الهجرة هاجس اللبنانيين لضيق العيش وعدم الاستقرار

الهجرة أصبحت هاجس اللبنانيين ولسان حالهم، فقد ضاقوا ذرعا من الاوضاع الاقتصادية الصعبة، لا سيما بعد الارتفاع الجنوني للدولار مقابل الليرة وعدم الاستقرار السياسي وازمة الكورونا وانفجار المرفأ وازدياد البطالة، ما دفع بهم الى البحث عن مكان آخر لتأمين المستقبل و لقمة العيش.

 

واوضح الباحث في “الدولية للمعلومات” محمد شمس الدين “ان هجرة وسفر اللبنانيين مسألة قديمة تعود الى العام 1854 مع المهاجر اللبناني الاول، وبعدها كانت قوافل كبيرة من مئات الالاف من اللبنانيين غادرت الوطن بحثا عن فرص أفضل للحياة او هربا من حرب مدمرة”.

وقال: “يقدر عدد المهاجرين اللبنانييين او المقيمين بشكل دائم في الخارج نحو 1300000 لبناني، وقد غادروا على مرحلتين، الاولى عام 1975 نتيجة الحرب وحتى العام 1992 وبلغ عددهم نحو 650000. ومن العام 1992 حتى 2019 نحو 670000 مهاجر”.

واكد ان الظروف الاقتصادية والامنية، اضافة الى شغف اللبناني بالهجرة والسفر، أدت الى ارتفاع كبير في اعداد المهاجرين، كما حصل في السنوات الاخيرة، فمثلا في العام 2016 بلغ العدد نحو 12000 مهاجر، وفي العام 2017 ارتفع الى 18000، وفي العام 2018 وصل الى 33000، وفي العام 2019 كان 66000″.

واشار الى ان اعداد المهاجرين في العام 2020 لم تتوفر لدينا. وقال: “بعد انفجار المرفأ وانهيار الوضع الاقتصادي وارتفاع سعر صرف الليرة اللبنانية، كل هذه الامور كانت حافزا للسفر والهجرة، لكن الاقفال الذي تشهده معظم دول العالم وازمة كورونا حدت منها، وأتوقع في العام 2021، في حال استمرت الاوضاع في لبنان كما هي، ان نشهد اعدادا كبيرة جدا من المهاجرين اللبنانيين”.

واوضح ان 70 في المئة من المهاجرين هم من الفئات الشابة، بين 25 و 35 سنة، وهذا الامر له سلبيات وايجابيات، فمن ناحية يوفر للبنان دخلا بالعملات الاجنبية يساعد الاسر اللبنانية المقيمة، لكنه على المدى البعيد يفقد لبنان عنصر الشباب ويجعل الشعب اللبناني هرما، فتصبح غالبية المقيمين في البلد من المتقدمين في العمر، ونخسر طاقاتنا الشابة. اما وجهات السفر فلم تتغير على مدى السنوات الماضية، وتبقى اوروبا واميركا وكندا واوستراليا الوجهة الاساسية بالاضافة الى افريقيا، وكذلك السفر لفترة طويلة الى الدول العربية لان هناك صعوبة في الحصول على جنسية هذه الدول”.

 

من جهته، أشار مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة “ستاتيستكس ليبانون” ربيع الهبر الى انه “لا توجد في لبنان نسبة عن الهجرة، وليس لدينا لوائح عن عدد المهاجرين. فمن يهاجر لا يشطب من لوائح القيد كما يحصل في البلدان الاوروبية والاميركية”.

وقال: “من الصعوبة جدا ان نعرف عدد المهاجرين، فالذين يدخلون الى البلد اكثر من الذين يغادرونه، وبحسب المديرية العامة للامن العام، هناك ما بين 10000 و 15000 شخص دخلوا الى لبنان خلال العامين الماضيين”، موضحا “ان أي شخص يريد ان يهاجر بحاجة الى سنة وثمانية أشهر على الاقل كي يحصل على تأشيرة الهجرة، كما يحتاج الى معاملات عدة، بدءا من تقديم طلب على الانترنت، وخلال ثلاثة او خمسة أشهر يتم دراسة الطلب، بعدها اجراء المقابلة الاولى ثم الفحوص الطبية ومقابلة ثانية”.

ونفى ان تكون الهجرة من لبنان قد ارتفعت بعد 17 تشرين، “لان الموضوع يحتاج الى سنتين على الاقل للحصول على التأشيرة، والدول ليست مشرعة ابوابها لاستقبالهم. والذين غادروا لبنان كان لديهم تأشيرات واقامات ما سرع في مغادرتهم”، موضحا ان “صفة الهجرة تعطى للاشخاص الذين أمضوا ثلاث سنوات خارج الاراضي اللبنانية”.

 

احمد ابو ضاهر، مهندس كمبيوتر وشبكات وأجهزة ذكية يعمل في شركة IBM في فرنسا، يقول: “جئت الى فرنسا كي ادرس الماجستير لان التكاليف في لبنان مكلفة جدا. واذا اردت ان اعمل في لبنان، في حال وجدت عملا وهذا صعب جدا، فالاجر زهيد جدا ولا يغطي تكاليف الدراسة”.

اضاف: “عندما أنهيت الماجستير، وبسبب عدم توفر فرص العمل في لبنان واعتماد الواسطة بدل الكفاءة، وكنت قد قدمت مشاريع عدة من بينها لشركة ميكروسوفت وحزت على المرتبة الاولى ومثلت لبنان في قطر. هذا ما أجبرني على البحث عن لقمة العيش في الخارج”.

وقال: “أشعر بالغربة والأسى خصوصا في فترة الاعياد التي أقضيها في غرفتي لوحدي، انه شعور صعب جدا. نأسف على هكذا دولة لا تستقطب شبابها من اصحاب الكفاءات وتدفع بهم الى الهجرة”.

 

من جهته، اشار الطبيب في الجراحة العامة وجراحة المنظار علي صقر الى انه كان ينوي دراسة الطب في لبنان، لكن الظروف الامنية السيئة حالت دون ذلك”. وقال: “نصحني صديق العائلة وهو طبيب جراحة أطفال درس في روسيا البيضاء، ان اتابع تحصيلي العلمي هناك فاقتنعت بالفكرة وسافرت”.

واوضح انه الآن في السنة الثانية اختصاص، “وبقي لي 3 سنوات لنيل الشهادة. عندما كان الدولار بسعر 1500 ليرة كنا مرتاحين، لكن الان الوضع صعب. أتمنى ان أمضي رأس السنة مع الاهل لكن بطاقة السفر مكلفة في هذه الايام”.

واشار الى مشكلة الطلاب اللبنانيين في الخارج بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار، مشددا على تطبيق الدولار الطالبي ليكمل هؤلاء دراستهم.

 

وقال طالب الماجستير في اختصاص هندسة كهرباء في فرنسا جاد شمس الدين: “اعرف انني لو بقيت في لبنان، فلن اجد عملا ولن تكون لدي حقوق المواطن البسيطة والاساسية. لا أقول نريد قطارا سريعا او غير ذلك، لكن على الاقل ان يكون لدينا كهرباء في بلدنا”.

اضاف: “لمناسبة الاعياد، أتمنى الخير والامان للاهل في لبنان، ولن اطلب شيئا من الدولة فما من احد يسمع. لن يبقى في لبنان سوى الحكام اما الشعب فسيكون خارجه. المغتربون يحتاجون الى بصيص أمل ليعودوا، فهل ذلك مستحيل ام ان زمن المعجزات قريب؟”.

تحقيق اميمة شمس الدين

الوكالة الوطنية للإعلام

عن Editor1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *