومشيرا الى ان حساب الدولار الذي تم استحداثه، ساهم في الانقاذ ظرفيا، وأدخل العملة الى المصارف، معلنا انه مع نهاية يونيو سيتم دفع 50 الف دولار لكل مودع، 25 الف دولار نقدا و25 الفا بالليرة اللبنانية، وهذا الموضوع سيحل الامور نهائيا للمودعين الصغار وعددهم يتعدى المليون و30 الف حساب، وهذا يؤكد ان العمل الذي يقوم به المصرف المركزي عمل صامت الا انه يقوم بالعمل اللازم لإعادة الثقة بالقطاع واستقطاب العملات النقدية الموجودة في البيوت.
واكد سلامة على القول ان المدخل لاعادة اموال المودعين يكون بتشكيل حكومة تعيد الثقة الدولية بلبنان.
وردا على سؤال قال: ان مؤسسة «القرض الحسن» لدى حزب الله، ليس مرخصا لها من مصرف لبنان، وهي مؤسسة اجتماعية بعلم وخبر من وزارة الداخلية، وانه سيتم التحقق من تبييض الأموال، مع القرض الحسن.
مصادر متابعة، اشارت لـ«الأنباء» ان دولا شقيقة وصديقة، نصحت المعنيين بتعويم المصارف وإعادة تحريكها والحفاظ عليها، كأولوية على تشكيل الحكومة، كونها مصدر ثقة الناس، بالدولة والمؤسسات، والدرع الحامي في مواجهة الضغوط الخارجية والمداخلات المرتقبة.
المصدر: الأنباء الكويتية