أكد عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب بيار بو عاصي ان “العنتريات العقيمة التي تزدهر على حساب مصير البلد في ملف الموازنة ناتجة من عدم تحمل المسؤوليات، وهي تهدف الى شعبوية وجمع “كم صوت” من الناس”، معتبرا أن “الحديث عن ان الوزير جبران باسيل فرض موازنة العهد امر مبالغ فيه بشكل كبير”.
ورأى في مقابلة عبر برنامج “الجمهورية القوية من “لبنان الحر” أن “لا جدوى اذا استمررنا بمنطق “الك معنا وما معنا”، اذ هناك صرف لوزارات معينة فقط. الوزير هو الوصي على اموال وزارته وعندما يريد صرف مخصصات الوزارة تكون لدفع المعاشات او التعاقد مع الجمعيات او دفع المستحقات”. واعتبر ان “الدفع بشكل ميسر لوزارات والبطء بالدفع لاخرى، منطق أصحاب وليس منطق دولة”، آسفا “لأن هناك استنسابية في صرف الموازنة للوزارات وأموال الدولة”.
وشدد على ان “المشكلة الكبرى هي النقص في السياسة العامة للحكومة والتي على أساسها تحدد الموازنة، فمن غير الطبيعي الحديث عن خفض للعجز من دون تحديد سياسات الحكومة في البلد، وان خفض العجز اليوم الى 7.5% أمر جيد جدا والمهم ان يطبق على ارض الواقع”.
اضاف: “السياسة العامة يجب ان تدخل في كل الملفات. ذكر في البيان الوزاري مشروع “دعم الأسر الأكثر فقرا”، وهذا أمر جيد ولكن غير كاف. عندما وصلت الى الوزارة كانت الأسر التي تحصل على بطاقة الفقر 104 آلاف أسرة، ولكن المصنفين لم يكونوا جميعهم من الفقراء، أعدنا تقييم هذا البرنامج ليصبح 44 الف أسرة”.
وسأل: “هل يمكننا تأمين حاجات هذه العائلات؟ كلا، فإمكانات الدولة لا تسمح بذلك والبطاقة الغذائية اليوم التي تشمل اول عشرة آلاف من الاكثر فقرا تكلف 20 مليون دولار تأتي هبات، متى توقفت الهبات توقف البرنامج. هل سيسمح المجتمع بالتخلي عن أكثر من 10000 عائلة؟ هل يعرفون ما معنى ان تصرف عائلة دولارا واحدا في اليوم؟”.
واكد ان “خط الفقر مرتبط بكل الوزارات والإنسان مرتبط بكل جوانب الحياة، وبالتالي الصحة مرتبطة بالفقر، لذا اشار الى اننا نسمع صرخة الوزير قيومجيان بسبب تأخير سنتين في تسديد عائدات المستشفيات الناجمة عن استخدام بطاقات الفقر”.
واوضح ان “الهبة الأوروبية لمشروع الفقر لم تأت من لا شيء، بل ذهب وفد كنت من ضمنه الى بروكسيل واتهم اتهامات باطلة الى حد السعي لتوطين النازحين، وطالب يومها الاتحاد الأوروبي بدعم هذا البرنامج”، مذكرا رفضه أخذ القروض، بل اكتفى بالهبات كي لا تكلف الدولة أكلافا أخرى.
وتابع: “على كل وزير ان يقوم بصلاحياته فقط، وانا “شحدت” للناس وللشؤون ومستعد دوما لذلك. وزارة الشؤون تعنى بالفقراء طبعا ولكنها تعنى أيضا بالحالات كافة، فلو كان المرء غنيا وتعرض لحادث أدى الى شلل او كان لديه ولد مصاب بالتوحد أو غيرها من الحالات، فهو سيلجأ الى الوزارة، وستقف الى جانبه. قبل أن أترك الوزارة، قمت بتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، اي بيننا كوزارة “شؤون” وبين القطاع الخاص اي مؤسسات الرعاية “المذبوحة”. ولكن من الملح زيادة الدعم لها كي لا تتوقف عن العمل مثل مركز مريم في الكفاءات. اذا أردنا اليوم إحصاء كل حالات الإعاقة وغيرها هل يمكننا اعالتهم؟”.
وشدد على أن “وزارة الشؤون في حاجة الى موازنة أكبر من الحالية”، معتبرا أنه “إذا أردنا وضع الامور في نصابها فعلى وزارة المال ان تعنى فقط بالسياسة المالية، اما الحكومة مجتمعة فعليها ان تعنى بالسياسة العامة”.
وتحدث بو عاصي عن “المشكلة الكبيرة التي تواجهها الشؤون، واسمها سعر الكلفة، فهي تدفع على أساس سعر كلفة 2011، هذا السعر زاد الاعباء المالية على المؤسسات، والقانون ينص على تعديل سعر الكلفة كل سنة”. واعتبر ان “المطلوب مجموعة عناصر لتطبيق القانون، ولكن في البداية يجب ان يكون لدينا دولة قانون، وان تفرض روحية القانون أكثر من التطبيق”، مشيرا الى ان “الجيل الجديد يربى على قيم جيدة جدا، وانا مع ان تضرب الدولة بيدها لفرض القانون”.
وفي ما خص الهجوم على الجمعيات واتهام بعضها بالوهمية، شدد بو عاصي على ان “الجمعيات حاجة أساسية ولا يمكن للدولة ان تقوم بأي عمل من دونها”، متحدثا عن وضعه للأطر القانونية لهذا التعاون، ولكن واجه ذلك بحملة كبيرة على الجمعيات وعليه “بشعبوية معينة”.
واعتبر ان “الرصاصة الأولى التي أطلقت على سيارة الإسعاف الاجتماعية، اي الجمعيات، ربما كانت طائشة ولكن الثانية وما تلاها لا، مشيرا الى ان “الوزير قيومجيان أثبت أن لا وجود لأي جمعيات وهمية متعاقدة مع الشؤون”.
وتعليقا على انتقاد الجمعيات التابعة لزوجات سياسيين، قال: “على سبيل المثال السيدة منى الهراوي تقوم بعمل ممتاز في مركز مرضى التلاسيميا، والسيدة ريما فرنجية تعالج مرضى التوحد في مركزها، وهو الوحيد من نوعه في الشمال، بشكل ممتاز أيضا. فهل الخطيئة او الجريمة انهم زوجات سياسيين؟”.
وتطرق الى ملف النازحين، معتبرا أن “وصول النازح الى لبنان حصل بظرف عسكري وإنساني صعب وتم التعاطي معه بخفة كبرى، ونرفض إلقاء اللوم على احد، ولكن خلال سنتين وصل العدد الى مليون ونصف مليون نازح، وهذا امر خطير في لبنان”.
وركز على ان عودة النازحين تحتاج الى خطة تحظى بإجماع وطني كبير، مشيرا الى ان “التوطين الذي يحكى عنه اليوم ليس مطروحا، ولكن نحن امام إقامة شبه طويلة للنازحين، لذا يجب إعادتهم. والحديث الذي يتداوله البعض عن ضرورة التواصل مع دمشق يهدف الى الانفتاح على النظام السوري فقط. الوجود السوري او الفلسطيني في لبنان يشكل تهديدا حتى من دون توطين، والوجود السوري حديث أكثر من الفلسطيني ووضعهم يدفعنا للقول ان عودتهم سهلة أكثر من الفلسطيني. حزب الله كلف النائب نواف الموسوي والدولة اللبنانية كلفت الامن العام في ملف عودة النازحين، اين النتيجة؟ النظام السوري لا يريد عودة النازحين، وسيطلب من اللبنانيين ثمنا سياسيا لقاء عودتهم، لذا الأمر المرفوض من قبلنا كقوات لبنانية”.
ورأى ان “حزب الله لديه الكثير من الوعي السياسي ولكن لديه ارتباطاته الخارجية ايضا ولا يمكننا ان نعرف من يطغى على من في السياسة الداخلية، وحتى ان كان ذاهبا الى مواجهة خارجية يهمه حفظ ماء الوجه في الداخل، ولكن أعتقد ان الإيديولوجية هي التي تتحكم بسياسة حزب الله”.
وتوقف بو عاصي عند المجموعة الحكومية واصفا اياها بغير المتجانسة، واشار الى انه “من الطبيعي ان يكون لكل أحد منا ملاحظات ويحق له ان يطرحها وإلا سنصبح بسياسة جزر وليس وزارات. وطرحنا عددا من المواضيع مثل غيرنا خلال بحث الموازنة، فهناك 4 مصادر: مصاريف، المعاشات، خدمة الدين العام والكهرباء. عندما تكلمنا عن هدر الكهرباء قامت القيامة. في الدين العام، طرحنا ضبط المعابر لزيادة المداخيل، وضبط التوظيف بشكل واضح، كان لدينا سلة من الاقتراحات، قسم منها عاد وطرحها غيرنا من بعدنا ولكننا لن نتوقف عند ذلك”.