فازت المخرجة اللبنانية نادين لبكي بجائزة German Film Award for peace عن فيلمها “كفرناحوم”. وتمنح هذه الجائزة التي تعطى لأفلام هادفة عن المساواة والسلام، قبل بدء مهرجان ميونيخ للأفلام في المانيا بفترة قصيرة.
وتكرِم هذه الجائزة الأفلام ذات القيمة الفنية التي تحمل البعد الإنساني والاجتماعي والسياسي. وقد منحت جائزة هذا العام للمخرج الألماني مايكل هيربيغ المعروف ب “بولي”، والمخرجة اللبناني نادين لبكي عن فيلمها “كفرناحوم”. كما نال المخرج السوري طلال ديركي جائزة خاصة عن فيلمه الوثائقي “عن الآباء والأبناء”.
بارود
وكان عريف الحفل الوزير السابق زياد بارود الذي أتى خصيصا لإعطاء الجائزة للمخرجة لبكي، وتوجه الى الى لبكي والجمهور والى لبكي قائلا: “يسرني الليلة أن اقوم بتمثيل غير رسمي لبلدي لبنان، هذا البلد العظيم والرائع الذي في الوقت نفسه يكافح على أصعدة عدة، منها بيئية وسياسية وإنسانية، فلذلك لدينا الكثير من العمل للقيام به. ولكن ومع ذلك نجد نفسنا نستبدل تساؤلات الحرب الأهلية بمساءلة الفن في لبنان، وكم نحن محظوظون بأننا امام الحقيقة وليس الحزن، كم نحن محظوظون بأن بلدنا شهد على لحظات تاريخية، أذ صفق لنا العالم تقديرا، بحيث لدينا قلب ينبض للانسانية ومفعم بها. هذا القلب هو قلب نادين لبكي. نادين لبكي هي من مشاهير بلدنا هي مناضلة حقيقية في حقوق الإنسان وسينمائية حكيمة”.
وتوجه الى لبكي قائلا: “العزيزة نادين عملك هذا أخرجنا من الظلام على الصعيد الوطني واعطانا الأمل والفخر، ولكن الأهم انك قمت بعمل قلائل من القادة البارزين على الصعيد العالمي قاموا به، انت قمت بتكريم المجتمعات المهمشة وهذا عمل بالفعل جبار”.
وتحدث عن “أهمية كرامة الإنسان في عصر فشل فيه الفرد باحترام حقوق الإنسان، وهذا يؤدي الى هلاك الأوطان ومنها يؤدي الى الحروب”. وذكر أن لبكي “عبر افلامها وفنها عملت على اعادة هذه الكرامة لشخصيات افلامها وعبرها للأفراد في المجتمع”، مستشهدا “بالفيلسوف الألماني العظيم ايمانويل قانت ونظرية قانت المتعلقة بعلم الأخلاق وهي نظرية ” ضرورة الحتمية/الفئوية، التي ترتكز على فكرة الأخلاقيات وتكريم الفرد. وفقا لهذه النظرية فإن صحة او خطأ الأفعال لا تعتمد على عواقبها، ولكن على ما اذا كانت تفي بواجبنا، ويعتقد قانت ان هناك مبدأ اخلاقيا أعلى هو الضرورة الحتمية/الفئوية. فمن هنا الأهم ان علينا ألا ندع أي فرصة ثمينة لكي نذكر كل فرد مقموع كم هو مهم وثمين ولديه حقوق”.
وكرر شكره للمخرجة لبكي “باسم لبنان وباسم المنظمين الألمان على رأسهم German Film Award for peace لمساهمتها في تكريم الناس وقضاياهم.
وتوجه الى لبكي مرة جديدة قائلا: “شكرا لأنك طرحت أسئلة لا احد منا طرحها من قبل، شكرا لأنك ذهبت الى هذه الأماكن المهمشة مع الكاميرا والصوت كي تسلطي الضوء على قضاياهم وقد سرقت دموعنا عند المشاهدة. شكرا لأنك وضعت وجها وصوتا للمهمشين وكرمت الأطفال والأهل في مواجهة مع واقعهم، كرمت المرأة وقمت بما هو مفيد للعالم اجمع”.
وختم بارود: “أتمنى أن نعمل سوية لمساعدة هؤلاء الأطفال ومساعدتهم للتغلب على بؤسهم ولديك تعهدي وتعهد الكثيرين، بأننا سنكون حلفاءك، ونحن ممتنون لشجاعتك وقلبك”.
وقد اقيم حفل تسليم جائزة السينما الألمانية الدولية للسلام German Film Award for peace في مسرح كوفيليس، ميونيخ، أحد أروع مسارح روكوكو في العالم. حيث كان للبكي كلمة عن الدواعي التي دفعتها للقيام بهذا الفيلم واهمية قضيته الإنسانية لها ولبلدها والمنطقة، وذلك في حضور كونستانتين بوك (مولف الفيلم) وهو الماني ومدير التصوير كريستوفر عون الذي فاجأ لبكي بحضوره.
كما شاركت المخرجة لبكي وفريق عملها في حفل عشاء، بناء على دعوة رئيس وزراء منطقة بافاريا والقيمين على صندوق دعم برنارد ويكس ومنظمي جائزة السينما الألمانية الدولية للسلام German Film Award for peace.
جائزة ويكيس
أنشأت إليزابيث ويكيس إندريس بعد وفاة زوجها برنارد ويكيس الذي تمنح الجائزة باسمه، صندوق دعم برنارد ويكيس التذكاري في عام 2002. وهي منظمة غير ربحية تمول من خلال التبرعات وبعض الجهات الراعية. وإرث بيرنارد ويكيس هو أساس جائزة السلام. وهو يعتبر أحد أبرز المخرجين الذين عرفوا في ألمانيا ولكنه من اصول نمساوية حيث ان فيلمه “ذئب وحيد” – كان تأثيره محسوسا على نطاق واسع في المشهد السينمائي في النصف الثاني من القرن العشرين. كما ولقي فيلم “الجسر” (1959) إشادة كبيرة في جميع أنحاء العالم، حيث كان موقفه في هذا الفيلم مناهضا للحرب. وتلقى العديد من الجوائز بما في ذلك ترشيح أوسكار و Golden Globe،. ولا شك في أن أعماله السينمائية وثيقة الصلة بالمشاكل التي تعيق بالعالم اليوم. وقد كرمته الأمم المتحدة لجهوده لتعزيز السلام والتفاهم بين الأمم.
يقوم الحاصلون على الجوائز والمكافآت والمنظمون ببناء جسر يهدف الى روح التسامح والديموقراطية. يحاولون بذلك تسليط الضوء على عالم تدينه أحيانا المعاناة والعنف الذي تعاني منه البشرية. فمن هنا اهمية نيل المخرجة اللبنانية نادين لبكي لهذه الجائزة، اذ ان مسيرتها اليوم تتناغم مع هؤلاء المخرجين العالميين الملتزمين وصناع سينما ذو جودة عالية. وتدعم قضية “كفرناحوم” والنجاحات العالمية لهذا الفيلم توصل صرخة معينة من منطقتنا.