كتبت صحيفة “الأنباء” الالكترونية تقول: ما كان يعتقد اللبنانيون بأنّه سيناريو بعيد لا يمكن الوصول اليه، تحوّل إلى جزء من يومياتهم المؤسفة، وما مشهد الخلاف في احد المحال التجارية من أجل كيس حليب سوى خير دليل على المرحلة السيّئة التي وصل إليها البلد التي تُنذر بالفوضى التي يحذّر منها مرارًا وتكراراً رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط ويَحثُّ على تفاديها عبر تسريع ولادة الحكومة وبدء الإصلاح. لكن ما أدرانا ما يمكن أن تخبّئه بعد “جهنم” التي وُعد الناس بها من رأس الدولة بدلاً من استنهاض كل الطاقات والفرص لإنقاذ البلد، لكن أهل الحكم يُمعنون في التعطيل وحرمان اللبنانيين من آخر قارب نجاة بسبب شعارات مذهبية ومصلحية لا تليق بحق ممارسيها فيما الشعب يموت الجوع.
الخبير الاقتصادي أنطوان فرح أكد أن كل التفسيرات والتحليلات لتفسير الارتفاع الذي سُجّل مؤخرا لسعر صرف الدولار هي “واهية، ولزوم ما لا يلزم”، لافتًا في حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية إلى أن “سعر الليرة اللبنانية سيستمر بالانهيار طالما الوضع الاقتصادي والثقة على ما هي عليه اليوم”، مستذكراً أن “سعر الدولار في كانون الثاني 2020 وصل الى 2100 ليرة وفي كانون الثاني 2021 وصل الى 9000 ليرة، وهذا المسار أدى الى انهيار الليرة فوضعنا يسير من سيئ الى أسوأ، والعملة الوطنية مستمرة بالتدهور لأنه لم يحصل شيء إيجابي لتثبيت الدولار، والاحتياط بدأ بالنفاد، ومن الطبيعي أن يستمر سعر الدولار بالارتفاع وقد يصل الى 25 ألف ليرة وأكثر، والدولة بحاجة إلى كتلة نقدية كبيرة بالليرة اللبنانية، وهي مضطرة لطباعة أوراق نقدية جديدة كي تستمر بدفع الرواتب للقطاع العام، الأمر الذي سيزيد التضخم”.
وأضاف فرح “اذا استمرينا بهذا المسار فلا شيء يمنع من ارتفاع الدولار الى سقوف ليست بالحسبان، ما قد يؤدي الى الانهيار الشامل، فالمشهد لا يحتاج الى الكثير من الخبرة”، مستغربا الجمود الحاصل من قبل المسؤولين “وكأنهم يعيشون بغيبوبة”.
في هذه الأثناء، ووسط السجال القائم حول تفاصيل تأليف الحكومة العالقة، كان موقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط حاسماً بأولوية وضرورة الحكومة، وتأكيده عدم تمسكه بعدد 18 وزيرا بعد أن باتت كل هذه الأمور سخيفة امام الانهيار الحاصل في البلد، وهو موقف من شأنه أن ينتزع ذريعة كاذبة لطالما تذرّع بها معطّلو تشكيل الحكومة، حيث عملوا طوال الأشهر الماضية على خلق عقد وهمية، كما يضع أمين عام حزب الله حسن نصرالله أمام مسؤولية متابعة العمل لتحقيق الطرح الذي كان قدمه بقوله إنه يرفض الثلث المعطل لكنه يرفض عدم زيادة عدد الوزراء، فهل سيكون بالتالي مبادراً لإقناع الفريق المتمسك بالثلث المعطل بوقف هذا التعنت؟
في هذا السياق، اعتبر عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار أن “موقف جنبلاط جاء نتيجة هواجسه، وخوفًا من التفلّت الذي تلوح مؤشراته في البلد على غرار كثير من الأطراف الذين يعتبرون انه في حال بقيت الأمور على ما هي عليه فنحن ذاهبون نحو مزيد من التأزم في الشارع، وما ينتج عنه من توترات لا تُحمد عقباها”، لافتا الى ان جنبلاط “يحاول أن يتجنب ما هو حاصل خاصة مع تفاقم الأزمة المعيشية”، وجدد الحجار التأكيد على “التزام الحريري بالمبادرة الفرنسية ورفضه اعطاء الثلث المعطل لأي جهة وبالتالي لا إمكانية لتشكيل حكومة من 20 وزيراً، وهذا هو مطلب النائب جبران باسيل لضمان الثلث المعطل من أجل التحكم بالبلد وبأي قرار تتخذه الحكومة”.
توازيا لا يبدو ان شيئا قد تغيّر في موقف فريق العهد، حيث كررت مصادر التيار الوطني الحر عبر جريدة “الأنباء” الالكترونية رفضها المشاركة في الحكومة وعدم المطالبة بأية حصة، لكنها من جهة ثانية ركزت على “وحدة المعايير”، وعلى “حق رئيس الجمهورية بتسمية الوزراء المسيحيين باعتباره شريكاً أساسياً بتشكيل الحكومة”.
المصادر تساءلت عن “جدوى الجولات التي يقوم بها الحريري في الدول الشقيقة والصديقة”، وقالت ان “عليه معالجة العقدة الاساسية المتمثلة بتشكيل الحكومة، وبعدها فليذهب الى حيث يشاء بصفته رئيسا للحكومة وليس رئيسا مكلفا”، معتبرة ان “الأعذار التي يقدمها لا تحل المشكلة، وعليه أن يبادر للاتصال برئيس الجمهورية لإعادة البحث مجددا في ملف التأليف بما يمهّد للاتفاق على الحكومة ولونها وشكلها”.
من جهتها، أوساط مقربة من بعبدا اعتبرت ان “التأخير يُسأل عنه الرئيس المكلف وليس رئيس الجمهورية الذي لا يتمسك بالثلث المعطل، لكنه لن يسمح بتخطي صلاحياته وهو شريك أساسي في تشكيل الحكومة، ومن حقه التدقيق في كل الاسماء المطروحة باعتبارها غير منزلة، لكن الرئيس المكلف يرفض ذلك وهذا هو لب المشكلة، فلماذا الاختباء خلف الأصابع؟”.
وفي ظل احتدام السجال بين التيارين الأزرق والبرتقالي، أعربت مصادر عين التينة عن انزعاجها، داعية عبر جريدة “الأنباء” الالكترونية الى تشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن وقطع الطريق على المصطادين بالمياه العكرة من أجل التفرغ لمعالجة الوضعين الاقتصادي والمعيشي في ظل الارتفاع المخيف للدولار وما يعكسه من غلاء فاحش لاسعار المواد الغذائية.
المصادر نقلت عن رئيس مجلس النواب نبيه بري “تخوفه من تفاقم الأمور في الشارع ووصول البلد الى الانهيار الحقيقي وما قد يؤدي الى فلتان الشارع لدرجة تجعل من الصعب اعادة الأمور الى مسارها الطبيعي”.