كتبت صحيفة نداء الوطن تقول: “الآمال المعقودة على منصة “صيرفة” لضبط تفلت الدولار، بدّدتها “مطبعة الليرات” الآخذة في التوسع والإنفلاش. فبحسب إحصاءات “المركزي”، تضخم حجم “الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية” (M1)، التي تتضمن النقد الموضوع في التداول + مجموع الحسابات المصرفية تحت الطلب، إلى 42,425 مليار ليرة في نهاية كانون الثاني من العام الحالي. وقد ارتفعت هذه الكتلة في شهر واحد بنسبة 5.6 في المئة، بعدما كانت قد سجلت 40,156 في نهاية العام الماضي. في حين أن نسبة ارتفاعها على الصعيد السنوي بلغت 130,5 في المئة، بعدما كانت قد سجلت 18,408 مليار ليرة في بداية العام 2020.
ماذا تعني هذه الأرقام؟ الجواب ببساطة: “التضخم، فقدان الثقة وعدم القدرة على لجم الدولار”، بحسب خبير مصرفي. “فمقابل كل 1000 ليرة تطبع هناك 900 ليرة تتحول بشكل مباشر عند الصرافين، أو غير مباشر من خلال الإستهلاك وزيادة الطلب على السلع المستوردة، إلى الدولار. ومن ناحية ثانية، فان استمرار الطباعة بهذه النسب المهولة يدل على أن الأموال لا تعود إلى المصارف على شكل ودائع، بل تتحول بأغلبيتها طلباً على الدولار. ومع عدم قدرة المصرف المركزي على بيع الدولار، يعجز عن امتصاص فائض السيولة بالليرة ويضطر إلى الاستمرار في الطباعة لتمويل عجز الدولة من جهة، وسحوبات الودائع الدولارية بالليرة اللبنانية على سعر 3900 ليرة من جهة ثانية”. ولعل أبرز دليل على انعدام الثقة بالقطاع المصرفي هو عدم زيادة كتلة (M2) التي تمثل (M1) + الودائع المجمدة لأجَل بالليرة اللبنانية إلا بنسبة 12,6 في المئة في ظرف سنة. حيث ارتفعت من 61,543 مليار ليرة في كانون الثاني2020، إلى 69,303 ملياراً في كانون الثاني 2021.
على الرغم من تبيان الإنفلاش في الكتلة النقدية، استحالة السيطرة على سعر الصرف، بوجود منصة مضبوطة أو من دونها، فان سوداوية الصورة لا تكتمل إلا باضافة العجز في ميزان المدفوعات وحجم الناتج المحلي. فمع تحقيق ميزان المدفوعات عجزاً يفوق 10,5 مليارات دولار خلال العام الماضي، وانحسار الناتج إلى حدود 17,6 مليار دولار، فان لا “ضمادات” منصة صيرفة ولا “تقطيب” المنصات الباقية سيوقفان نزيف الدولار ويحدان من ارتفاعه أمام الليرة.