أطل الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله، عبر “قناة المنار”، وألقى كلمة في مناسبة “يوم الجريح”، تطرق خلالها إلى عدد من القضايا وتحديدا عند الموضوع المحلي. وأشار نصر الله الى “فقدان عدد من الأخوة والأصدقاء بسبب كورونا أو غيرها من أسباب المرض”، مقدما التعازي إلى عائلات الشيخ أحمد الزين وأنيس النقاش والمسؤولين من كوادر “حزب الله”: الشيخ أحمد قمر والشيخ عباس حرب، وموضحا: “سيكون لي مناسبات خاصة للحديث عنهم”.
ورأى أن “في صراع الحق والباطل لا مكان للحياد”، لافتًا إلى ان “عدد الجرحى كبير في مسيرة حزب الله منذ العام 1982، ولم يتخلفوا عن هذه المسيرة، ومنهم من كان يعود الى ميادين القتال بعد تضميد جراحهم، وفي كل مساحات العمل، ولهم تأثير عال في هذه الميادين”. وأضاف: “ثمة جرحى من زمن الاحتلال الاسرائيلي ومن تفجيرات التكفيريين”، ونوه بـ “وعي هؤلاء الجرحى وبإيمانهم أن جراحهم كانت في المكان الصحيح”. وندد بالجماعات التكفيرية المسلحة ومن هم الذين يدعمونها ويسلحونها ومن خلفها”، داعيا إلى الأخذ في الاعتبار ما أتى من اليمن في شأن اهتمام رئيس الاستخبارات الأميركية، وطلبه من الرئيس اليمني السابق إطلاق قائد كبير في تنظيم القاعدة، وكيف استفادوا منه ثم قتلوه”…
وتابع: “بدأت الوثائق تظهر في شأن دور المخابرات الأميركية في إطلاق معتقلي القاعدة وداعش لدى تنظيم (قسد) في شرق الفرات في سوريا”، محذرا من “تسهيل حركة هؤلاء في مناطق في سوريا والعراق”، ومعتبرا أن “تسهيل الاميركي لهؤلاء إنما لتسهيل بقائه في المنطقة ولحماية أمن اسرائيل”.
بعد ذلك انتقل نصر الله للحديث عن الوضع الداخلي فقال: “نعيش اليوم أزمات سياسية واقتصادية وأزمة نظام”، داعيا الى “التصرف بعقل وحكمة ومسؤولية وطنية وخلقية”، موجها دعوة إلى وضع سقف يقضي بعدم الذهاب الى اقتتال داخلي، ملمحا الى “وجود من يعمل لقيام حرب اهلية في لبنان، كما فعلوا في سوريا والعراق واليمن”، مذكرا بمحاولات جرت من قبل ولكنها فشلت.
وكرر دعوته إلى “عدم الاندفاع أو السماح لأي طرف بالاندفاع الى حرب أهلية”.
وأوضح أن “الحرب الأهلية لا تحتاج إلى صواريخ دقيقة، وإنما إلى كلاشينكوف ومضادات وهذه الأسلحة متوافرة عند غالبية اللبنانيين”، كاشفا عن ان “قرار حزب الله بفصل أي فرد ينتمي إليه إذا أطلق الرصاص في المناسبات مهما كان تاريخه الجهادي”.
وأعلن أن “حزب الله لا يمكن أن يلجأ إلى السلاح من أجل تشكيل حكومة أو حل أزمة اقتصادية”، وانتقد “من يزايد في الكلام ولا يعمل على حل الأزمة، وإنما على تصفية حسابات لا أكثر”. وذكر أن “حزب الله هو من الصنف الذي يسعى إلى إيجاد حلول لهذه الأزمة لأنها مسؤولية وطنية وخلقية ودينية”. وعرض لأسباب الازمة “المزمن منها والحالي”، مستغربا “اتهام (حزب الله) بانه سبب الأزمة، وليس العدو الذي احتل وعطل البلد لسنوات، وكذلك السياسات المصرفية وتجميد الودائع وانفجار المرفإ، والثغرات في نظامنا السياسي وصعوبة معالجة هذه الثغرات لتدارك الاتهام بالتسبب بمحاولة تغيير النظام”.
وتابع: “كذلك من أسباب أزمتنا الحالية الضغط الأميركي المالي على الدولار”. ورفض “رفضا قاطعا اتهام سلاح (حزب الله) بأنه سبب الأزمات الحالية وتساءل: “هل نحن من سرق، أو عمل هندسات مالية، أو أضعف الزراعة والقطاعات الانتاجية الخ”… ورأى أن “لإيجاد حلول يجب ان يصار الى معالجة هذه الأسباب المذكورة”.
وشدد نصرالله على “التخفيف من تيئيس الناس على رغم صعوبة الوضع، ولكن يجب ألا يعيش الناس في الأوهام”، مؤكدا أن “ما نحن عليه من أزمات إنما هو نتاج عشرات السنين”.
كما وشدد على “ضرورة تنفيذ التدقيق الجنائي والاصلاح لمنع الإهدار والسرقات من القروض التي ستأتي”، لافتا الى “عدم وجود هبات مقبلة إلا القليل منها”.
وعن تشكيل الحكومة قال: “نحن قبلنا حكومة اختصاصيين ولن نتراجع”، موجها نصيحة إلى الرئيس المكلف قائلا: “ثمة أمور تحتاج إلى جرأة في المعالجة واتخاذ القرار، ومنها مسألة عدم الذهاب إلى الصين خوفا من الأميركيين ومثلها الشراء من إيران وروسيا أو التعاطي مع سوريا”. وألمح إلى “أن المطلوب هو الوقوف على ما تريده أميركا، يعني لا حياد”.
وأضاف: “ثمة قرارات أمام الحكومة المقبلة، ومنها التفاوض مع صندوق النقد الدولي”، متسائلا: “من يمكنه تحمل نتائج قرارات الصندوق، كتحرير سعر العملة، أو رفع الدعم، أو القاء عشرات آلف الموظفين في الشارع؟”. وقال: “هل حكومة الاختصاصيين تستطيع ان تحمل نتائج هذه القرارات؟”. ووجه نصيحة إلى الرئيس المكلف: “يا دولة الرئيس، بدك حكومة تشيل معك كتف، وكرة النار لا يمكنك حملها لوحدك”. وطالب بإعادة النظر بطبيعة الحكومة وماهيتها وهويتها، وذلك بأن تشكل حكومة تكنو-سياسية ولا تسمح لأي طرف بالهروب من المسؤولية، أو أن يقف على التل، لأن بكل صراحة، اذا لم تحم حكومة الاختصاصيين القوى السياسية فلن تصمد”. وجدد مطالبته الرئيس المكلف بالـ “تحدث إلى كل القوى قبل الاثنين لكي يتحمل الجميع المسؤولية”. وشدد على عدم تراجعه عن “الموافقة على حكومة اختصاصيين ولكن اكد انها لن تصمد اذا لم تحم سياسيا”.
وألمح نصرالله إلى أن “إذا كان (حزب الله) وهو حزب كبير ويمثل شريحة واسعة من الناس خارج الحكومة ولم يوافق على أحد قراراتها فما الذي يمكن ان يحصل؟”، مبديا استعداده مجددا للحصول على مواد كالفيول والغاز وغيرها من إيران وبالليرة اللبنانية”. وزاد: “إذا استمر التأزيم فثمة خيار لتفعيل الحكومة الحالية”، مشيدا بالرئيس حسان دياب ووطنيته، أو في الحل الثاني وهو التفتيش عن حل دستوري يتم خلاله مراعاة التوازن الطائفي.
وحمل نصرالله حاكم مصرف لبنان “مسؤولية إيجاد حل للأزمة القائمة في شأن ارتفاع سعر الدولار”، وقال له: “يمكنك فعل ذلك حتى في حال عدم وجود حكومة، كما وإنها مسؤوليتك، وانت قادر على ذلك، فعليك التوضيح واتخاذ القرار وإلا ما هو مبرر وجودك في المنصب؟”.
ورأى أن “قطع الطرق لا يساعد في حل الأزمة بل يعمقها”، محملا قاطعي الطرق “مسؤولية وضع البلد على حافة حرب أهلية”. وأضاف: “من يقطع الطريق هو شريك في سفك الدماء وإذلال الناس، ولا يجوز ان يستمر، وهو شريك في المؤامرة”. وسأل:” عن أي وطنية وأخلاق تنقطع الطرق في حين أن الجيش يقف مكتوفا، والناس تعيش في حالة ضغط”، مطالبا بعدم السماح بقطع الطرق”. وشدد على “مطالبة الجيش بفتح الطريق”، وقال: “إذا لن يكون ثمة حل في مسألة فتح الطرق، فسيكون للحديث صلة”.
وعما يثار عن رواتب أفراد “حزب الله” بالدولار قال: “ثمة كثر في الحزب متطوعون، ولكن ثمة شريحة تتقاضى بالدولار، ولكنني اعرف ايضا حجم الديون على بعض هؤلاء لأن رواتبهم بالدولار لم تكن مرتفعة”. وكشف عن “تبرع بعضهم من راتبه كمساعدة عندما ارتفع سعر الدولار”. ودعا الإخوة والأخوات إلى “اعتماد المبادرة لمساعدة ذوي الأرحام والجيران”، وكذلك دعا “كل الذين يتقاضون بالدولار إلى التبرع بجزء لصندوق سنقيمه لمساعدة المحتاجين”.
وشدد في كلمته على ان “إذا وصل البلد الى جوع حقيقي، فسنتخذ إجراءات لن أفصح عنها الآن لأننا نريد انقاذ شعبنا وحمايته من تدخلات بعض الخارج والداخل”.