دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون رئيس البنك الاوروبي لاعادة الاعمار والتنمية سوما شاكرابارتي، في خلال استقباله اليوم في قصر بعبدا، الى “المساهمة في المشاريع التي اعدها لبنان لتحسين قطاع الخدمات العامة، لا سيما تأهيل شبكات الطرق والمرافىء ومطار رفيق الحريري الدولي، اضافة الى القطاعين الطبي والتعليمي”. واشار الى “ضرورة الاهتمام ايضا بقطاع الطاقة، لا سيما بعدما اطلق لبنان مؤخرا آلية التنقيب عن النفط والغاز في مياهه الاقليمية”.
واذ شدد الرئيس عون على “اهمية المؤتمرات المقررة لدعم لبنان، التي بدأ اولها اليوم في روما لدعم الجيش والقوات المسلحة اللبنانية والذي سيليه مؤتمر “سيدر” لدعم الاقتصاد اللبناني في باريس ومؤتمر بروكسل للاهتمام بالنازحين السوريين”، لفت الى “العبء الذي تركته التداعيات الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والصحية على الوضع العام في لبنان”.
وشرح رئيس الجمهورية لشاكرابارتي “ما تحقق حتى الان من مشاريع اصلاحية في لبنان ومحاربة الفساد واقرار قانون الموازنة والتركيز على الاقتصاد المنتج بدلا من الاقتصاد الريعي”، مبرزا خصوصا “اهمية تطبيق قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، الذي يشكل جزءا اساسيا من خطة النهوض الاقتصادية في البلاد”، داعيا البنك الاوروبي لاعادة الاعمار والتنمية الى “زيادة استثماراته وتحفيز القطاع الخاص على ذلك، اضافة الى المساعدة في حل ازمة الاسكان، خصوصا ان الهدف من القروض الاسكانية هو مساعدة ذوي الدخل المحدود”. واكد “ستكون للبنان خطة اقتصادية جديدة ومقترحات عملية تعرض على الدول والمنظمات المشاركة في مؤتمر “سيدر”.
شاكرابارتي
وكان شاكرابارتي اشاد ب”الدور الذي لعبه الرئيس عون في تحقيق المصالحة الوطنية واداراته الحكيمة لشؤون البلاد”، واضعا “امكانات البنك الاوروبي لاعادة الاعمار والتنمية لمساعدة لبنان في تطبيق خطة النهوض الاقتصادي”.
وابلغ شاكرابارتي الرئيس عون ان “البنك في صدد تعزيز مكتبه في بيروت لتقديم افضل الخدمات للدولة اللبنانية، لا سيما بعد الاجراءات المشجعة التي اتخذت في سياق الاصلاحات المعتمدة”، واصفا لبنان ب”الجوهرة بين دول المنطقة”.
وبعد اللقاء، اعرب شاكرابارتي في تصريح للصحافيين، فقال: “سعدت كثيرا بوجودي في لبنان، وذلك للمرة الاولى كرئيس للبنك الاوروبي لاعادة الاعمار والتنمية، ومنذ ان اصبح لبنان مساهما في البنك وفي اعماله داخل البلد السنة المنصرمة”. وأكد ان “لبنان مهم جدا للبنك وللمجتمع الدولي، ليس لانه يلعب دورا اساسيا في استقرار المنطقة فحسب، بل لانه يشكل ايضا مثالا للمصالحة الوطنية. وهذا ما كان محور بحث اليوم مع رئيس الجمهورية، لا سيما لجهة ما يقوم به مع الحكومة لتثبيت هذه المصالحة والتوافق بين اللبنانيين”.
اضاف: “لدى لبنان قدرة هائلة على النمو من خلال ما يتمتع به من ثقافة المساهمة، وقطاع خاص حيوي معروف عنه، ليس في الداخل فحسب، بل في الخارج ايضا. واعتقد ان هناك الكثير الذي يمكن البناء عليه في المستقبل. لدى البنك خطة استثمارية تمويلية للحكومة، ونتطلع الى مؤتمر باريس لتقديم مساهمتنا فيها”.
وتابع: “لقد اتممنا بعض الترتيبات، لدينا فريق صغير في لبنان سيزداد عدده، كما سيكون لنا مكتب في بيروت. واليوم، سنوقع اتفاقيتين ماليتين، واتوقع ان يكون امامنا امكانية للعمل اكثر في القطاع المصرفي، بالاضافة الى تقديم الدعم للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم. كذلك، اتوقع ان نعمل بقوة اكثر في بعض القطاعات التي تواجه تحديات، كقطاع الطاقة على سبيل المثال، لا سيما في مجال توليد الطاقة من الرياح، كما اتوقع ان نعمل على مشاريع اخرى، كالبنية التحتية التي تعتبر حاجة اساسية لتنمية البلد وللسوق في آن. واعتقد انه يمكننا ان نعمل اكثر بالشراكة مع القطاعين العام والخاص، لا سيما في ظل القانون الذي يرعى ذلك. واخيرا، بالنسبة لمشروع انابيب النفط في المستقبل، اود ان اعرب عن الرغبة في ان تكون لنا المساهمات في مجال الخدمات الاستشارية للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، لا سيما وان هذه الشركات ستكون بحاجة للدعم في مساعدة الاقتصاد”.
واردف: “علي القول بانني وكغيري من المراقبين الدوليين، ننظر باحترام الى ما يقوم به لبنان في مجال استيعاب ازمات المنطقة، لا سيما في قضية النازحين الذين يتدفق عدد كبير منهم الى اراضيه. واعتقد ان لبنان يقدم مقاربة متقدمة لاستيعاب هذا العدد الذي يشكل ضغطا على الخدمات العامة فيه، بالاضافة الى المياه والمياه المبتذلة والنقل العام.. لذلك، نحن نرغب بمساعدة المجتمع المضيف كما النازح على حد سواء. فالبنك، الذي يعمل منذ خمس سنوات في منطقة البحر الابيض المتوسط، قام باستثمارات بحوالى 7 مليارات يورو، بالاضافة الى 170 مشروع، ويمكن ان يحظى لبنان بالموقع المتقدم في استثماراتنا في المنطقة”.
الى ذلك، عرض الرئيس عون مع رئيس الجامعة اللبنانية البروفسور فؤاد ايوب اوضاع الجامعة والكادر التعليمي فيها.
واستقبل الرئيس عون، وفدا من “منتدى الشرق للتعددية” برئاسة الدكتور كميل الفرد شمعون، ضم، نائب الرئيس عادل حنين، امين السر غسان رستم، الامين العام انطوان قلايجيان وامين المال وديع مارون.
واطلع الدكتور شمعون اطلع رئيس الجمهورية على “النشاطات التي يقوم بها المنتدى وفقا لاهدافه المحددة، والمستقاة من مواقف الرئيس عون حول اهمية الوجود المسيحي في الشرق والجهود التي يبذلها تحقيقا لهذا الهدف ولجعل لبنان مركزا لحوار الحضارات والاديان والاعراق”.
ولفت الى ان “المنتدى يعمل على ابراز النموذج الاجتماعي الشرقي التعددي الفريد الرائد عبر التاريخ، وتأمين استمرارية الحضور المسيحي في الشرق”، مشيرا الى ان “المنتدى يعمل على تنظيم وتشجيع حج مسيحي الغرب الى الشرق باعداد كبيرة، اضافة الى المشاركة في مشاريع تنموية واقتصادية وشبك العلاقات الدولية بالاساليب التنظيمية والديبلوماسية وتوظيفها”.
ورأى أن “حوار الاديان في الشرق، يؤدي الى تعزيز النموذج الاجتماعي الشرقي الفريد”، معتبرا ان “المغتربين جزء من النسيج الاجتماعي الشرقي وهم شركاء ورواد في نشاطاته”.
ونوه الرئيس عون بعمل المنتدى، مؤكدا على “الدور الريادي المسيحي في الشرق واهمية التعددية”، لافتا الى “ضرورة التنبه الى ما يحاك ضد دول المنطقة من مؤامرات، لا سيما لجهة تقسيمها واستهداف الاقليات فيها”.
وفي قصر بعبدا، مطران السريان الكاثوليك المنتخب للدائرة البطريركية الخوراسقف شارل مراد على رأس وفد، وجه دعوة للرئيس عون لحضور القداس الاحتفالي بمناسبة سيامته يوم السبت 14 نيسان المقبل في كاتدرائية سيدة البشارة للسريان الكاثوليك في المتحف – بيروت.