استقبل رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسان دياب وفد نقابة محرري الصحافة اللبنانية، لمناسبة عيد شهداء الصحافة اللبنانية، وضم الوفد نقيب المحررين جوزف القصيفي وأعضاء مجلس النقابة نافذ قواص، جورج شاهين، واصف عواضة، سكارليت حداد ويمنى شكر غريب، في حضور مستشار رئيس الحكومة خضر طالب.
وشدد الرئيس دياب خلال الدردشة التي أجراها مع الوفد على “أن الحكومة خاضت منذ تأليفها ولا تزال، معركة قاسية على مختلف الجبهات، ولم يسبق أن واجهت حكومة نكبات ومشاكل وأزمات بهذا الحجم وهذه الوتيرة خلال ستة أشهر، وحتى خلال فترة تصريف الأعمال، وقد تحملت أعباء كبيرة كانت نتيجة قرارات مالية واقتصادية ونقدية خاطئة من الحكومات السابقة”.
وقال: “ان أولى الأزمات التي واجهت الحكومة كانت تعثر لبنان عن دفع سندات “اليوروبوند”، حاولنا من خلال الحوار مع المصارف ومصرف لبنان الذين كانوا يملكون 75 في المئة من الأسهم، اللجوء إلى خيار جدولة الديون وتفادي التعثر بالدفع، لكن تفاجأنا لاحقا أن بعض المصارف باعت أسهمها إلى الخارج، وبالتالي لم يعد بإمكاننا إعادة الجدولة وبقي أمامنا خياران: إما الدفع وإما إعلان التعثر، فقررنا في مجلس الوزراء بموافقة الرؤساء الثلاثة والمعنيين بالشأن النقدي والمالي التوقف عن سداد الديون وإعادة هيكلة الدين. ثم وضعنا الخطة الإصلاحية الاقتصادية والمالية والتي أثنى عليها صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي، وقررنا المباشرة بالتفاوض مع صندوق النقد، ثم أقررنا إصلاحات أساسية عدة، كترجمة للخطة الإصلاحية المالية الاقتصادية واتخذنا قرارات عدة على صعيد مكافحة الفساد”.
وأوضح دياب انه “لم يكن لدينا خيار سوى الاستقالة بعد انفجار مرفأ بيروت، لكنني استمهلت الوزراء الذين أرادوا الاستقالة غداة الانفجار اياما عدة، ريثما يتم إقرار بعض القرارات في مجلس الوزراء لإنصاف أهالي الشهداء والجرحى والمتضررين، ووعدتهم بأن أعلن استقالة الحكومة في العاشر من آب”.
وذكر بأن لجنة التحقيق الإدارية (الوزارية) التي شكلتها الحكومة قبل استقالتها اتخذت جملة من التوصيات التي تم إقرارها، وهي:
أولا، إحالة قضية الانفجار من المحكمة العسكرية إلى المجلس العدلي لكي يتاح لأهالي الشهداء تقديم دعاوى شخصية جزائية لتحصيل حقوقهم، وهذا غير متاح في المحكمة العسكرية.
ثانيا، اعتبار ضحايا الانفجار شهداء ومساواتهم بشهداء الجيش اللبناني.
ثالثا، إقرار سلفة مئة مليار ليرة لتعويض الأضرار.
رابعا، وضع موظفي الفئة الأولى – في حال توقيفهم – بتصرف رئاسة الحكومة، ووضع موظفي الفئة الثانية وما دون بتصرف الوزير المختص.
خامسا، استفادة الجرحى من الضمان الاجتماعي”.
وعن أسباب عدم تمكن الحكومة من الاستمرار، قال الرئيس دياب: “ان أي رئيس حكومة مهما كان قويا ونظيف الكف، إذا لم يكن يتوافر له التوافق السياسي والدعم من مختلف الجهات، فلن يتمكن من النجاح”، مضيفا أنه “لا يمكن اختيار وزراء مستقلين بالكامل من دون استشارة الكتل النيابية التي ستمنح الثقة في المجلس النيابي، إلا أن الحكومة الحالية هي الأقرب في تاريخ لبنان إلى مواصفات حكومة التكنوقراط”.
وعن ترشيد الدعم، اشار الى “أن الحكومة أرسلت أربعة سيناريوهات إلى اللجان النيابية المشتركة لكي تتم مناقشتها مع الوزراء والنواب ومصرف لبنان واختيار الحل الأنسب. لكن أمام المطالبة بسيناريو موحد، أصبحت الحاجة إلى البطاقة التمويلية ملحة للتعويض عن التكاليف الإضافية التي سيتكبدها المواطن”.
وأكد دياب “ضرورة تأليف حكومة في أسرع وقت ممكن”، وقال: “لو شكلنا حكومة منذ تسعة أشهر لما وصلنا إلى هذا الواقع الصعب”، مشددا على أنه “لن يخالف الدستور بعقد جلسات لمجلس الوزراء في مرحلة تصريف الأعمال وفي ظل الانقسامات السياسية الحالية”.
وعن المرسوم 6433 قال: “أنا وقعته وأرجح أن يوقعه رئيس الجمهورية”.
وختم الرئيس دياب قائلا: “ودائع الناس لن تختفي، ولبنان ليس أول بلد يتعثر”.
وألقى النقيب القصيفي، في بداية اللقاء، كلمة قال فيها: “دولة الرئيس، شئتم أن تكون زيارة مجلس نقابة محرري الصحافة لكم في عيد شهداء الصحافة اللبنانية، الذين سخوا بدمهم وحبروا به وثيقة الحرية منذ العام 1916 حتى الأمس القريب، من أجل أن تكون لهم دولة سيدة تميزها ثقافة الحياة الواحدة بين مختلف مكوناتها. دولة المواطنة والحقوق والمساواة. لكن الدولة الموعودة لم تتحقق، فيما يطول الحديث عن الأسباب”.
واشار الى “أن أهل الصحافة والإعلام، على مر السنوات، لم يحظوا باهتمام الدولة. فلا قانون موحدا يرعاهم، ولا ضمانات تحميهم وتقي المهنة شر الاندثار. وعلى الرغم من تماسهم المباشر مع أصحاب القرار، والتعود على الإشادات الموسمية بدورهم، لم يلحظوا أي مسعى جاد لوضع خطة لهذا القطاع تقيه من عثاره”.
وقال: “في أي حال، لا يمكن فصل هموم الصحافيين والإعلاميين عن هموم المواطنين الذين بلغ بهم الإحباط حد الكفر، وهم يرون كل شيء ينهار في هذا البلد. مصرف مركزي لا يصارحهم بواقع الحال، ويجانب التدقيق الجنائي الذي لا يثق الشعب بإمكان وصوله إلى نتيجة، في ضوء ما مثل ويمثل فصولا على مسرح القضاء. مصارف تحبس ودائع المواطنين ولا تفرج عنها إلا بالقطارة، ولا تملك أن تطمئنهم إلى مصيرها إلا بيانات يشوبها الكثير من الإبهام. قطاعات، وإدارات القطاع العام المنتجة التي تعاني عجزا وهدرا ولا من يحاسب في غياب الدور الفاعل والمستقل لهيئات الرقابة. لكن أدهى ما يواجه اللبنانيين اليوم هو موضوع رفع الدعم عن السلع الأساسية في ظل الخلاف على البدائل وآلاليات: بطاقة تموينية أو تمويلية، والعائلات الأكثر فقرا، والخوف المتنامي على مصير الإحتياط الإلزامي. غالبية عائلات لبنان على حافة الفقر أو تحت خطه، لئلا نقول جميعها، باستثناء المحظوظين الذين هربوا أموالهم إلى الخارج من دون أن تتمكن الدولة من استرجاع بارة واحدة منها”.
ورأى “ان رفع الدعم في ظل تآكل قيمة الرواتب واستمرار ارتفاع سعر صرف الدولار من دون ضابط أو رادع، سيفاقم الأزمة، ويزيدها اشتعالا”.
وختم القصيفي: “دولة الرئيس، لا نحملكم وحدكم المسؤولية التي توليتموها على إثر أزمة أرخت بثقلها على كل مفاصل الوطن، وسعيتم للتصدي لها في أحوال بالغة الدقة والصعوبة. لكن واقع الأرض تجاوز إرادتكم في الوصول إلى حل. لن نبكي ولن نتباكى، حسبنا أن نحذر، وأن نذكر بأحد أمثالنا اللبنانية الدارجة “الضرف يللي ما بيمتلي بيكون معيوب”. فحذار أن يمتليء ضرف لبنان. ان الليالي من الزمان حبالى مثقلات تلدن كل عجيب”.