كتبت “نداء الوطن” تقول: بين ليلة وضحاها، انقلب الوهن عزيمة، وارتدّت الروح إلى “جيفة” السلطة، وأعاد الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله إحياء عظام العهد الرميم… فرصّت 8 آذار سلطتها واستعادت زمام الحكم إنفاذاً لـ”فرمانات” المرحلة التي سطّرها نصرالله بوصفه “بيّ الكل” في السلطة الحاكمة، الأقدر على تأنيبها وتقويم الاعوجاج في أدائها، حكومياً ومالياً واقتصادياً وعسكرياً وأمنياً.
فبعد نشوة المساء التي تملّكت سريعاً رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل ولم يستطع كبت إحساسه بها أمام متابعيه على “تويتر” عقب انتهاء كلام الأمين العام لـ”حزب الله” مباشرةً، استنفرت دوائر القصر الجمهوري من الصباح الباكر لوضع الآليات التطبيقية اللازمة لخريطة الطريق التي رسمها نصرالله، فكانت باكورتها من المصرف المركزي حيث افتدى الحاكم رياض سلامة “رأسه” بما تبقى من ودائع الناس في احتياطي العملات الأجنبية، وامتثل لأمر المنظومة الحاكمة بضخّ دولارات المودعين في سوق الصيرفة والمصارف واستخدامها في تحديد سعر الصرف.
وكما في بعبدا، كذلك في السراي الحكومي لم يتأخر رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب في تفعيل اجتماعاته الوزارية والمالية والاقتصادية والصحية، فعقد اجتماعات تلو الاجتماعات أمس، حتى أصبح على “قاب قوسين” من دعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد “بلا قيد أو شرط” كما طالبه الأمين العام لـ”حزب الله”، على أن يخصص جدول أعمال الجلسة الأولى لإقرار مشروع الموازنة العامة، وفق ما نقلت المعلومات إثر اجتماعه بوزير المالية في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني.
أما على مقلب التكليف والتأليف، فاعتبرت مصادر مواكبة أنّ الاجتماع المرتقب في قصر بعبدا بعد غد الاثنين بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري أصبح “متل قلتو”، في ضوء المستجدات التي طرأت على المشهد الحكومي انطلاقاً من كلام نصرالله، معربةً عن قناعتها بأنّ “باسيل سيقتنص جرعة الدعم التي منحه إياها “حزب الله” لينقضّ من خلالها على الحريري ويفخّخ اجتماعه المرتقب الاثنين مع رئيس الجمهورية”.
وفي المقابل، لا يبدو الرئيس المكلف في وارد الموافقة على تشكيل حكومة سياسية، بل تؤكد المصادر أنه “لا يزال على موقفه الرافض لتوسيع الحكومة، ولن يرضى بالالتفاف على روحية ومواصفات المبادرة الفرنسية التي تنصّ على تأليف حكومة اختصاصيين من غير الحزبيين، ولا يمتلك أي طرف فيها ثلثاً معطلاً”، موضحةً أنّ “أي حكومة سياسية ستعني حكماً نسف المبادرة الفرنسية والعودة بالتالي إلى نغمة التمثيل الحزبي والسياسي والثلث المعطل، وهو عملياً ما يطالب به باسيل ويتمسك به رئيس الجمهورية”.
تزامناً، وبينما رأت أوساط مراقبة أنّ مضمون خطاب الأمين العام لـ”حزب الله” التصعيدي أجهض عملياً الوساطة الروسية وأتى بمثابة “رد مضاد على مطلب موسكو الضغط على حلفاء الحزب”، تنقل مصادر ديبلوماسية مطلعة على الموقف الروسي لـ”نداء الوطن” أنّ موسكو لا تزال تراقب “بحذر شديد” المستجدات في لبنان، ويرى المسؤولون الروس أنّ “المعطيات حتى اللحظة لا تبشر بالخير ولا بالتفاؤل رغم حصول اللقاء الأخير في قصر بعبدا”، مشيرةً إلى أن “التواصل الخارجي مستمر مع كافة الأطراف اللبنانية، والضغط الدولي متواصل، لكنّ يبقى الحل أولاً وأخيراً بيد المسؤولين اللبنانيين الذين يجب عليهم أن يبادروا بأنفسهم إلى تأليف حكومة تكنوقراط لإنقاذ البلد بعدما وصل إلى حافة الانفجار الكبير”.