اكد رئيس تكتل “لبنان القوي” وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل ان “ما حصل كان متوقعاً، والآتي اعظم ان لم يتم استدراكه”، ولفت الى ان “هناك البعض في الداخل الذي يشنّ الحرب الاقتصادية على لبنان ويدعو الى اسقاط العهد، وهو يركب اليوم موجة شعبية صادقة لحرفها عن مسارها المحق من اجل تحقيق غاياته السياسية المعلنة باسقاط رئيس الجمهورية والحكومة ومجلس النواب المنتخب حديثاً ولاول مرة بشكل عادل”.
وشدد الوزير باسيل على الى اننا امام خيارين متناقضين: الانهيار الكبير او الانقاذ الجريء، وانه بالامكان اليوم القيام بالاصلاحات واقرار الموازنة في ايام معدودة، “لا ان نعطي الناس وعوداً للخروج من الشارع، بل ان نجتمع ونعمل فيما الناس لا يزالون في الشارع”.
واوضح وزير الخارجية ان “رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري مستعد، والامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله معنا وقد تحدثنا في هذا الموضوع على مدى سبع ساعات، ورئيس مجلس النواب نبيه بري متحمس لورقة بعبدا، ويجب توفر الامكانات السياسية، والوقت والحلول حاضرة، ويكفي ان نظهر للناس اننا جادون بتحقيق شيء ما، من خلال قوانين الفساد الثلاثة مثلاً او اي منها (رفع الحصانة، رفع السرية المصرفية واستعادة الاموال المنهوبة).”
واعتبر الوزير باسيل ان البعض في الداخل الذي يشنّ الحرب الاقتصادية على لبنان ويدعو الى اسقاط العهد، منبهاً من “طابور خامس” موجود بين الناس معروف – مجهول، “تعرفون البعض من شعاراته ونداءاته والبعض الآخر لا تعرفونه لانه يهدف الى افتعال المشاكل والخراب وتكسير البلد، وهنا الآتي اعظم بكثير لاننا نكون قد وصلنا الى المساس بالوضع المالي، فتنهار الليرة ولا تجد الناس اموالها فتقع الكارثة الاسوأ التي تحوّل البلد من الفوضى الى الجوع، وتصطدم الناس ببعضها، وقد نخسر هذا المشهد الجميل الذي نراه اليوم بتوحد اللبنانيين، لان المشهد الموحد قد ينقسم بسبب الحاجة والشعار والمطلب.”
مواقف باسيل جاءت بعد استقبال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون له عصر اليوم في قصر بعبدا، مع وفد من نواب ووزراء التكتل، حيث جرى عرض للاوضاع العامة في البلاد والتطورات الاخيرة.
بعد اللقاء، تحدث الوزير باسيل الى الصحافيين فقال:
” زرت ووفد من وزراء ونواب تكتل “لبنان القوي” رئيس الجمهورية، ووضعته في اجواء الاجتماعات التي عقدها التكتل امس، واستأذنته التحدث من على هذا المنبر بسبب الاوضاع الراهنة، كما وضعت رئيس مجلس الوزراء في جو موقف التكتل.
ان ما حصل هو تراكم ازمات واخفاقات ادى الى عدم قدرة الناس على التحمل، وانا افهمهم لانني “حبلت متلن” رغم انني لم استطع التعبير مثلهم بسبب موقعي، ولكنني افهمهم جيداً. ما حصل كان متوقعاً، والآتي اعظم ان لم يتم استدراكه. في الورقة التي طرحتها في اجتماع بعبدا اوائل شهر ايلول الفائت، قلت ان لبنان بحاجة الى صدمة كهربائية صدمة “اليقظة من الموت” وليس فقط الى علاج او عملية جراحية. كما قلت ايضاً ان القليل الباقي من الرصيد المالي، قد لا يكفينا لفترة اطول من نهاية السنة اذا لم نعتمد السياسات المطلوبة.
ما نشهده حالياً يمكن ان يشكل فرصة لانقاذ لبنان واقتصاده من الفساد والسياسات المالية والاقتصادية الخاطئة، كما يمكن ايضاً في المقابل ان يتحول الى كارثة كبيرة اقتصادية ومالية واجتماعية وامنية، ويُدخل لبنان في الفوضى والفتنة. الخياران واضحان ومتناقضان، ويختصران عنوانين كبيرين الانهيار الكبير او الانقاذ الجريء، ومن يريد اشعال الحرائق للقضاء على الاخضر واليابس (وهم معروفون من شعاراتهم)، ومن يريد اطفاء الحرائق- لا بل منع اندلاعها- من خلال التخلص من اليابس والابقاء على الاخضر، وهم معروفون ايضاً.
سأتكلم اليوم عن خيارنا في تكتل “لبنان القوي”، وعن موقفنا الذي اعتقد ان معظم المتظاهرين عفوياً يريدونه، ولهذا اتفهم مشاركة مؤيدي “التيار الوطني الحر” في هذه المظاهرات، مع تنبيههم بوجوب عدم الانجرار وراء اي قرار خاطىء.”
واضاف باسيل: “لا اعتبر ما يحصل موجهاً ضدنا، بل لصالح ما نطالب به مع الناس، اي لصالح البلد. هناك سلة اصلاحات طرحها الرئيس عون في ورقة بعبدا ووافقت عليها نظرياً كل القوى المجتمعة، انما يجب تنفيذها، وقد وضعنا ضمن التكتل، ورقة في هذا السياق تشمل الكهرباء، والهدر في الدولة، والفوائد العالية في خدمة الدين، والنازحين، وقوانين الفساد، والاقتصاد، والاستفادة من ثروات لبنان والاملاك البحرية والنهرية والجوية والعقارية والمائية والنفطية والبشرية…. تحت عنوان ان لبنان غني انما منهوب.
من شأن ما يجري تقوية موقف الرئيس وموقفنا مع جميع الاصلاحيين، واضعاف موقف المعارضين للاصلاح الذين يمنعوننا من تحقيقه منذ اعوام 2005 و2008 و2016، اما من خلال الوجود الدائم لبعضهم في الحكومة، او بوجودهم الاستغلالي في الشارع اليوم. واضافة الى الخارج الذي باتت اسبابه مفهومة ومكشوفة ومعلنة، هناك البعض في الداخل الذي يشنّ الحرب الاقتصادية على لبنان ويدعو الى اسقاط العهد، وهو يركب اليوم موجة شعبية صادقة لحرفها عن مسارها المحق من اجل تحقيق غاياته السياسية المعلنة باسقاط رئيس الجمهورية والحكومة ومجلس النواب المنتخب حديثاً ولاول مرة بشكل عادل.
ان موقفنا منذ امس في اجتماعاتنا المتتالية كان:
1- تقديم حل جذري متكامل للموازنة والاقتصاد وطلبات الناس.
2- عدم وجوب اقرار الموازنة دون ان تشمل اصلاحات، وتترافق معها عبر قوانين وقرارات داخل مجلس الوزراء وامور اخرى تليها ضمن برنامج واضح كنا وضعنا اجزاء مكتوبة منه في اجتماعاتنا الاخيرة.
3- عدم القبول بفرض ضرائب على عامة الناس، حتى ولو كانت صغيرة، دون ان تفرض ضريبة كبيرة على الاثرياء عبر مقولتنا الدائمة (الجيوب الكبيرة قبل الصغيرة)، واتخاذ اجراءات جذرية بوقف الهدر والفساد، والاستفادة من مقدرات الدولة.
4- طرحنا امس مجدداً عدة امور يمكن انهاؤها قبل اقرار الموازنة وهي باختصار:
– تأمين الكهرباء 24/24 ساعة في عام 2020، اي الوصول الى نسبة صفر في العجز وتفكيك شبكة المولدات التي كانت موجودة قبلنا.
– المصارف والفوائد المرتفعة ضمن سلة انقاذ، ولو تم تغريم المصارف الا اننا نكون قد عملنا على انقاذها.
– التدابير المنتفخة في القطاع العام والحد منها.
– الاتصالات ووقف الهدر فيها.
– اقفال المؤسسات والهيئات والصناديق التي لا لزوم لها وتشهد هدراً.
– الجمارك والتهريب الشرعي وغير الشرعي وتحديداً السكانر وشركات التدقيق.
– التهرب الضريبي وشركات التدقيق.
– اجراءات سريعة لزيادة التصدير والحد من الاستيراد، وقد جرى الحديث عن حماية كل ما يتم تصنيعه محلياً عبر وضع رسوم عالية جداً على استيراده.
– اطلاق العمل، بقرار من مجلس الوزراء وقبل اقرار الموازنة، بخطة الانقاذ “ماكينزي”، وخطة الانقاذ CIP وخطة الاصلاح “سيدر”، وتأليف لجان وزارية واخرى من المتخصصين للعمل بالتوازي وبدء ورشة العمل.
– النازحون ووضع سياسة الحكومة التي تقوم على عودتهم، وتأمين التمويل اللازم للدولة من قبل المجتمع الدولي وليس فقط للنازحين، وانا استمع الى مطالب الناس المحقة التي تطالب بتأمين العمل في ظل المنافسة في هذا السوق. فكيف سنحل ازمتنا ان لم نحل ازمة النازحين؟
– اقرار قوانين استعادة الاموال المنهوبة، ورفع السرية المصرفية، ورفع الحصانة عن النواب والوزراء والموظفين، وقد سألت خلال اجتماعنا امس على سبب عدم اقرار الحكومة هذا القانون الذي من شأنه اعطاء الثقة للناس بأننا نعمل بجدية.
– مجموعة امور على غرار الصندوق السيادي، والتنسيق بين القطاعين العام والخاص، والاملاك البحرية، واقرار مناقصة الغاز المنتهية. ويكفي اخذ قرار واحد في مجلس الوزراء لتوفير ملايين الدولارات في العام، والاهم في هذه المجموعة، الالتزام بها في مجلس النواب، بعد ان تكون الكتل في مجلس الوزراء قد وافقت عليها ، ويمكن ان تزيد عليها لا ان تنقص منها.
5- هناك ما هو اهم من موعد اقرار الموازنة، ونحن نعلم جيداً انه يجب الاستعجال في اقرارها، انما الاهم اقرار هذه الامور معها، وبسبب ضيق الوقت طرحت بالامس ان نعقد اجتماعات متواصلة ايام الجمعة والسبت والاحد على مدار الساعة حتى لو اضررنا ان ننام في السراي كي ننهي العمل مطلع الاسبوع المقبل، لانني حذرت انه لم نعد نملك الوقت، فالقطاع المالي سيسقط والناس ستنتفض.
لا يزال بامكاننا اليوم القيام بكل هذه الامور في ايام معدودة، لا ان نعطي الناس وعوداً للخروج من الشارع، بل ان نجتمع ونعمل فيما الناس لا يزالون في الشارع، فيشكلون عندها مصدر ضغط كي نعمل بسرعة دون تلكوء ومماطلة. وتعطي الحكومة، او من يريد منها، نفسها فرصة، كما يمكن للناس ان تعطيها فرصة ايام معدودة وهي في الشارع، من اجل انهاء هذا العمل. كنت قد حددت في الكلمة التي القيتها في 13 تشرين الاول، موعداً ينتهي في 31 تشرين الاول، واعتقد انها فترة اكثر من كافية. واذا لم تستطع الحكومة القيام بعملها، ترحل عندها لانها تكون مسؤولة عن وقوعنا في الخيار الثاني الذي كنا تحدثنا عنه، وللاسف ان البديل عن الحكومة الحالية هو ضبابي، ويمكن ان يكون اسوأ بكثير من الوضع الحالي، خاصة عدم وجود حكومة.
ان الخيار الآخر الذي لا نتمنى ان يحصل، هو الفوضى في الشارع وصولاً الى الفتنة، وتذكروا ان هناك “طابور خامس” موجود بين الناس معروف – مجهول، تعرفون البعض من شعاراته ونداءاته والبعض الآخر لا تعرفونه لانه يهدف الى افتعال المشاكل والخراب وتكسير البلد، وهنا الآتي اعظم بكثير لاننا نكون قد وصلنا الى المساس بالوضع المالي، فتنهار الليرة ولا تجد الناس اموالها فتقع الكارثة الاسوأ التي تحوّل البلد من الفوضى الى الجوع، وتصطدم الناس ببعضها، وقد نخسر هذا المشهد الجميل الذي نراه اليوم بتوحد اللبنانيين، لان المشهد الموحد قد ينقسم بسبب الحاجة والشعار والمطلب.”
وتابع باسيل: ” تخيلوا ايها اللبنانيون، هذا الوضع دون امن ودون اموال في الاسواق والمصارف، ودون طحين ومحروقات، فإلى اين نأخذ البلد؟ انا انبه من هذا السيناريو منذ فترة، ولم اكن اجرؤ على طرحه في الاعلام، انما هو مكتوب في ورقة بعبدا- واقوله اليوم ليس لخروج الناس من الشارع بل من حقهم التظاهر والتعبير عن غضبهم ويجب ان نتساعد لتحقيق هذه المطالب- بل لمحاولة تفادي الاسوأ معاً طالما ان الفرصة متوفرة من اجل الانقاذ. رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري مستعد، والامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله معنا وقد تحدثنا في هذا الموضوع على مدى سبع ساعات، ورئيس مجلس النواب نبيه بري متحمس لورقة بعبدا، ويجب توفر الامكانات السياسية، والوقت والحلول حاضرة، ويكفي ان نظهر للناس اننا جادون بتحقيق شيء ما، من خلال قوانين الفساد الثلاثة مثلاً او اي منها (رفع الحصانة، رفع السرية المصرفية واستعادة الاموال المنهوبة). وانا على استعداد، كما رفعت السرية المصرفية عن نفسي، ان اطلب من وزراء ونواب التكتل رفع السرية والحصانة، وتقديم انفسهم الى محكمة خاصة باستعادة الاموال المنهوبة كما طرحناها في القانون.
نحن نملك الجرأة على اقرار هذه القوانين الثلاثة وقد تقدمنا بها، فهل سيلاقينا الآخرون؟ وهذه من شأنها ان تكون علامة ثقة حقيقية للناس.
واخيراً، ارغب في التوجه الى اهلنا في الشارع وفي التيار بالقول: انتم خزان الاصلاح وضمانة البلد، ولن نوفركم للانقاذ عندما يتلكأ الاصلاح ويضيع البلد. ابقوا معنا، واسمعونا جيداً والى موعد آخر”.