اعتبر الرئيس فؤاد السنيورة أن “الاصلاح الحقيقي ليس شعارا يرفع، أو قصيدة حماسية تلقيها المجموعات السياسية من على المنابر في المناسبات لاستثارة اهتمام الناس وضمان تأييدهم لهم، بل هو فعل إيمان ورؤية واضحة وعمل مثابر ورحلة مستمرة لا تتوقف. والحقيقة أن الدول تتبنى برامج الإصلاح، التي هي بحاجة ماسة إليها، وتبادر إلى تنفيذها عندما تكون قادرة عليها، وليس عندما تصبح مجبرة على تنفيذها. عندها تكون العملية الإصلاحية قد أصبحت أكثر تعقيدا وأكثر إلحاحا، ولكن عندها أيضا يكون تنفيذها قد أصبح أكبر كلفة وأكثر وجعا وإيلاما ولكن أكثر عرضة للأخطاء، وربما قد لا تعود العملية الإصلاحية كافية لتأدية الغرض الذي تتوخاه الدولة من الإصلاح”.
وقال خلال لقاء حواري مع وفد بيروتي برئاسة المحامي ميشال فلاح زاره في مكتبه في السادات تاور: “إن لبنان تخطى مرحلة المداواة بالمراهم والمعالجات السطحية والظرفية. فلقد حان الوقت، بل جرى التلكؤ والتقاعس عن إجراء المعالجات السياسية الصحيحة للأمور في الأوقات المناسبة. وهذه المعالجات المطلوبة يجب أن تشمل اتخاذ الإجراءات والتدابير المالية اللازمة، شرط ألا يقتصر الإصلاح عليها فقط لكون هذه المعالجات والإجراءات المالية قد أصبحت غير كافية. فلقد بات من الضروري القيام بالمعالجات الجذرية التي تستوجب العودة إلى الأصول التي تستعيد ثقة المواطنين بالدولة اللبنانية وبالناشطين في العمل السياسي والوطني. وهذا يقتضي أن يرى اللبنانيون بأعينهم وليس فقط بمخيلتهم أنه يجري فعلا التمسك بالأساسيات: أي العودة إلى الالتزام الفعلي والتمسك الحقيقي باتفاق الطائف، وباحترام الدستور والتزام أحكامه ومهله. كما والعودة إلى احترام القوانين، واحترام الدولة بشتى إداراتها وأسلاكها ومؤسساتها لجهة الحرص على احترام دورها وصلاحياتها وسلطتها، وحيث لا تنازعها في ذلك أي سلطة أخرى. فلا يجوز ان تبقى الدولة موضوع تقاسم نفوذ مذهبي وحزبي وميليشياوي، وحيث يجري تقطيع أوصالها الى مغانم وحصص ويصبح المواطن بالتالي رهين الممارسات الزبائنية”.
وأضاف السنيورة: “يبقى الامل موجودا للخروج من الازمة الخانقة، إنما المطلوب لتحقيق ذلك توافر إرادة إصلاحية حازمة وجرأة وشجاعة في اتخاذ القرارات التي تحترم الدستور بما يعيد اللبنانيين إلى مسار الدولة العادلة المؤسساتية”.
وحذر من “إصرار بعض الأفرقاء السياسيين على توريط لبنان في أزمات مع محيط لبنان العربي، أو العمل على تحويل لبنان إلى ساحة للمواجهات الإقليمية والدولية، والتي لا ناقة للبنان فيها ولا جمل”.
وقال السنيورة: “حان الوقت للوقوف بحزم وفي حالة تضامن وطني في وجه من يعرض مصالح لبنان ومصالح اللبنانيين في العالم العربي للمخاطر، وهذه المقاربة هي التي تحصن لبنان وتحول بينه وبين أن ينزلق نحو مخاطر داخلية أو خارجية غير محسوبة يصبح معها الإنقاذ مستحيلا”.