افتتح اليوم المؤتمر الدولي الخامس عشر للتشغيل والصيانة في الدول العربية، برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ممثلا بوزير الاشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس، تحت شعار “الصيانة الذكية في فندق هيلتون الحبتور غراند”، بمشاركة وزراء النقل العرب وبالتنسيق والتعاون مع المعهد العربي للتشغيل والصيانة ومجموعة “اكزيكون” الدولية.
وألقى فنيانوس كلمة قال فيها: “شرفني فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بتمثيله في حفل افتتاح المؤتمر الخامس عشر للتشغيل والصيانة في الدول العربية تحت شعار “الصيانة الذكية”، وأن أنقل إليكم تحياته ودعوته لكم بدوام النشاط والتقدم والإزدهار. إن العنوان لهذا المؤتمر إختصر بكلمتين متلازمتين التشغيل والصيانة، التشغيل بحاجة الى صيانة والصيانة أصبحت علما يحتاج الى تشغيل في قطاعات عديدة، وهي ليست مسألة عابرة أو عادية تأتي بعد تنفيذ مشاريع كبرى في دولنا، الصيانة أصبحت ملازمة لأي مشروع بدءا من دراسته وتنفيذه وصولا الى ما بعد التنفيذ”.
وأضاف: “البحث والمناقشة يؤديان الى الحقيقة أو يقاربانها … وبينكم من الاختصاصيين والفنيين من لهم الخبرة والمعرفة العالية، وما سوف ينجز في هذا المؤتمر لا بد أن يثمر في المستقبل القريب. إن مؤتمركم الدولي الخامس عشر الذي تعقدونه في حضور نخبة من أهل الخبرة والاختصاص هو محطة علمية وتقنية بارزة هدفها البحث عن الحقائق والمعرفة وصولا لتحقيق الأهداف المرجوة وتقديم نموذجا حديثا ومتطورا يحتذى به للتخطيط الهادف والفاعل لرؤى ومستقبل أفضل”.
ولفت الى أن “أعمال التشغيل والصيانة ونظمها تعتبر من القطاعات الهامة التي تساهم في تنمية الاقتصاد الوطني حيث تشكل المحور الأساس الذي بموجبه تتفاعل كل القطاعات وتتكامل لتشكل الدورة الاقتصادية الكاملة. وإذا كانت القوانين والتدابير المالية وحسن اداء الإدارة هي الوسائل الأساسية لتشجيع النمو الإقتصادي، فإن التجهيزات والمنشآت والمرافق العامة الكبرى وتأمين أنظمة الصيانة والتشغيل الخاصة بها تشكل هي أيضا عنصرا هاما لتعزيز موقع الأوطان”.
وأكد أن “تطوير أداء عمل وزارة الأشغال العامة والنقل وسائر الإدارات ذات الصلة يقوم على دراسة الجدوى الإقتصادية المتعلقة بمشاريع الصيانة وإعادة التأهيل وتنفيذ معايير جديدة مرتبطة بالصيانة الوقائية والدورية وتعزيز عوامل السلامة العامة وتحديد توقيت تلك الصيانة واستعمال الإستراتيجيات البديلة على أساس الكلفة والفعالية لتحديد برنامج العمل الأمثل”.
وأضاف: “إذا أردنا التطرق على سبيل المثال الى أعمال الصيانة والتأهيل لشبكة الطرق باعتبارها تلعب دورا أساسيا في توحيد البلاد وتدعيم المبادلات بين مختلف المدن مما يساهم في تعزيز النمو الإقتصادي والتقدم الإجتماعي، نجد أن إستراتيجية وزارة الأشغال العامة والنقل تكمن في تطوير آداء العمل بشكل يسمح بالإنتقال من برامج الأعمال السنوية الى العقود على أساس الأداء وذلك بعد إجراء مسح شامل لشبكة الطرق العامة وإعتماد المراحل التالية:
– تأهيل أقسام محددة من تلك الشبكة وتأمين أعمال الصيانة اللازمة لها خلال مدة العقد.
– تأمين أعمال الصيانة عبر العقود على أساس الاداء لأقسام شبكة الطرق المحددة وفق المسح الميداني”.
واعتبر فنيانوس انه “رغم الظروف التي يعانيها الوطن العربي وما تمر به بلادنا من إرهابٍ يفتك بالحضارات إلا أن مسؤليتنا الوطنية لا تردعها الأزمات بل تحفزها، وما اختيار بيروت لعقد هذا اللقاء إلا دليل على أمرين أساسيين متلازمين.
الأول: موقع بيروت وموقع لبنان الدولة التي ستبقى تستقطب ك المؤتمرات واللقاءات والنشاطات في مجالات مختلفة، الدولة التي تميز إنسانها بالنجاح والعطاء في كل النواحي مما يؤكد على دور لبنان الريادي في الفكر والحضارة.
الثاني: المحبة التي يتميز بها إخواننا العرب جميعا والتي يكنونها للبنان والتي ميزت علاقتهم بهذا الوطن على مدى عقود من الزمن، آملا أن تكون كل مناسبة تعقد وكل مؤتمر ينظم محطة جديدة لتكريس هذه المحبة وتأكيد التعاون بيننا جميعا في المنطقة العربية”.
وختم: “لا بد في الختام من توجيه كلمة شكر للمنظمين والمشاركين في هذا المؤتمر الذي نتمنى له النجاح والتوفيق للخروج بمفهوم جديد وعصري لدور أنظمة التشغيل والصيانة في التنمية المستدامة، وأقول أنتم لستم ضيوفا لأنكم في بلدكم وبين أهلكم فأهلا وسهلا بكم”.
وتلاه الامين العام للمؤتمر الدكتور زهير السراج، وقال: “صباح جديد في يوم جديد في دورة جديدة لهذا المؤتمر الذي يعيش رشده بعدما نشأ وترعرع ونضج لخمس عشرة دورة كون خلالها المؤتمر رصيدا زاخرا من النجاحات والانجازات كونه يتبنى المواضيع المتخصصة بمنظور يرتكز على ابراز الخبرات المكتسبة من واقع الممارسة وكذلك على القياس وفقا لمستويات الاداء المتميزة والمعايير العالمية وتسخير الاستفادة منها في بلداننا العربية عبر تقديمها في جلسات المؤتمر وحلقات النقاش وورش العمل التي يتضمنها برنامج المؤتمر، ناهيك بتبادل الخبرات وتفعيل التواصل بين مئات المشاركين من الدول العربية ونظرائهم اقليميا ودوليا”.
وأضاف: “لقد اتخذ المؤتمر في هذه الدورة الصيانة الذكية شعارا له لتوجيه طروحات المؤتمر ونقاشاته الى هذا الموضوع الذي اضحى عنوانا هاما ضمن باقة التطوير والتحديث لانظمة التشغيل والصيانة، خصوصا أن الكثير من المرافق والمنشآت والبنى التحتية في الدول العربية وصلت الى مرحلة اعادة التأهيل وكذلك في المشاريع الكبرى الجاري تنفيذها، فضلا عن اعادة اعمار المرافق والبنية التحتية في مناطق النزاع التي ندعو لله ان تنحسر قريبا وتشرق فيها شمس الهدوء والاستقرار، كل ذلك يشكل فرصة لاخذ متطلبات الصيانة الذكية عند تنفيذ تلك المشاريع، وسيجد المشاركون في المؤتمر ما يفيدهم في هذه المواضيع ضمن برنامج المؤتمر الذي يتحدث فيه نحو سبعين من الخبراء والاساتذة في الصيانة من اكثر من عشرين دولة”.
بدوره قال رئيس المعهد العربي للتشغيل والصيانة محمد الفوزان: “انها تقنيات جديدة وممارسات جديدة وتحديات جديدة. عالم جديد من التقنيات والمنتجات والخدمات والبرمجيات، مختلف تماما عما ألفناه من حيث النوع والسرعة والمجالات. في الموتمر الثالث عشر تحدثنا عن مقولة “تألمت فتعلمت فتغيرت”، فقط قبل عامين، اما الآن ففي كل يوم تحديث جديد على كل الصعد، لتصبح المقولة “تغيرت فتغيرت فتغيرت” هي الاقرب الى الواقع. ولكن المشكلة ان نوع التغيير المطلوب غير معروف ولا يمكن تحديده ولا مجاراته”.
وأضاف: “عندما نتحدث عن مهنة التشغيل والصيانة فإن تطوير القدرات في هذا المجال هو تحد كبير جدا، إذ إن التشغيل والصيانة ارتبطا بالتقنيات الجديدة أكثر من الصيانة، وبهذا فإن المسافة بين التشغيل والصيانة بدأت تكبر. كيف سوف نأسس لجيل من الكوادر للعمل في هذا المجال؟ وكيف يمكننا تضييق الفجوة بين التشغيل والتطور الحاصل في التقنيات وبين التشغيل والصيانة؟”
وتابع: “كنا وما زلنا نقول ان مخرجات التعليم لا تتواكب مع متطلبات سوق العمل، والآن نقول ان سوق العمل لا تتواكب مع متطلبات تطور التقنية. وهذه شريحة من وظائف المستقبل القريب والبعيد. عندما نتحدث عن مخرجات التعليم فقليل من الجامعات او المعاهد أخذت خطوات تحقيق متطلبات المستقبل، مثل تخصص ميكاترونكس او الميكانيك الكتروني Mechatronics، فلم تعد الاجزاء الميكانية هي المشكلة في تقنيات الغد حيث وصلنا الى اعلى درجات الموثوقية والاداء في تصنيعها وتشغيلها. انما اصبحت الاجزاء الالكترونية هي المحرك الاساسي لتقنيات المستقبل مع البرمجيات. ولو تكلمنا عن بعض التطورات الحاصلة في بعض المجالات مثل النقل او التحكم في اجهزة صغيرة لتقديم خدمات كبيرة ومن الامثلة الكبيرة التي تمس حياة كل المواطنين هي توليد الكهرباء وانتاج المياه. ويمكن ان نشاهد كيف يتم تسخير علم الفيزياء والكيمياء لتحقيق هذه الطقرة العلمية. هل كل كوادر التشغيل والصيانة الموجودة حاليا في مجال النقل قادرة على مواكبة التطور السريع في هذا المجال؟ سوف يحاضر عدد من المختصين للاجابة عن هذا التساؤل. وهل الكوادر العاملة في مجال التشغيل والصيانة في محطات او معامل انتاج الطاقة ومحطات التحلية قادرة على مواكبة هذا التطور السريع في هذا المجال؟ هنا قد استطيع الاجابة عن هذه التساؤلات في لقاء لاحق. اذا عندما نقول الصيانة الذكية ترى نقصد مجازا ان هناك صيانة غبية! بل من الغباء ألا نتحرك بكل طاقاتنا وجهودنا كلا في مجاله وسلطاته وحرصه وامانته لتحقيق هذا التحدي الكبير”.
بعد ذلك تم توزيع جوائز للفائزين بالجائزة العربية للتشغيل والصيانة وتكريم الجهات المتعاونة والراعية، ثم جال فنيانوس والوفود المشاركة على معرض الصيانة العربي.