الخميس , 26 ديسمبر 2024

ابراهيم : نمسك بالوضع لكن لا أمن 100% ولبنان في خط الدفاع الأول ضد الإرهاب وقدرات الشبكات التخريبية شبه معطلة

أكد المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، في حديث لمجلة “الامن العام” لمناسبة الذكرى الثاني والسبعين لتأسيس المديرية العامة للامن العام في 27 آب، “أن ما حققه الامن الاستباقي كان ثمرة حسن استخدام الصلاحيات ومضمون بنك المعلومات عدا عن التعاون مع الأجهزة الدولية الصديقة التي وجدت نفسها مضطرة لدعم لبنان باعتباره خط الدفاع الاول عنها في المواجهة مع الارهاب”.

ولفت الى “ان لبنان لم يتعاط يوما مع النازحين السوريين كإرهابيين، وان عودتهم الى بلادهم توفر الكثير من المخاطر السلبية”، مشددا على “اهمية الحوار مع السلطات السورية”. ولم يستبعد “احتمال استمرار وجود شبكات تخريبية في لبنان”، لافتا الى ان “قدراتها شبه معطلة، وان لبنان لم يسقط المفاجآت الامنية رغم اثبات الشعب اللبناني انه لن يكون بيئة حاضنة للارهاب”.

وعن انجازات المديرية، قال ابراهيم: “أستطيع القول ان هذه الانجازات الادارية ليست شخصية او فردية، انما هي نتاج عمل فريق. كل ملف له لجنة متخصصة تهتم به من الالف الى الياء. تتسلم المهمة منذ لحظة التكليف الى حين انجازها. يتولى رئيس كل لجنة من الضباط اطلاعي على ما ينجز يوميا لينطلق في عمله بالتوجيهات الضرورية. وقد ثبت بالفعل ان تقسيم العمل بهذه الطريقة التخصصية وعدم حصره بشخص، أيا تكن قدراته، ادى الى هذه النتائج الباهرة في وقت قياسي. بهذه الطريقة انجزنا اعمالا كثيرة رغم كل الانشغالات”.

اضاف: “من الطبيعي ان نضع مع بداية كل سنة برنامج عمل وفق اولويات نحددها، ونسعى الى تحقيقها. ان لم يتم تحقيق ذلك كاملا، فمعظمه وفق الاولويات المحددة سلفا، وقد تمكنا في بعض السنوات من انجاز 90% مما تقرر”.

وتابع: “عندما تسلمت مهماتي في المديرية العامة للامن العام سنة 2011 قمت بجولة على كل المكاتب والدوائر والمراكز، واطلعت عن كثب على طريقة عملها. لفتني يومها مركز التوقيف الموقت تحت جسر العدلية. في الحقيقة، شاهدت بأم العين الظروف السيئة المحيطة بحياة المساجين، وقررت يومها ان اقوم بعمل ما ينهي هذه الحال. بطبعي عندما اريد ان اقوم بأي عمل اسعى الى ان اكون انا المستهدف فيه. قلت يومها اذا جاء يوم وحكم علي ان اكون في هذا السجن، فهل اقبل او ارضى بان اكون فيه؟ هل اقبل العيش في مثل هذه الظروف؟ كان جوابي الطبيعي يومها بالنفي والرفض معا. اطلقت عليه يومها اسم “سجن العار”، وقررت فورا ان اقوم بما يلزم وبكل جد واخلاص لتغيير هذا الواقع والتخلص منه. فعلا، كنت اشعر بالخجل كلما طلب مني اذن بزيارة يقوم بها ممثلون عن المنظمات الدولية والانسانية الى هذا المركز، او تحديد موعد للقائهم مع ضباطه”.

واشار الى ان “مشكلة مالية واجهتنا في مرحلة من المراحل قبل تنفيذ المشروع”، وقال: “لجأت الى بعض الاصدقاء طالبا الدعم من موقعي الشخصي لا المهني، فجاءني الجواب ايجابا. عرضت المشروع على بعض المنظمات والسفارات فلم يتأخر عدد منها في تقديم الدعم المالي والتقني وتوفير التجهيزات الضرورية. تزامنا مع انطلاق الورشة والحاجة الى المزيد من المال كنت الجأ الى معالي وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي كان قد انشأ صندوقا في الوزارة لترميم اوضاع السجون الموضوعة في عهدتها وتحسينها وبناء اخرى على مستوى لبنان. لم يتردد معاليه في تقديم الدعم كلما طلبنا ذلك، وهو ما سمح باتمام المشروع وتجهيزه بافضل المعدات”.

واكد وجود “مشكلة الاكتظاظ في السجون التي نعاني منها كثيرا”. وقال: “نحن جهاز لا يوقف جميع المساجين بل المخالفين الاجانب الذين يحالون الينا. على عاتقنا تقع مسؤولية تسلم من دخلوا البلاد خلسة او خالفوا نظام الاقامة من مختلف القوى العسكرية والامنية من جيش وقوى امن داخلي وامن دولة. عليه اضطررنا اكثر من مرة الى ابقائهم في سجونهم ومراكز التوقيف لديهم الى حين تأمين المكان لاستقبالهم وتسوية اوضاعهم الادارية والقانونية. لا اخفيكم اننا نشهد في بعض الاحيان تدفقا يفوق قدراتنا وقدراتهم، فسجونهم ومراكز التوقيف لديهم تعيش المعاناة نفسها. مشكلة الاكتظاظ ضاغطة علينا جميعا، ما يقود الى التنسيق في ما بيننا لئلا تطول معاناة الموقوفين، وتوصلنا الى وضع جداول يومية لتقاسم هذه المهمة بشكل يمنع حالات الاكتظاظ لوقت طويل”.

وعن ردود فعل السفارات والمنظمات الدولية ومسؤوليها تجاه هذه الخطوات، قال اللواء ابراهيم: “عندما افتتحنا مركز التوقيف الموقت في ساحة العبد في حضور وزير الداخلية وجهت الدعوات الى ممثلي الجهات المانحة والمنظمات المحلية والاقليمية والدولية المقيمين في لبنان بالاضافة الى النواب اعضاء لجنة حقوق الانسان، ليشهدوا على هذا الانجاز الانساني والتثبت مما يوفره من شروط دولية معترف بها. كانت ردود فعلهم ايجابية للغاية. اخيرا زارني رئيس مكتب المفوض السامي لحقوق الانسان في الشرق الاوسط وشمال افريقيا التابع لمنظمة الامم المتحدة عبد السلام سيد احمد لنتبادل التهاني في ما انجزناه سويا على مستوى وضع مدونة السلوك الخاصة بعسكريي الامن العام وادارييه، وتعزيز حالة حقوق الانسان في الامن العام، بعدما اعتمدت في شكلها ومضمونها في معظم بلدان الشرق الاوسط، واعتبر انجاز رائد تخطى الحدود اللبنانية الى دول المنطقة. لما سألني عن مركز الاحتجاز الموقت لم اتردد في دعوته الى زيارته حيث اطلع على ظروف التوقيف، فاستحققنا بذلك التهنئة مرة اخرى. لذلك يمكنني القول ان ما كنا نخجل به على هذا المستوى بات موضوع فخر لنا وللوطن. وبعدما كنا نخجل بالمركز القديم بتنا نتباهى بالجديد بعدما ابعدنا عنه وصمة العار التي كانت تلاحقنا”.

وردا على سؤال عن اعتماد المديرية للامركزية الادارية، قال: “عندما يكون هدف اي مؤسسة خدمة المواطن، فإنه سيقابلها بمشاعر الامتنان والشكر، وهذا ما حصل معنا. وهو ما يفسره الترحيب والاستعداد لوضع المراكز في تصرفنا فانتشرنا في معظم المناطق وتولدت دينامية تواصل مع المواطنين على امتداد الوطن، وكانت البلديات والشخصيات والهيئات صلة الوصل في ما بيننا. قد يكون نقص التمويل وحجم قدراتنا سببا في قبولنا او لجوئنا الى المجتمع البلدي لمساعدتنا في انشاء هذه المراكز. علما ان هناك بلديات غنية ولها القدرة على انشاء المراكز وتجهيزها بالكامل فأدخلنا اليها العنصر البشري فقط، وهناك اخرى تقاسمنا معها هذه الاعباء. اشدد مرة اخرى على حجم الثقة التي ولدتها دينامية الاتصال بين الامن العام والمجتمع الاهلي والمدني التي انعشت دورنا الامني، وسمحت لنا ببناء بنك من المعلومات عززه شعور كل مواطن بأنه خفير في خدمة أمنه ومجتمعه. وهو ما جعلنا نستثمر هذه المعلومات ليس على المستوى الاداري البحت، انما على المستوى الامني ايضا”.

وعن تأثير النزوح السوري على العمل في المراكز، قال: “لا يمكننا ان نخفي ما عكسه النزوح السوري من ضغوط هائلة على مراكز الامن العام في اكثر من منطقة. اكثريتهم رغبوا في ترتيب اقامتهم والحفاظ على قانونية وجودهم في لبنان. وهو أمر تسبب في عدم قدرة باقي اللبنانيين والاجانب والسياح المقيمين في لبنان على اتمام معاملاتهم بالسرعة المطلوبة. لمواجهة هذا الوضع بدأنا تخصيص مراكز للنازحين السوريين سعيا الى توسيع نطاق خدماتنا. بالتعاون مع المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في الامم المتحدة انشأنا اربعة مراكز من عشرة مخصصة لاستقبال معاملات السوريين، نخطط لاقامتها لتبقى مراكزنا العادية قادرة على تقديم الخدمات للاخرين”.

وردا على سؤال عن الاهداف من مذكرات التفاهم والاتفاقات بين الامن العام ومعاهد وجامعات ومصارف ونقابات، قال: “طالما انني مؤمن بان هذا الجهاز قائم لخدمة الناس، لبنانيين ومقيمين على ارضنا ايا تكن جنسياتهم، من اولى واجباتنا تأهيل مهارات الضباط والعناصر المكلفين هذه المهمات وتعزيزها، وهو ما فرض علينا مثل هذه التفاهمات والاتفاقات لتطبيق البرامج التي تعزز هذه القدرات وتطوير اداء العسكريين لتقديم الخدمة في افضل الظروف. لا انسى هنا الاشارة الى مبادرة بعض السفارات لوضع خبرات بلدانها في تصرفنا، فتبادلنا واياها الخدمات والمهارات بشكل مفيد للغاية. لذلك نصر على القول اننا منفتحون على هذا النهج لأن التعاون والتكامل بين المجتمع المدني والاجهزة الامنية اكثر من ضرورة لتعزيز الثقة بين المواطن ودولته بشكل اكبر، تأكيدا على مبدأ ان الدولة واجهزتها الامنية تمارس مهمتها الامنية لتكون في خدمة المواطن وليس على المواطن”.

وعن حضور المرأة في الامن العام وهل تم بالصدفة ام بخطط مدروسة، قال: “في المبدأ، عند الاعلان عن اي دورة للامن العام، لا نخصص او نفصل بين الذكور والاناث، فهم وهن مواطنون ومواطنات، لهم ولهن الحقوق نفسها وعليهم وعليهن الواجبات نفسها. لكن ما هو طبيعي ان تكون المرأة غير قادرة على القيام او المشاركة في دورات امنية متقدمة في مهمات محددة كتلك التي نقيمها للوحدات الخاصة. اذا تمكنت من ذلك بقدراتها الجسدية لا نحرمها من هذا الحق. لذلك تبدو المشاركة النسائية في بعض مكاتب الامن العام الادارية حاضرة بقوة، فنحن ندرك ان ما لديها من مرونة يسهل لها القيام بادوار اخرى تتفوق فيها على الرجل”.

وعن التنسيق مع باقي الاجهزة واطلاق الامن العام نظرية الامن الاستباقي او الامن الوقائي، قال: “اود ان اقول من دون ان اكشف سرا، ان لدينا في الامن العام بنك معلومات عمره 72 سنة يمكن استغلاله في اي وقت على المستوى الامني. بالمزاوجة بين ما سمح لنا به الكتاب والقانون من صلاحيات، ومضمون ما نمتلكه من معلومات، وصلنا الى الامن الاستباقي. بموجب صلاحياتنا، نستطيع ان نتعاون مع مؤسسات كثيرة بحكم القانون من اجل مصلحة لبنان، وعلى كل مواطن ان يعمل الى جانب دولته من اجل الوطن وحمايته. اما في شأن التنسيق بين الاجهزة، استطيع القول انه اكثر من ممتاز في المرحلة الحالية. كقادة اجهزة نحن على تواصل يومي ان لم يكن وجاهيا، فعبر الهاتف او اي وسيلة اخرى تقتضيها ظروف العمل. طالما ان لكل جهاز خصوصيته، فالتنسيق في ما بيننا لا يعني ذوبان جهاز في آخر. لذلك نشجع الضباط والعسكريين من مختلف الرتب على التسابق مع الاجهزة الاخرى لتحقيق انجازات وتحقيق نجاحات”.

وبالنسبة الى المواجهة المزدوجة مع العدو الاسرائيلي والمجموعات الارهابية وتفكيك الشبكات الداخلية والخارجية المتورطة في هذه المواجهة، قال: “بالتأكيد لا ندعي تفكيك كل الشبكات كاملة، وما أستطيع قوله اننا مطمئنون الى ما انجزنا ونشعر بالسيطرة على الوضع الامني. ليس هناك بالمفهوم الامني ما يسمى أمنا مضمونا 100%، لا بل هو مستحيل. لذلك استطيع القول اننا نسيطر بنسبة مرتفعة، والدليل قائم في التوقيفات اليومية التي نقوم بها، وهو ما يدل على ان الشبكات التخريبية موجودة، لكن ما ثبت ان قدرتها على القيام بالاعمال الارهابية باتت شبه معطلة، كونها تحت الرصد المباشر للاجهزة الامنية. لست قلقا على وضعنا ربطا بما يشهده محيطنا. مقارنة بيننا والدول المشتعلة من حولنا يمكن القول ان وضعنا ممتاز. نحن نعرف انه كلما هزم الارهاب على المستوى العسكري المباشر، يلجأ تلقائيا الى العمل من تحت الارض، وهو ما يفرض علينا جهدا مضاعفا وتنسيقا اكبر بين الاجهزة. تأسيسا على هذه المعادلة، نقدّر من اليوم حجم المصاعب التي تواجهنا في المستقبل نتيجة انهزام داعش ومثيلاتها في العراق وسوريا، ونستعد للمرحلة بكل عزم لمنع اي ارتدادات لها على لبنان، وندعي من اليوم اننا واعون لهذه المخاطر ووضعنا الخطط للمواجهة اللازمة.

وردا على سؤال يتعلق بمفاجآت ام ان البيئة الحاضنة للارهابيين تقلصت او انتهت كما توقع اكثر من مرة، أكد “أننا لم نسقط المفاجآت يوما من قاموسنا. لكن ما يطمئننا ان الشعب اللبناني لم يكن ولن يكون بيئة حاضنة للارهاب. اذا اردنا الحديث عن معادلة طائفية، فالبيئة المسلمة كما البيئة المسيحية لم تكن حاضنة يوما للارهابيين ولن تكون. أنا على يقين من ان تكوين الانسان اللبناني يختلف عن تكوين اي انسان اخر في المنطقة. كنت دائما اقول وما زلت ان في داخل كل مسلم لبناني ثقافة مسيحية، وفي داخل كل مسيحي لبناني ثقافة اسلامية، وهذا التزاوج بين الاديان والثقافات جعل من اللبناني نموذجا فريدا جعله يجنح اكثر فأكثر نحو الاعتدال، وهو ما يبعد مجتمعنا عن الارهاب. لكن ذلك لا ينفي وجود اشخاص يمكن ان يشكلوا حالات ارهاب فردية، وهو امر يمكن ان يشهده اي بلد في اوروبا مثلا او في اي بلد في العالم. فهل تتوقع مثلا ان تتلقى من عائلة لبنانية اخطارا بأن ابنها يمكن ان يتحول الى مصدر شبهة، فيطلبون الينا التدخل والتثبت من ذلك؟ أليست هذه الظاهرة من العلامات المطمئنة الضامنة لتثبيت الامن وتعزيز الاستقرار؟ لذلك علينا هنا ان نحتسب حجم الثقة بنا لنصل الى مثل هذه المرحلة التي يتحول فيها المواطن خفيرا في خدمة الامن”.

وعن سؤال يتعلق بامكانية القول ان ثقة السلطات السياسية به في حجم ثقة المواطن، وهل انعكس يوما الخلاف السياسي حول بعض الملفات عليها، قال: “نحن اجهزة امنية وعسكرية نتمتع بثقة ودعم مطلقين من السلطة السياسية رغم كل الانقسامات حول بعض الملفات. الموضوع الامني مقدس بالنسبة الى السلطة السياسية وغير قابل للمزح ولا للتشكيك من اي مصدر”.

وعن كيفية الفصل بين النازح والارهابي، أجاب: “نحن لا نحكم على النازحين السوريين على انهم ارهابيون لا سمح الله. النازح هو نازح، لكن الظروف المعيشية والثقافية عدا عن خلفيات واسباب نزوح البعض منهم الى لبنان قد تحولهم الى ارهابيين وان من طريق الخطأ. التلاعب احيانا بعواطفهم وافكارهم يجعلهم ارهابيين. نحن لا نسقط من حساباتنا ان ظروف معيشة الانسان تحدد مساره في هذه الحياة بالاضافة الى ما يختزنه من ثقافة. لذلك لا نتجاهل ولا ننسى تحول بعض السوريين او الفلسطينيين الى ارهابيين، او ان تكون الشبكات الارهابية فلسطينية او سورية او من جنسيات اخرى. بعض اللبنانيين الذين تم توقيفهم ويا للاسف كانوا شركاء او رؤساء لبعض هذه الشبكات”.

أضاف: “من المؤكد ان عودة اللاجئين الى بلادهم في أسرع وقت ممكن سيوفر الكثير من هذه المظاهر السلبية ويخفف من مخاطر كثيرة. لا ننسى ان الفقر وسوء الخدمات يقودان الانسان الى التطرف والارهاب، وهما من اهم العوامل المشجعة على هذا التوجه السلبي. لاعطيكم مثلا على ذلك، اذا ذهبت الى مخيم عين الحلوة واطلعت على معاناة بعض الفلسطينيين لن تستغرب تحول البعض من سكانه الى ارهابيين. ظروف حياة البعض تدفعهم دفعا الى اليأس الذي يقود الى اماكن من المستحيل ان يصل اليها انسان عاقل. لذلك ألفت الى ان النزوح، كما شهدنا انعكاساته، له اكثر من مردود سلبي امني وصولا الى المردودين الاقتصادي والاجتماعي اللذين باتا يهددان العلاقة بين الشعبين اللبناني والسوري. ألم نسمع فخامة الرئيس ميشال عون يحذر قبل فترة من كل ما يؤدي الى الحقد والكراهية بين النازحين واللبنانيين”.

وردا على سؤال عما اذا غيرت عملية تسليم الارهابي خالد السيد من فصائل فلسطينية النظرة الامنية الى مخيم عين الحلوة، والى اي مدى يمكن استثمار هذا التعاون ليقود الى محطات ايجابية، أجاب: “بداية علينا عدم تجاهل حجم التعقيدات الفلسطينية الداخلية التي تترجم في عين الحلوة. لذلك فإن كيفية استثمارها لتكون في مصلحة الامنين اللبناني والفلسطيني في ذاته. حرصنا على أمن اللبناني يوازي حرصنا على الامن الفلسطيني. وهو أمر يدفعنا الى البحث عن صيغة تمنع تحويل المخيم الى بؤرة ارهابية تنعكس ظلما في حق الشعب الفلسطيني والامن اللبناني ايضا، كما بالنسبة الى منع تحوله مخيم نهر بارد آخر، وهو ما يدفعنا الى التعامل مع هذا الملف بهدوء وحذر منعا لتشريد مئة الف داخل المجتمع اللبناني”.

وعما اذا استمرت الاعتداءات على الجيش ونمت فيها المجموعات الارهابية، فهل يخشى من تحول مخيمات النازحين السوريين الى نهر بارد جديد، واذا كان هناك ما يبرر هذا القلق، قال: “حتى الان على المستوى الامني ليس لدينا مثل هذا الخوف. لكن ذلك يمكن توقعه اذا ما طال امد هذه المخيمات وترسخت فقد تتحول مصدرا للمشاكل والارهاب، وفي حال العكس قد تتحول هذه المخيمات قنابل موقوتة”.

وردا على سؤال يتعلق بالدور الذي يمكن ان يلعبه الامن العام في ملف عودة النازحين السوريين؟ وهل ما يملكونه من قيود وسجلات من شأنها تسهيل هذه العودة، أجاب: “من المؤكد ان الامن العام بما يملك من صلاحيات ومعلومات تتصل بملف النزوح، لا بد من ان يكون له الدور الاكبر في عودتهم الى سوريا. انه أمر طبيعي للغاية ونحن نتابع قضاياهم على كل المستويات. النازح في عهدتنا منذ لحظة دخوله الى لبنان، ونحن من يتابع تفاصيل اقامته ووضعه السكني. كل هذه المعلومات هي في عهدتنا”.

وعن وجود معلومات دقيقة عن عدد النازحين السوريين في لبنان، وهل تتناقض الارقام مع ارقام المنظمات الدولية، قال: “وفق معلوماتنا لدينا حوالى مليون ونصف مليون سوري. منهم مليون ومئة الف مسجلون لدى مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين. بالاضافة الى هؤلاء هناك من لا تنطبق عليهم صفة النزوح التي تحددها معايير الامم المتحدة ما يرفع العدد الى مليون ونصف مليون بين مقيم ونازح. اضف اليهم ما يقارب مئة الف دخلوا لبنان خلسة. لمعالجة هذا الوضع ندعو الرعايا السوريين بين فترة واخرى الى مراجعة مراكز الامن العام لتسوية أوضاعهم من ضمن فترة سماح لنحد من عدد المقيمين خلسة والمخالفين لنظام الاقامة”.

وعن عدد الفلسطينيين، أوضح أن “عدد المسجلين لدينا يقارب 425 الفا، وفيما نعتقد ان بعضهم ترك لبنان، اللافت ان لدى وكالة غوث اللاجئين احصاء يتحدث عن 425 الفا ايضا”.

وعن المدى الذي بلغه التنسيق مع أجهزة الاستخبارات الدولية، وما الذي حققه لبنان على مستوى مواجهة الارهاب الذي تجاوز كل حدود الدول والقارات، وهل يمكن القول اننا سجلنا تقدما على بعض الاجهزة، وكيف تم استثمار ذلك، أجاب: “عندما ألتقي بأي مسؤول أمني دولي زائرا كان او مقصودا، اصر على القول ان لبنان عند اول خط في المواجهة مع الارهاب، لا بل هو في خط الدفاع الاول عن امنهم وامننا. لذلك فإن مساعدة لبنان واجب ليبقى في موقع المقاوم الاول درءا للمخاطر التي تواجهنا وتواجههم في آن. الكثير من العمليات التي قمنا بها شكلت دفاعا عنا وعنهم ايضا، وان مساعدتنا على المستوى اللوجستي واجبة الوجوب وضرورية للغاية وهي استثمار لمصلحتهم كما هي من مصلحتنا. نحن من موقع جغرافي فرضت علينا هذه المواجهة مع الارهاب وهزمناه في اكثر من مكان وزمان. وهو ما فرض علينا وعليهم سواء كانوا من العرب ام من الغرب تنسيقا غير مسبوق. فهم يدركون عبر مساعدتنا انهم يوفرون عليهم الكثير من المواجهات المتوقعة. لذلك استطيع القول ان التنسيق يومي، وكلما دعت الحاجة وبكل الوسائل المتاحة. لا اكشف سرا اذا قلت اننا على اتصال مباشر مع عدد من قادة الاجهزة الامنية في المنطقة والعالم. خطوط التواصل مفتوحة بشكل دائم متى استدعت الامور ذلك”.

وردا على سؤال يتعلق بحجم تفهمهم لحاجات لبنان التقنية المتطورة، وكيف يترجمون ذلك، أكد أنه “في كل زيارة أقوم بها الى الخارج أو يزورني أي من المسؤولين يسألون عن حاجاتنا فيفاجأون بأننا واعون ومنظمون، نعرف ما نريد وما نحتاج اليه من تجهيزات تقنية وغير تقنية لتطوير قدراتنا. نحن نواكب آخر ما تم التوصل اليه من تقنيات في العالم. ولأننا نعرف قدرات من نتعاطى معهم، نعرف ما نطلب لنجد التجاوب الذي نتوقعه في الكثير من الاحيان”.

وعن امكانية جهوزيته لتولي اي وساطة تطلب منه تسهيلا لعودة النازحين السوريين رغم الخلافات السياسية الحادة في هذا الملف، واذا كان يعتقد ان هذه العودة ممكنة من دون التنسيق مع النظام السوري، أجاب: “من دون شك سبق ان أشرنا الى حجم الضغوط التي تسبب فيها النزوح السوري على كل المستويات في لبنان وصولا الى الشق الامني. لذلك أنا جاهز للقيام بأي مهمة يتم تكليفي اياها من السلطة السياسية. ليس لدي محرمات من التكلم مع احد من اجل حل يخدم مصلحة لبنان. انا مستعد لاستثمر علاقاتي التي بنيتها على المستوى الامني مع كل زملائي في الاجهزة الامنية في المنطقة والعالم، في خدمة مصلحة لبنان العليا. اذا كلفتني السلطة السياسية هذا الملف أعتقد جازما ان لدي الكثير من المعطيات التي تؤدي الى النجاح في هذه المهمة”.

والى اي مدى يرى ان الحوار مع سوريا ممكن ان يكون محصورا في هذا الملف فقط، أجاب: “ليس سرا القول انني على تواصل مع السلطات السورية على المستوى الامني وهو امر معلن، وان زياراتي الى سوريا قائمة، والتنسيق مع السلطات السورية يتم تداوله في وسائل الاعلام”.

وشدد على أن “أي حوار مجد. اغلاق باب التواصل والحوار لا يؤديان الى حل اي ملف ولن نصل من دونهما الى اي نتيجة. الظروف السياسية هي التي تسمح او لا تسمح بذلك، وهو أمر أتركه للسلطة السياسية. هي التي تقدر وليس أنا. لكنني اقول ان الحوار هو الطريق الوحيد والاقصر الى حل كل المشاكل الامنية”.

وعن تقييمه اليوم للاوضاع السياسية والبلاد تتجه الى اجراء الانتخابات النيابية الفرعية والعامة، أجاب: “صحيح أن أعمدة السلطة الدستورية اكتملت منذ انتخاب فخامة رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة وعودة الحركة الناشطة الى مجلس النواب. لذلك يصح القول ان الدورة الدستورية في لبنان باتت مكتملة وليست ناقصة، ومعها الدورة الامنية ايضا. مما لا شك فيه ان هذه الحيوية السياسية الموجودة في البلد تؤمن استقرارا سياسيا ينعكس على الاستقرار الامني في النهاية. هنا أرغب في الربط بين السياسة والامن. ما يثير الارتياح ان المؤسسات الدستورية تؤمن لنا غطاء كافيا للقيام بأي عمل أمني بارتياح. خير دليل جاء في ردود الفعل السياسية بعد العملية التي قام بها الجيش في عرسال ووفاة أربعة موقوفين والتي أظهرت من دون أي شك حجم الثقة والغطاء السياسي المتوافرين للقوى العسكرية. فهو غطاء مطلق يريحنا ويشجعنا على المضي في المهمات التي أوكلت الينا. العام الماضي كان الوضع السياسي مختلا، ولم يكن لدينا رئيس للجمهورية، والمقارنة بين اليوم وتلك الفترة تدفعني الى القول أننا في أحسن أحوالنا. اعتقد ان انجاز الانتخابات النيابية في الفترة المقبلة سيعزز القول أيضا أننا نعيش حياة ديموقراطية تفتقدها دول كثيرة في المنطقة. وهذه هي نقطة قوة تعزز السير في اتجاه المزيد من الاستقرار في البلد. بالتأكيد ستبقى لدينا خلافات سياسية. الحق في الاختلاف مسموح ومشروع ومرحب به من ضمن المؤسسات وتحت قبة البرلمان وتحت سقف مجلس الوزراء”.

وردا على سؤال يتعلق بالذي تغير وما الذي يضمن باستمرار هذا الغطاء السياسي، واذا كانت ذكرته بعض ردود الفعل على حادثة عرسال بما شهدناه في عامي 2013 و2014 عند توقيف شادي المولوي، وهل يمكن أن يهتز هذا الغطاء في أي لحظة، أجاب: “أبدا، العودة الى تلك الفترة تثبت ان استهداف الاجهزة الامنية كان لتسجيل نقاط متبادلة بين السياسيين وفي ما بينهم. كان هناك انقسام حاد جدا في البلد ولم يكن هناك رئيس للجمهورية وافتقدت الميثاقية في مكان ما. اما اليوم فالظروف مختلفة تماما، فالعقد الدستوري المكتمل يوفر لنا الغطاء السياسي الذي لم يكن قائما للقيام بعملنا على اكمل وجه. لم يعد التشكيك قائما في عمل الاجهزة الامنية او السياسية، وهو أمر يمكن ملاحظته في السياسة وعلى مواقع التواصل الاجتماعي. كما أن استمرار البعض في توجيه الانتقادات الى الجيش او الامن العام او الامن الداخلي او امن الدولة يعبر عن وجود حرية رأي في لبنان. في النهاية اللبنانيون احرار وحرية الرأي مصانة”.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام

عن Editor1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *