أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، انه سوف يعمل “لرفع الحرمان عن المناطق اللبنانية كافة من دون تمييز، لان هذه المعاناة واحدة بالنسبة الى جميع اللبنانيين”، ودعا الى “معالجة التداعيات التي سببها الاقتصاد الريعي، وذلك من خلال الانتقال الى اقتصاد انتاجي”، وشدد على انه سيتعاون مع الجميع “لتحقيق هذه الاهداف التي يسعى اليها اللبنانيون”.
كلام الرئيس عون جاء في خلال استقباله قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، وفدا من “اللقاء التشاوري للمحافظات” برئاسة رئيس المجلس الوطني للاعلام المرئي والمسموع عبد الهادي محفوظ، الذي قال: “ان هذا اللقاء التشاوري يمثل كل الاطياف اللبنانية، ويلتقي على فكرة الدولة المدنية العادلة والقادرة وعلى المشترك بين اللبنانيين وتكريسه وعلى فكرة المواطنة الواحدة وليس الطائفة وفكرة العدالة الاجتماعية. وهو يثمن مواقف العهد الجديد، وتحديدا في مسألتين اساسيتين شكلتا منعطفا في الحياة السياسية اللبنانية، وكان بامكانهما ترك تداعيات على لبنان والمنطقة. المسألة الاولى معالجتكم لازمة استقالة الرئيس سعد الحريري، وهي معالجة ادت الى ولادة وحدة وطنية حقيقية مدنية، ومثل هذه الوحدة هي ثورة للبنانيين ينبغي الحفاظ عليها واعتبارها بوصلة هذا العهد، لانه خارجها تتولد الازمات والعلاقات الطائفية المتوترة، ووحده السلم الاهلي يمكنه خلق المناخات المؤاتية لفكرة المواطنة وتعزيزها”.
اضاف: “اما المسألة الثانية التي تعتبر سمة هذا العهد، فهي موقفكم من موضوع مدينة القدس، وهو موقف شرف كل اللبنانيين والعرب والمسلمين والمسيحيين، فلهذه القضية رمزية خاصة تشكل عنصر توحيد وراء فلسطين ومدينة القدس. جئنا من مختلف المناطق اللبنانية ونحن مقتنعون انه لا يمكن للبنان ان يسير على درب الخلاص الا بالوحدة الوطنية وبفكرة المواطنة والانماء المتوازن، خصوصا ان سكان الاطراف وتحديدا في عكار وباقي الاطراف اللبنانية، يشعرون بأنهم منسيون. ولذلك في عهدكم كلهم امل بأن هناك دولة لبنانية واحدة يهتم فيها المسؤولون بكل مشاكل المواطنين، وتحديدا في بعلبك – الهرمل وعكار التي نحمل رسالة من اهلها مفادها انهم شبه مطلوبين للعدالة بحق وبغير حق بعد صدور اكثر من 45 الف مذكرة توقيف بحقهم، وهو امر غير طبيعي. والجميع ينتظر منكم معالجة المسألة واسبابها ومنها البطالة وعدم تشغيل القطاعات الانتاجية وغياب البنى التحتية الى غيرها من الامور”.
وختم: “فخامة الرئيس، نحن نعتبر ان الوحدة الوطنية هي الاساس، والحرص عليها يفترض معالجة الامور والخلافات بحكمة، ونحن ندرك بأنكم شيخ الحكماء”.
ورد الرئيس عون مرحبا بالوفد، منوها ب”الفكر المنفتح الذي ينتهجه اللقاء التشاوري ويهدف الى جعل كل انسان مواطنا وليس ابن عشيرة، وحين ندرك ان كل فرد له قيمته الخاصة ويتمتع بحقوق يحصل عليها كانسان غير منتم الى طائفة، نصبح جميعا مواطنين”.
اضاف: “طرحنا موضوعين للسير بالدولة المدنية هما الغاء المذهبية السياسية من كل طائفة واعتماد الكفاءة، ووضع برنامج تربوي غير طائفي، يركز على مفاهيم الوطنية والديموقراطية والواجبات تجاه الدولة والتاريخ. وهي كلها مواضيع غير طائفية، مع احترام حرية المعتقد ورأي الآخر”.
وتابع: “اما بالنسبة الى الحرمان في المناطق، فاننا نحاول القيام بما يلزم لرفعه عن المناطق كافة من دون تمييز لان هذه المعاناة واحدة بالنسبة الى جميع اللبنانيين، انما علينا اعتماد معالجات للحد من تداعيات الاقتصاد الريعي الذي كان معتمدا سابقا والانتقال الى اقتصاد انتاجي، ومن المهم معالجته للوصول الى نظام اقتصادي جديد تستفيد منه كل المناطق في لبنان. بدأنا بخطوة اقامة مناطق صناعية في مختلف الاقضية والترخيص لها وتأمين الاستثمارات اللازمة وجذب المستثمرين، وهناك خطوات اخرى نحاول تطبيقها واحدة تلو الاخرى. نحن بحاجة الى تحرك اقوى لتحقيق هذه المرحلة الانتقالية، والخروج من الطائفية التي يتم اعتمادها حاليا، وهناك كفاءات لدى مختلف الطوائف، وانا سأتعاون مع الجميع للوصول الى هذا الهدف، كي لا يبقى حال الاستسلام للواقع”.
وشدد الرئيس عون على انه يلاحق شؤون المناطق الشمالية ومنها طرابلس حتى قبل وصوله الى الرئاسة، وانه لا يعتقد بوجود مناطق اطراف واخرى في الوسط، لان لبنان منطقة واحدة”.
وحول ازمة النازحين السوريين وطريقة حلها، اوضح الرئيس عون انه طرح منذ سنوات “استقبال لبنان للنازحين ذوي الحاجات الانسانية الملحة فقط، لان مساحة لبنان وعدد سكانه لا يسمحان باستقبال اعداد كبيرة كما هي الحال اليوم، حيث هناك اكثر من مليون و850 الف نازح سوري”.
اضاف: “ان لبنان يدرس اتخاذ سلسلة خطوات لمعالجة هذا الموضوع والحد من تداعياته، لا سيما وان لبنان لم يتلق اي دعم من الدول ويتحمل وحده نفقات رعاية النازحين”.
الى ذلك، استقبل الرئيس عون رئيس هيئة التفتيش المركزي القاضي جورج عطية وعرض معه عمل التفتيش، مركزا على “ضرورة تفعيل الرقابة التي يمارسها التفتيش بمختلف اختصاصاته لتأمين الانتظام العام في الادارات والمؤسسات ومنع المخالفات والتجاوزات”.
واستقبل الرئيس عون كلا من سفير لبنان المعين في تركيا السفير غسان المعلم ومندوبة لبنان الدائمة لدى الامم المتحدة السفيرة امل مدللي، لمناسبة التحاقهما بمركزي عملهما الجديدين. وزودهما بالتوجيهات متمنيا لهما التوفيق.
وفي قصر بعبدا، وفد موقع “tayyar.org” برئاسة المهندس باتريك باسيل، وذلك لمناسبة مرور 15 عاما على تأسيس الموقع.
وقد هنأ الرئيس عون أعضاء الوفد على “الجهود التي بذلوها لاطلاق الموقع واستمراره في خدمة الحقيقة ولبنان والتعبير بامانة عن حاجات اللبنانيين وتطلعاتهم”.