معوض: موازنة الهبوط الاضطراري دفترية وغير مقنعة وتفتقد اي رؤية اقتصادية وأرقامها افتراضية

وطنية – اعتبر رئيس “حركة الاستقلال” النائب ميشال معوض، في مداخلة خلال مناقشة موازنة 2019 في مجلس النواب، أن “مناقشة هذه الموازنة تشبه الجلوس في كرسي الاعتراف أمام اللبنانيين نظرا الى الظروف التي واكبت الموازنة والمخالفات الدستورية الواضحة التي رافقتها، فنحن نعترف أمام اللبنانيين بأننا بدأنا عملنا كنواب بمخالفتين دستوريتين حين أقررنا قانون صرف على القاعدة الاثني عشرية لمرتين، وهذه المخالفات يجب الا تستمر كما يجري الآن وخصوصا أننا نقوم بمخالفة جديدة عبر مناقشة الموازنة قبل مناقشة قطع الحساب”.

وأعلن معوض أن “احالة قطع الحساب واجب دستوري”، ودعا الحكومة “إلى الاجتماع بغض النظر عن الخلافات السياسية كي لا ننشر موازنة من دون قطع حساب”. واعلن انه سيصوّت ضد اي تسوية بهذا الموضوع”.

واقترح في موضوع “فرسان الموازنة” سحبها من الموازنة الحالية وفتح جلسة تشريعية الاسبوع المقبل لاقرار المواد التي تم التفاهم عليها بحسب الاصول الدستورية “لئلا تتعرض الموازنة للطعن، كما جرى مع موازنة 2018”.

ولفت الى ان درس اعضاء لجنة المال والموازنة الموازنة جرى تحت مجموعة من الضغوط، اولاها ضغط الوضع المالي والاقتصادي وفي ظل درجة عالية من الفساد، الى جانب عجز في الموازنة وصل في 2018 الى 11,4 في المئة، في انتظار قطع الحساب، وتراجع تنافسية الاقتصاد الى المرتبة 105، وعجز كبير في الميزان التجاري وتراجع نوعية البنية التحتية وعجز في ميزان المدفوعات بلغ 3,3 ملياران في أول 4 أشهر.

اما الضغط الثاني فهو ضغط الوقت بحيث تسلمت اللجنة الموازنة في اوائل حزيران والحكومة ارسلت موازنة من دون رؤية اقتصادية وكانت تتوقع ان يكون المجلس مطواعا، ومن الضغوط الاخرى كذلك ضغط المؤسسات المالية ومؤسسات التصنيف وضغط الشارع حيث كان يقال في كل مرة “إبدأوا بسوانا” ورغم كل هذه الضغوط اقرت لجنة المال والموازنة الموازنة في اقل من شهر”.

وشدد على “اهمية الدور الرقابي التشريعي في عمل اللجنة لان الموازنة هي اساس، واي كلام على الإصلاح ومحاربة الفساد خارج الموازنة كلام فارغ، فالموازنة اساس محاربة الفساد والاصلاح البنيوي والاصلاح المالي والاقتصادي والاجتماعي”، مذكرا ب”اننا وصلنا الى هذا المستوى من المديونية لأنه منذ العام 2005 لم تقر موازنات ما ادى الى الفلتان وزيادة الدين العام من دون مشروع جدي، في حين ان العودة الى المؤسسات اساس للاصلاح ومحاربة الفساد وعودة لبنان الى المسار السليم”.

ولفت الى ان “لجنة المال قامت بأقصى ما فيها ولكن الموازنة في الاساس هي موازنة دفترية تفتقد أي رؤية اقتصادية، ففي المقارنة هي افضل من الموازنتين السابقتين، لكن هذا لا يعني انها انجزت ما يجب انجازه بالكامل وقد تكون وصلت الى علامة 7/20”. واوضح ان “من اهم ما قامت به اللجنة خفض الاعتمادات والغاء 7 مواد وتعديل 58 مادة لتكريس مبدأ الشمولية واخضاع القروض الى مرجعية مجلس النواب، الى جانب تكريس اصلاحات ادارية اساسية ومنها ربط التوظيف بعملية المسح الشامل للدولة، وهذا امر اساسي، الى جانب اصلاحات بنيوية منها الغاء الموازنات الملحقة واخضاع جميع الادارات لرقابة فعلية”.

وأشار الى انه “على الرغم من هذا العمل فهذا لا يعني “اننا وصلنا الى موازنة مقنعة بحيث ادينا دور الاستاذ الذي يستطيع تصحيح المسابقات لكن لا يمكنه تغييرها”،

وأضاف: “يمكن كمجلس نواب ان نراقب ونزيد مواد اصلاحية، لكن لا يمكننا أداء دور الحكومة ولا يمكننا تغيير توجه الموازنة والمشكلة الاساسية في الموازنة هي في توجهها”.

ولفت الى ان “الموازنة لم تقنعنا ولم تقنع الناس والاسواق ومؤسسات التصنيف الدولية”، مشددا على انه “اذا اردنا وصفها فهي موازنة الهبوط الاضطراري مع العلم ان نتائج هذا الهبوط غير مضمونة، لكننا مجبرون ان نواكبها بالحفاظ على الاستقرار السياسي والامني ما يوجب على المكونات الحكومية احترام مبدأ النأي بالنفس عن الخارج وعن المشاكل الداخلية المتنقلة”.

واكد انه “يجب ان نقنع شركاءنا بأن الموازنة بداية مسار جدي للاصلاح الذي يجب ان يظهر في موازنة 2020″، معلنا ان “ما قبلنا به في موازنة 2019 لن نقبل به في موازنة 2020”.

وأسف “لأن البنود الاصلاحية خجولة في الموازنة وهي تتكل على الجباية بدل الاصلاح”، سائلا: “اين قطع الحساب وترشيق القطاع العام وتوحيد معاييره؟” ولماذا محاولة تكبيد القطاع الخاص ما لا يمكن حمله؟ واين دعم الزاراعة والصناعة والسياسة السياحية الجدية في الموازنة؟ فهل يعقل الحديث عن دعم القطاعات الإنتاجية، في حين
نجد في أرقام الموازنة أن موازنة وزارة الزراعة تبلغ 0.32 في المئة فقط من إجمالي الموازنة، وموازنة وزارة الصناعة تبلغ 0.036 في المئة فقط وموازنة وزارة السياحة تبلغ 0.08 في المئة فقط من إجمالي الموازنة، فهل هكذا ندعم القطاعات الإنتاجية؟”.

وعبر عن تخوفه من “ان يكون الباطن اخطر من الظاهر في الموازنة عبر الاتكال على أموال مؤتمر “سيدر” والنفط الغاز على حساب القيام بالاصلاحات، وبالتالي تكون الموازنة كي نربح وقتا فقط”، مشددا على ان “النفط والغاز ليسا بديلا للاصلاحات، وهذا ما احذر منه”.

ولفت الى ان “ثمة مشكلة اساسية كذلك بالشفافية ودقة الارقام والتوقعات اذ ان الارقام في الموازنة مبنية على 6 أشهر وفعليا سيكون هناك 5 اشهر، كما انها بنيت على افتراضات عن نمو الدخل القومي والتضخم، لكن الافتراضات لا تصيب منذ 2017!”، مشيرا الى ان “النمو المقدر يبلغ 1,8% في وقت ان النمو هو صفر بالمئة اذا لم يكن سلبيا كما انه لا توجد ارقام للخفض”، موضحا ان “الخطأ في الافتراضات لديه تأثير اساسي في احتساب نسبة العجز”.

وشرح ان “الموازنة تعتمد اساسا على واردات اضافية وليس على عصر نفقات”، مؤكدا ان “اساس خفض العجز بني على زيادة الواردات، لكن لسوء الحظ هذه الواردات ظرفية او دفترية او استثنائية والبعض منها يؤدي الى ضرر على الاقتصاد الوطني مثل اكتتاب المصارف الذي يضر بالاقتصاد ويعتبر عملية تجميلية فقط، وكذلك مسألة زيادة ضريبة على الودائع من 7% الى 10%، وهو امر خطر قد يؤدي الى ضرب تنافسية الاقتصاد اللبناني، الى جانب امثلة اخرى عن زيارة الواردات الظرفية مثل رسوم الاستيراد وتأجيل متوجبات سندات الخزينة وغيرها”.

واكد ان “الموضوع الاخطر في الموازنة اننا نتكل على زيادة الضرائب كي نزيد المداخيل وهذا امر غير صحيح لان زيادة الضرائب رقميا لا تعني زيادة مداخيل الدولة لانها قد تؤدي الى انكماش ما يؤدي الى تخفيض مدخول الدولة، وهذا ما جرى في عدة دول ومنها كذلك لبنان في العام 2018 وهذا اسبب اساسي لعدم اقتناع احد برقم تخفيض العجز الى 7,59 في المئة”.

وشدد على ان “زيادة الضرائب لن تؤدي الى زيادة واردات بل ستؤدي الى انكماش، فيما الحل يكون بالاصلاحات البنيوية والسياسات الهادفة مثل مكافحة التهرب الضريبي”. وسأل عن عدم اتخاذ قرار “بوقف التهريب عبر المعابر بعدما قدم المسؤولون عن الجمارك كل المعلومات التفصيلية عن عدد المعابر غير الشرعية وأنواع البضائع التي يتم تهريبها عبرها والمسؤولين عن عمليات التهريب، وحين سألنا عن أسباب عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف التهريب والمهربين، قيل ان الامر يحتاج الى قرار سياسي، فماذا الذي يمنع رئيس الحكومة ووزير المال من اخذ هذا القرار وخصوصا أن حجم مدخول الدولة في حال وقف التهريب يراوح بين 500 مليون دولار ومليار دولار؟”

وسأل عن “التهرب الجمركي الذي يبلغ حجم الاموال المهدورة بسبب عدم وقفه مئات ملايين الدولارات، فإذا كان ثمة إشكال في زيادة عديد عناصر الجمارك والمفتشين الجمركيين، فلماذا لا يتم تركيب أجهزة “سكانر” كلفتها 60 مليون دولار وتوفر مدخولا سنويا يبلغ في أقل تقدير 500 مليون دولار؟” معتبرا ان “السبب يعود الى وجود تجار محميين يستفيدون من هذا الواقع”.

ودعا الى “وقف جعل المؤسسات محميات عبر حجم الدولة التوظيفي والقطاع التعاقدي”، منددا بوجود اكثر من 32 الف موظف خارج الوصف القانوني”، مذكرا كذلك بـ”توظيف 5000 شخص خارج القانون على رغم قرار يمنع التوظيف، وبتصريح وزير الاتصالات عن وجود 500 موظف “فائض” في شركتي الاتصالات”، مشيرا إلى ان “حجم الرواتب والأجور يبلغ 40 في المئة من الموازنة، في حين أن الرقم نفسه في الدول المتطورة لا يتجاوز الـ16 في المئة، وهذا لا يمكنه ان يكمل”.

ولفت إلى أن “لجنة موقتة تدير مرفأ بيروت منذ العام 1993، وهذا المرفق أدخل الى الدولة حتى العام 2017 فقط 350 مليون دولار”.

وأشار إلى أن “حسابات مؤسسة إدارة التبغ والتنباك اللبنانية (الريجي) لم تمر عبر لجنة المال والموازنة، كما أن ثمة فضائح لا تنتهي في شركتي الخليوي ووزارة الاتصالات و”أوجيرو.”

وأكد أن “الإصلاحات البنيوية تبدأ بتشكيل كل الهيئات الناظمة في قطاعات الكهرباء والنفط والاتصالات والطيران المدني”، ودعا الوزراء إلى “تقديم الأسماء إلى مجلس الوزراء عوض انتظار توافق سياسي قد لا يأتي، وليتحمل مجلس الوزراء مسؤولياتهم”.

وتحدث عن واقع المؤسسات الرقابية، فأشار الى أن “التفتيش المركزي تأسس في العام 1959 وكان كادره الوظيفي يضم 150 موظفا مع حجم الدولة الذي كان أقل من 5000 موظف، أما اليوم فيضم فقط 70 مفتشا على رغم أن حجم الدولة بات أكثر من 100 ألف موظف، ونتحدث عن الأعداد خارج الأسلاك العسكرية. وكذلك الواقع لا يختلف كثيرا في ديوان المحاسبة، وسأل: “هل بهذا الواقع للمؤسسات الرقابية نحارب الفساد؟”

ولفت الى ان محاربة الفساد لا يمكن ان تكون بالكلام بل بالمساءلة السياسية”، سائلا رئيس مجلس النواب عن “سبب عدم عقد جلسات مساءلة باستثناء مرة واحدة؟”.

وختم “على رغم ملاحظاتي، سأصوت مع الموازنة انطلاقا من انها موازنة هبوط اضطراي”، متمنيا ان “تكون محطة انتقالية للبدء بالإصلاحات المطلوبة في موازنة الـ2020”.

عن Editor2

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *